تحقيقات وتقارير

شيطان التفاصيل: ثلث الزمن مضى.. مهلة تنفيذ خارطة الطريق نحو الحكومة الانتقالية والخلاف الرئيس حول تنحي سلفاكير


[JUSTIFY]خارطة الطريق التي اتفقت عليها قمة دول “إيقاد” خلال اجتماعها الأخير في العاشر من يونيو الجاري، بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا لإنهاء الأزمة في جنوب السودان، ويأتي على رأسها تشكيل حكومة انتقالية في فترة لا تتجاوز 60 يوما، مضت منها ثلث المهلة دون أن تتخذ على الأرض خطوات من طرفي الصراع بجنوب السودان تجعل من تنفيذ الخارطة أمرا ممكنا في غضون الستين يوما، وخارطة الطريق تلك جاءت بعد اتفاق سلفاكير- مشار الشهير في مايو الماضي الذي قضى بوقف إطلاق النار خلال 24 ساعة، ونشر قوات دولية للتحقق من وقف العدائيات، وإفساح المجال للمساعدات الإنسانية للمتضررين، والتعاون دون شروط مع الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية، ولكن لم ينفذ بندا واحدا من ذلك الاتفاق ما دفع دول (الإيقاد) في إطار سعيها الدءوب لإنهاء الأزمة في جنوب السودان إلى دعوة رئيس جنوب السودان سلفاكير وزعيم التمرد رياك مشار إلى أديس أبابا مرة أخرى مطلع يونيو الجاري للاتفاق على خارطة الطريق ذات الستين يوما.

وكان من المفترض أن تلتئم الأطراف الجنوبية المتنازعة في السادس عشر من يونيو الجاري لاستكمال خارطة الطريق تلك، وتقديم مقترحات الطرفين تفصيلا حول الهدف الرئيس وهو تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية ولكن المفاوضات جرى تأجيلها مرة أخرى وهو ما اعتبرته صحيفة (ذا ايست أفريكان) الكينية دليلا على تصادم الرؤى بين الطرفين. استطلعت الصحيفة آراء الدكتور لوال دينق المدير التنفيذي لمركز (ايبوني) للدراسات الإستراتيجية الذي أعد واحدة من ثلاث ورقات مقترحة للحكومة الانتقالية.. أن المتمردين ليس لديهم مشكلة مع مقترحات الحكومة الانتقالية لأنها تعيد إليهم سلطات يعتقدون أنها سلبت منهم عندما أعلن الرئيس سلفاكير في يوليو من العام 2013 حل الحكومة. وقالت الصحيفة إن نائب الرئيس جيمس واني أعلن الأسبوع الماضي من العاصمة اليوغندية كمبالا أن بلاده لن تقبل أي مقترحات تنص على تنحي الرئيس سلفاكير وهو مطلب المتمردين الرئيس. وقال إيقا للصحيفة الكينية: نحن جاهزون لقسمة السلطة وهذا جوهر التفاوض لكننا لن نقبل بتنحي الرئيس.

رؤية حكومة جوبا التي تبدو مصادمة لرؤية المعارضة وسببا في تأخير التفاوض حولها بين الطرفين اللذين اتفقا على خارطة الطريق في أديس أبابا ولكنهما يتشاكسان حول التفاصيل الآن، من شأن شيطان التفاصيل أن يبطئ وتيرة الحل السلمي إن لم يكن قد عطلها نهائيا، وتبدي جوبا إصرار على تمسكها باحتفاظ سلفاكير بمنصبه كشرط للاتفاق حول الحكومة الانتقالية.. ونقل في هذا الإطار موقع (فويس أوف أمريكا) عن الرئيس سلفاكير التزامه بإنهاء الصراع في بلاده وعودة الحوار، لكنه شدد في الوقت نفسه على التزامه باتفاق السلام فقط إذا كان يضمن أنه سيقود لحكومة انتقالية. وأضاف كير في كلمة ألقاها أمام الجمعية الوطنية “أنهم يعتزمون تشكيل حكومة انتقالية جديدة”، وتابع أنهم يريدون جلب شخص من اختيارهم ليكون رئيس الحكومة الانتقالية وهذا خط أحمر لا يمكن القبول به. وقال كير: كان الهدف من وراء تشكيل حكومة انتقالية تفكيك الحزب الشعبي لتحرير السودان الحاكم (الحركة الشعبية)، وحذر أعضاء البرلمان أنهم سوف يخسرون مقاعدهم إذا تحركوا نحو هذه الخطوة. وتابع أن القصد من ذلك كله تفكيك الحركة الشعبية، التي يعتقدون أنها أصبحت وحشا قويا جداً في جنوب السودان، ويجب تقليصها إلى المستوى الذي يعطي مجالا للطعن. وتابع: أنا واضح جدا في هذا الشأن فلن أسمح لأحد على هذه الأرض أن ينتهك الشرعية والديمقراطية.

وأثارت تصريحات سلفاكير المتمسك بالسلطة قلق المجمتع الدولي. حيث سارع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى دعوة رئيس جنوب السودان والمعارضة بقيادة ريك مشار إلى ضرورة تسريع عملية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية التي تم الاتفاق عليها مؤخرا بين الطرفين. وأعرب كي مون، في بيان له، نشره موقع (والتا انفورميشن سنتر) الإخباري الإثيوبي عن قلقه إزاء الوضع في جنوب السودان، مطالبا طرفي الصراع باحترام التزاماتهما بالامتثال لاتفاق وقف الأعمال العدائية الموقع في أديس أبابا في التاسع من شهر مايو الماضي. وأكد الأمين العام أن الالتزامات التي تم التعهد عليها في افتتاح مؤتمر المانحين لجنوب السودان في أوسلو في 20 مايو يجب أن تترجم إلى أعمال لإنقاذ حياة المتضررين من الحرب وتجنب كارثة إنسانية. وأشار إلى ما تم خلال قمة “إيقاد” الأخيرة. وقال كي مون، حسب البيان، إن الطرفين اتفقا على وقف الحرب والدخول في عملية السلام وتقديم المساعدة الإنسانية إلى السكان المتضررين دون إعاقة الممرات، فضلا عن تسريع وإنجاز حقيقي لحوار شامل بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية في غضون ستين يوما.

محمود الدنعو : صحيفة اليوم التالي
ي.ع[/JUSTIFY]