رأي ومقالات

د. عبدالوهاب الأفندي : دروس عراقية للسودان ومصر


[JUSTIFY](1) في وقت سابق من هذا الأسبوع، أصدرت اللجنة العليا التي شكلها الاتحاد الافريقي حول الحالة المصرية تقريرها النهائي، وأكدت فيه على ما يعرفه الجميع من أن الوضع السياسي في مصر ما يزال يعاني من أزمة كبرى في مجال حقوق الإنسان، وأن الانتخابات الأخيرة تمت في ظروف غير ملائمة بسبب الاستقطاب الحاد وفقدان الشفافية وحالة الإقصاء. ودعت اللجنة النظام في مصر إلى إصلاح نقائص وأخطاء الانتخابات الرئاسية في الانتخابات البرلمانية القادمة، مؤكدة أنه لا بديل عن المصالحة الوطنية. وأوصت اللجنة برفع تجميد عضوية مصر رغم عدم وفائها الكامل بمتطلبات الانتقال الديمقراطي، على ألا تعتبر هذه سابقة، وعلى أن يتواصل الحوار مع مصر حول وفائها بمتطلبات الانتقال.

(2) في نفس الأسبوع، وبعد أن شهد العراق انهيار جيشه، تقدمت حكومة نوري المالكي رسمياً بطلب تدخل أمريكي لإنقاذ بغداد من السقوط في أيدي المجموعات المسلحة المناوئة لحكمه. وكان المالكي قد انتهز من قبل فرصة رحيل القوات الأمريكية ليقوم بعد يوم واحد من رحيلها بتوجيه تهم الإرهاب إلى نائب الرئيس طارق الهاشمي، ويبدأ مرحلة هيمنة طائفية على الحكومة بعد أن أعجز المرض الرئيس عن ممارسة مهامه وتم تجميد البرلمان بسبب الطائفية. وهاهو الآن يتوسل إلى إيران مرة وإلى أمريكا مرة لإنقاذه. وهكذا نهايات الجبابرة والمتجبرين: يبدأون بالتأله وينتهون بالمذلة والعبودية.

(3) قبل ذلك كان الجيش العراقي الموصوف بأنه الرابع في العالم قد تبخر في الهواء مع الاحتلال الأمريكي، وتحول الجيش السوري إلى ميليشيا تستعين بميلشيات أجنبية لمجرد حماية معسكراتها. وفي عام 1991، وصلت معظم عناصر الجيش الثاني الاثيوبي المحتل لاريتريا، وعديده كان يزيد على مئة وعشرين ألفاً، إلى الحدود السودانية بكامل أسلحته، بما فيها الأسلحة الثقيلة والدبابات، وسلم نفسه وكامل أسلحته للجيش السوداني الذي لا يزيد على نصف عدده كثيراً، وذاب في الهواء أيضاً.

(4) خلال الأشهر القليلة الماضية، سجل الجيش السوداني غياباً شبه كامل عن الميدان العسكري والسياسي، ولعل الأصح أن يقال شهد تغييباً. وأصبح الحاضر في كل مكان ما يسمى بقوات التدخل السريع، وهي ميليشيا الجنجويد التي اشتهرت في دارفور بكبائر شهد عليها العالم كله، وبسببها تم إصدار أمر قبض على الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة الإبادة وارتكاب جرائم حرب. ولكن هذه الميليشيات في طبعتها الجديدة أصبحت تتولى كل مهام الجيش في القتال الميداني في مسارح العمليات، وأخيراً حتى في حماية العاصمة الخرطوم. وقد ارتفع مستوى الغضب والحنق لدى ضباط وجنود الجيش إلى أقصى مستوى، خاصة وأن هذه الميليشيات أصبحت توقف العسكريين وهم في زيهم الرسمي على حواجزها حول العاصمة وتقوم بتفتيشهم إمعاناً في الإذلال. وهكذا انتقل السودان من حكم التنظيم السري إلى حكم الرجل الواحد والآن إلى حكم ميليشيا الجنجويد!

(5) هناك فرق مهم بين الجيش والميليشيا، كما هناك فرق جوهري بين الدولة والعصابة. فالجيش مؤسسة تعمل في خدمة الدولة في إطار القانون، ولا تعمل لحسابها أو لحساب فئة أو فرد. والدولة هي مؤسسة تخدم مصالح جميع مواطنيها وتعمل تحت سلطة القانون. ومهمتها عبر جيشها ومؤسساتها- الحفاظ على كيان الدولة والسهر على العدالة ومصالح الشعب. في كل من مصر والسودان والعراق وسوريا، جرت محاولات مستميتة لتحويل الجيش إلى ميليشيا، أو تهميش الجيش لصالح ميليشيات، وذلك بعد أن سقطت الدولة في يد فئة اصبحت تتصرف كعصابة.

(6) مصير مثل هذه الكيانات هو الانهيار السريع، كما شهدنا في العراق وسوريا واثيوبيا، وسنشهد قريباً في مصر والسودان، ما لم يتم تدارك الأمور بصورة حاسمة. وفي كل هذه الدول، من واجب الجيش قبل غيره أن يتحرك بحسم لإعادة الأمور إلى نصابها، بدءاً من إعادة الاعتبار إلى الجيش وحمايته ممن يريدون تحويله إلى ميليشيات تخدم القوى الخارجية أوالمصالح الفئوية، وغالباً الاثنين معاً كما هو حال مصر المنكوبة.

(7) ليست للشعوب أعمار تضيعها في تجريب المجرب. وقد أهدرت الأنظمة البالية في هذه الدول العربية وغيرها أقدار أجيال بكاملها عبر القهر والفساد وإهدار الموارد والهوس الايديولوجي والحروب العبثية والتيه السياسي. ولا يمكن لأي من هذه الدول أن تعيش مرة أخرى نفس تلك المراحل المأساوية وتتجنب في نفس الوقت الانهيار الكامل والتمزق.

(8) يمكن أن يقول القائل إن باطل واقع هذه الدول زائل لا محالة. فالأنظمة الطائفية تدمر نفسها بنفسها على المدى الطويل. وهذا صحيح بالطبع. ولكن هذا لا يحدث في الغالب قبل تدمير البلاد بكاملها، وكثير مما حولها كذلك، كما شهدنا في عراق صدام ونشهد اليوم في سوريا. وقبل ذلك شهدنا ذلك في إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية واثيوبيا ورواندا، والكونغو الديمقراطية، إلخ. فمن العقل اختصار المسافة، وتجنب إهدار الأعمار والأجيال، عبر تحرك حاسم لإنهاء المهازل. وعلى كل الشرفاء في هذه البلاد التوحد، والتحرك الحاسم لتخليص البلاد من هذه المصائر المظلمة، ومن دون تأخير أو لجلجة، وبكل ما يحتاجه الأمر من حسم، لأن البدائل لا تحتمل التفكير فيها.

(9) مثّل التحرك الافريقي طوق نجاة محتملا لمصر، وقبل ذلك للسودان. ولكن دولتي وادي النيل لم تتعاملا بالجدية الكاملة مع هذه المبادرات. وقد اختار حكام مصر التعالي والترفع، مما اضطر لجنة الحكماء إلى تذكير مصر بأنها ملزمة بحسب ميثاق الاتحاد الافريقي بقبول قرارات الاتحاد، وليس لها الخيار في ذلك. أما حكام السودان فقد اختاروا المناورة وتضييع الوقت. ولو كانت هناك حكمة، لوجب على هؤلاء اقتناص طوق النجاة هذا قبل فوات الأوان.

القدس العربي
د. عبدالوهاب الأفندي
[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. [SIZE=6]دكتور عبدالوهاب الافندى انت كوز قديم
    بس اضيف حاجه قبل كل شئ بان الجيش المصرى بيختلف كتير عن الجيش
    السودانى حتى فى تركيبته
    الملاحظ فى الجيش المصرى انه يحب بلده اكتر من كل شئ
    لكن جيشنا السودانى ابدا الواحد من ليس الكاكى خلاص هو كل شئ زى الرجوله
    الناقصه وتموها ,
    الجيش المصرى لو حكم فى مصر الرئيس بتنازل من الكاكى وبيلبس الملكى
    صحيح لانو الملكى عندنا فى الجيش معناه زول ماعارف اى حاجه او بالعربى يعنى بليد
    فالرئيس متعقد من البلاده لحدما اثبت انو بليد الجيش
    لانو جيشنا حكم منهم الرئيس الا مايحس باى خطر حتى لو الطلبة فى مدرسة ابتدائية
    طلعوا مظاهره وفى يدينهم الكراس والقلم
    يطلع الرئبس ويلبس الكاكى ويحلف ويتوعد ويرتجف من الوعيد والهرج والمرج
    عشان كده نعرف انه الكاكى بكمل لرجولة الجيش وكل من لبس الكاكى
    حتى المليشيات هسه يلبسوا الكاكى وحتى الواحد شكلا مابشبه العسكريه
    البلد زيما قال الدكتور الافندى بقت فوضى وعايزه يلحقوها لكن البلحقها منو
    جيش وانهار والبلد كل يوم ماشة لللاسوا سواء سياسا او اقتصاديا
    البلد بقت مانافعه خلاص
    لانو شوف اول حاجه العصابة الحاكمه بدات بتقسيم المواطنين الى قبائل
    وتسليح قبيله ضد قبيله
    العصابة الحاكمه خلقت الفتن بين الناس حتى الاشقاء فى البيت الواحد
    لا يامنو بعضهم وهذا حال الجيش فى العراق وفى سوريا وفى ليبيا
    الزمن ماشى وكل يوم يمر علينا بمر للاسوا
    صحيح الجيش السودانى فيهو بواقى ناس وطنيين لكن تنقصهم حاجه واحده هى العزيمه
    والعزيمه بتجى بالروح الوطنيه غير كده البلد حتنتهى وهم صاحيين
    وهسه كده اثبت التنظيم الاسلامى فى الدول انه تنظيم دموى تنظيم بيراعى مصلحته وبس
    ومصلحته مابتتم الا بزع الفتن بين الناس
    لاحظ مرسى لمن حكم مصر اول حاجه عايز يغير تشكيلة الجيش فجاب ولده عشان ينقل ليهو
    الاخبار من داخل الجيش اما انها فكرة طيزان خبيثه الجيش المصرى كان صاحى
    وبسرعه عالج المسالة
    انحنا هسه محتاجين ل 3 سيسى فى السودان لانو ديل النهبوه من الناس ما برجع بالسهوله
    ومابنستسلم وعارفين الكيزان زى السرطان تلقاهم فى كل مكان اعوز بالله
    حتى المحلات الخبيثه تلقاهم فيها
    عشان كده هم محتاجين لمليشيات تحميهم لانو الجيش الفضل حيفضهم لو استعانوا بيهو
    ديل قايتو نهايتهم محتاجه مننا لتضحيات كتيره لانو اطماعهم مابتخليهم يمشوا بالسهوله
    وحيمشوا مهما يكلفنا الامر
    قزافى مشى ومبارك مشى وزين العابدين مشى
    بس ديل عايزنهم يمشوا مشية القزافى وقريب

    [/SIZE]

  2. [SIZE=6]عجيب امرك ياافندي خلاص قوات الدعم السريع حولتوها لجنجويد وعايزين توصلوها للمحكمة الجنائية وتزيدوا في معاناة السودانيين وماعلينا الا ان نقول الله ينتقم منك ومن امثالك ويريح السودان من كل عميل [/SIZE]

  3. بغض النظر عن لونه السياسي وعمالته أو وطنيته، لكن ما أورده في مقاله حقائق.
    ماذا تقولون في هذا المقال إذا لم يرد ذكر اسم الكاتب ؟