تحقيقات وتقارير

حزب الأمة والاستحقاق الانتخابي وتهديدات دبجو


[JUSTIFY]مبادرة بلا سيقان
لم تعجب حالة حزب الأمة القومي الإمام أحمد المهدي، بعد أن نظر بعين الأسى والحزن إلى واقع حزب الأنصار وأحفاد المهدي وهم يختلفون ويتفرقون ايدي سبا وبات الحزب كما الأشلاء المتناثرة أو كالجزر المعزولة.. أرهقتهم كثيراً سياسة الاستقطاب السياسي الحاد فانشغل قادته بالسباقات السياسية فسقطت الإمامة أو كادت أن تتلاشى بسبب تنازعات الاسرة ومدافعات الانصار. تلك هي الصورة التي تبدت للإمام أحمد المهدي ودفعته إلى طرح مبادرة سياسية عاجلة علها تفلح في لملمة أشلاء حزب الأمة بكل أجنحته وتقسيماته المتباينة، والرجل يبدو أنه في هذه المرة وجد أذناً صاغية يمكن أن تستجيب لدعوته، وفي ظن المهدي أن حزب الامة بكل مكوناته وجناحيه السياسي والطائفي، في حاجة إلى حكيم يأخذ بيده الى السكة التي تنشدها كل هذه المكونات .
فالحزب الإن يعاني حالة الوزن واللاوزن وينتهج كذلك مواقف المعارضة واللامعارضة، فهو لم يغادر منطقته الرمادية بعد رغم الحالة التصعيدية الاخيرة التي نشبت بينه وبين المؤتمر الوطني، وأدت لحبس زعيم الحزب السيد الصادق المهدي خلف القضبان، ولكن وعلى ما يبدو أن حزب الامة الآن هو الاقرب «تكتيكياً» الى المعارضة ولهذا فهو يبحث الان عن مبرر او سكة تعيده الى حلفائه القدامى «فالعرجاء دائماً ما تعود الى مراحا حينما تسقط في السباق مع الاخرين». لا نتوقع أي نجاحات لمبادرة أحمد المهدي في إعادة اللحمة بين أحزاب الأمة رغم حرص الاخرين على تسليك الطريق لهذه المبادرة، لان ما بين أحمد المهدي والصادق المهدي حرب مكتومة في شأن قضية الإمامة، فكم من المبادرات والمحاولات التي تبناها أحمد المهدي أُجهضت في مهدها ولهذا فإن اول ضربة ستنالها هذه المبادرة ستنطلق من معسكر الصادق المهدي.

هجمة الانتخابات
كلما تحدثت الحكومة عن الاستحقاق الانتخابي، كلما بعدت الشقة بينها وبين القوى السياسية فالانتخابات باتت أمراً واقعاً وبإرادة المؤتمر الوطني، لكن الاخرين من القوى الحزبية يتعاملون مع هذا الحق وكأنه العدو المتهجم ..المؤتمر الوطني ليس هو بأفضل حال من هؤلاء على الاقل في جانب الممارسة الشورية، ولكنه الان يحاول نفض الغبار عن عضويته استعداداً لماراثون 2015 ورغم ان المؤتمر الوطني وعلى لسان رئيسه عمر البشير قطع بقيام الانتخابات في موعدها، ولكن كل شيء قابل للمراجعة خصوصاً أن هذا القرار من السيد رئيس الجمهورية ما كان له ان يأخذ هذا المنحى لو أن عجلة الحوار بين الحكومة ومعارضيها مضت إلى آخر الشوط..

الشرطة والفضيلة الغائبة
ألف شرطي لتأمين الخرطوم في الشهر الفضيل من خطر الجريمة وشرورها، هكذا قالت ولاية الخرطوم ولكن السؤال الذي يفرض نفسه.. كم هو العدد المخصص أصلاً لتأمين الخرطوم من غير شهر رمضان؟ يبدو ان العدد اقل بكثير من هذا الالف شرطي كنا نظن ان شرطة ولاية الخرطوم يمكنها خفض حجم منسوبيها في رمضان ومضاعفة هذا العدد في الشهور الاخرى، بحكم أن شهر رمضان تصفد فيه شياطين الجريمة بالاغلال وتنتزع من النفس شياطينها فتنخفض الجريمة بشكل تلقائي، فقط يمكن للشرطة ان تعلي من شأن برامج التغذية الروحية والدينية والارشادية والتوعوية في المجتمعات، لأن الشرطة وبحكم شعارها هي خادم للمجتمع ومطالبة بممارسة فضيلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكنها للأسف فضيلة غائبة تحتاج الى من يعيدها وينشطها في مجتمعاتنا فالجريمة تحدث في مجتمعات الخرطوم بكل تفاصيلها المحزنة لأن بيئتها وظروفها الخاصة متوفرة تماماً وتخطئ الحكومة كثيراً إذا ظنت أن الجريمة تردع فقط بمضاعفة قوات الشرطة، ولكن قبل الردع والحسم يجب تجفيف كل المنابع التي تغذي الجريمة. فالخرطوم الآن باتت وكأنها مستودع كبير للسلاح ونشطت في بعض أحيائها ومناطقها مظاهر الاتجار بالبشر والمخدرات.

دبجو على سكة الخروج
على ذات الطريقة التي سبقت خروج اركو مناوي من القصر الرئاسي قبل حوالي أربع سنوات، يسير القائد بخيت عبد الكريم دبجو المستشار بديوان الحكم الاتحادي ورئيس حركة العدل والمساواة جناح «دبجو»، وعلى ذات السكة وقع الحافر بالحافر، حيناً يعتكف ويصمت وحيناً آخر يطالب ويهدد بالخروج على وثيقة الدوحة وعبر هذا السيناريو خرج قادة كثر لحركات مسلحة بعد أن وضعوا أسلحتهم أرضاً وارتضوا خيار السلام ولكنهم مزَّقوا اوراقهم واتفاقياتهم ووثائقهم التي وقعوا عليها عربوناً للسلام ووقف الحرب، وارتدّوا من حيث أتوا حينما اصطدمت رغباتهم وأشواقهم بعقبات حقيقية. وأخطر ما قاله دبجو إن نافذين بالحكومة يعرقلون مساعي السلام ويضعون المتاريس امام خطوات انفاذ اتفاق الترتيبات الأمنية، وهؤلاء في نظر دبجو سماسرة حرب لا يريدون للسلام أن يتم. فمصالحهم تنتعش باشتعال الحرب، يبدو أن القائد دبجو يرسم الآن في صمت سيناريو الخروج على وثيقة الدوحة، حال انقضاء مهلة الثلاثة أيام التي منحها للحكومة للرد على تساؤلاته ومطالبه. وهكذا تنتهي اتفاقياتنا الى لا شيء وتهدر الجهود والأموال وتجهض التجارب وترتد كل الأطراف الى مربعاتها الاولى.

صحيفة الإنتباهة
هاشم عبد الفتاح
ع.ش[/JUSTIFY]