زهير السراج

اختفاء نقد


[ALIGN=CENTER]اختفاء (نقد)!! [/ALIGN] * قلت أمس ان (الإختفاء) محطة سياسية مهمة ومضيئة في تاريخ الأستاذ (محمد ابراهيم نقد).. ولكنه أي الإختفاء أكبر من ذلك، فهو ليس محطة فقط، ولا سياسية فقط، ولا في تاريخ الأستاذ (نقد) فقط!
* وإنما هو مرحلة تاريخية كاملة بكل جوانبها في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني بأكمله وليس في تاريخ الأستاذ نقد فقط!
* بل هو السبب الرئيسي الثاني، بعد المنهج الماركسي، في بقاء وصمود الحزب الشيوعي السوداني حتى هذه اللحظة!
* يعتقد البعض ان الهدف الرئيسي من (الاختفاء) هو حماية قادة الحزب، والحفاظ على حياتهم من الخطر، وهو اعتقاد صحيح، ولكن ليس على إطلاقه! فالهدف الأساسي من (الإختفاء)، ليس فقط حماية قادة الحزب والأشخاص المؤثرين فيه، وإنما حماية الحزب، والمحافظة على حيويته وبقائه، وتوفير حرية الحركة لقادته للعمل بعيداً عن المراقبة والمضايقة والاعتقال، وكل الأشكال والأنشطة الأخرى التي تهدر الوقت وتشتت الجهود، بما في ذلك المجاملات الاجتماعية أو اللقاءات مع الزوار من السياسيين والدبلوماسيين الأجانب .. الخ.
* حدثني الأستاذ (عبد الله نقد) الشقيق الأصغر للأستاذ (محمد ابراهيم نقد)، أنه احتج على الأستاذ (محمد ابراهيم نقد) عندما قررت أجهزة الحزب نزوله تحت الأرض، والعودة للاختفاء مجدداً في عام 1994، بأن الاختفاء يضيع عليه أي على الأستاذ محمد ابراهيم نقد، فرصة اللقاء مع السياسيين والدبلوماسيين الأجانب الذين يزورون السودان، خاصة بعد ان صار الحزب الشيوعي السوداني، والأستاذ (محمد ابراهيم نقد) على وجه الخصوص، قبلة السياسيين الأجانب، الزوار أو المقيمين بالسودان، للتفاكر حول الشأن السوداني، الأمر الذي يعني ضياع هذه الفرصة على الحزب لشرح وجهة نظره عندما يختفي قادته وعلى رأسهم سكرتيره العام، تحت الأرض، وكان رد الأستاذ (نقد) ان وجهة نظر الحزب صارت معروفة للكل، كما انها يمكن ان تصل لأي شخص عبر وسائل أخرى، بما في ذلك اللقاءات المباشرة المكشوفة، مع أعضاء الحزب الموجودين فوق الأرض، إلا ان استمرار العمل اليومي للحزب، وممارسته لأنشطته بشكل طبيعي، وبقدر كبير من حرية الحركة بعيداً عن الرقابة والمضايقات والاعتقالات.. يتطلبان النزول تحت الأرض والاختفاء، وممارسة العمل السري!
* وبالضبط، كان هذا ما يحدث في كل حالات الاختفاء التي مر بها الحزب خلال تاريخه الطويل، فقد وفر له (الاخفتاء) الوقت وحرية الحركة، للتفكير والحوار وعقد الاجتماعات والاتصال ليس بعضويته فقط، وإنما بآخرين، واتخاذ القرار والتنفيذ بتأن واتقان، بعيداً عن عيون الرقابة والمضايقات والاعتقالات، وتبديد امكانيات الحزب في توفير الحماية لقادته، وبالتالي يمكن القول بلا أدنى شك ان (الاختفاء) لعب دوراً كبيراً في بقاء الحزب وصموده وحيويته، وليس العكس كما يظن البعض!
* تخيلوا معي ماذا كان سيحدث للحزب، لو ظل الأستاذ (نقد) أو كوادر الحزب التي نزلت تحت الأرض في حقب سياسية مختلفة، فوق الأرض تواجه الرقابة اللصيقة والمضايقات والاعتقالات، وماهو أفظع من ذلك.. هل كان بمقدور الحزب ان يحافظ على بقائه ونشاطه؟!
* صحيح ان الحزب تأثر كثيراً باختفاء كوادره القيادية والنشطة، وفقد بعض ديناميكيته وحضوره في الساحة، ومعها عدداً لا يستهان به من عضويته، بالاضافة الى فقدان الاتصال اليومي المباشر بعدد من الكوادر المهمة، ولكن هل تقارن هذه الخسائر بوجود واستمرار الحزب؟!
* بالتأكيد (لا).. والدليل ان الحزب برغم (فلسفة) الاختفاء والعمل السري، التي ظل يلجأ اليها سنوات طويلة لحماية بقائه وممارسة انشطته، هاهو يخرج الآن بعد فترة اختفاء طويلة ظنها البعض (ركوداً).. ليعقد مؤتمره الخامس، بكل هذه الديناميكية والتنظيم الدقيق .. والجماهيرية الواسعة!
* فضلاً عن ذلك، فإن ما يظنه البعض (اختفاءً) أو (ركوداً)، هو في حقيقة الأمر ليس كذلك، وإنما عمل دؤوب ولكنه (سري).. بعيداً عن الأضواء والعيون، وإذا أخذنا كمثال على ذلك، الأستاذ (نقد)، الذي اختفى ثلاث مرات خلال رحلته الطويلة مع الحزب الشيوعي، أولها خلال سنوات الحكم العسكري الأول، وثانيها واطولها خلال سنوات الحكم العسكري الثاني، وثالثها، وربما ليس اخرها، خلال سنوات الانقاذ، فإنه يظل يحضر اجتماعات الحزب بشكل منتظم، ويلتقي بعدد كبير من كوادر الحزب، وبكوادر الأحزاب الأخرى وقياداتها، بل ويجامل في بعض المناسبات الاجتماعية، بالاضافة الى القراءة والبحث والتأليف والتحضير الفكري والعملي لاجتماعات الحزب، ومنها المؤتمر الخامس، الذي ابتدر الأستاذ (نقد) التحضير له خلال فترة الاختفاء الأخيرة، ولولا ثغرة في التأمين الحزبي، جعلت جهاز الأمن يصل الى بعض وثائق الحزب، خلال مداهمة الاستاذ في مقر اقامته، قبل أيام قليلة من الموعد المقرر لظهوره الى العلن .. لانعقد المؤتمر الخامس قبل وقت طويل من الموعد الحالي .. وأرجو ان أجد الفرصة مستقبلاً للحديث عن تلك (الثغرة) بعد جمع المعلومات المطلوبة!
* بقي ان أقول ان (الاختفاء) بكل فلسفته وجوانبه، لم يكن (ممكناً) لولا المساعدة التي وجدها الحزب من كثيرين جداً ليست لهم صلة من قريب أو بعيد بالحزب الشيوعي السوداني، وهو ما يفسر لماذا ظل (نقد) وقادة الحزب، يشكرون الشعب السوداني، كلما سنحت لهم الفرصة، على توفير (الحماية والأمن والرعاية) للحزب الشيوعي السوداني، وعضويته عوضاً عن الأشياء الأخرى!
ويتصل الحديث غداً بإذن الله .. انتظروني!

drzoheirali@yahoo.com
مناظير – صحيفة السوداني – العدد رقم: 1151 2009-01-26


تعليق واحد

  1. يا أستاذ زهير أسمعني:

    أنت تتحدث عن اختفاء نقد وكأن اختفاءه يعد أسلوب جديد في العمل السياسي ولم يقوم به أحد من قبل ؟!!!!

    على الرغم من أن وجه المقارنة بين نقد وبعض الرموز التاريخية خصوصاً الدينية كبير إلا أنني أسوق إليك بعض من النماذج التي اتخذت من الاختفاء وسيلة لحماية المبادئ والأفكار والعقائد…

    فسيدنا موسى عليه السلام فر من فرعون وبطشه … ومن قبل وضعته أمه في التابوت في البحر خشية من أن يقتله آل فرعون؟

    والصحابة في بداية الدعوة الإسلامية كانوا يجتمعون سراً في دار الأرقم

    العديد من المسلمون كتموا اسلامهم خشية أن يتعرضوا للعذاب أو مصادرة حقوقهم..

    والأمثلة كثيرة ومعروفة … ويبقى السؤال:

    ما هي الميزة التي تميز بها نقد في اختفاءه حتى صارت حديثاً وفلسفة ؟؟

    نقد لم يأت بجديد في أسلوب وطريقة الاختفاء … بل فترة اختفاءه قلصت من قاعدته الجماهيرية ان كان له قاعدة أصلاً وهو دليل قاطع وقوي على أن الفكر الماركسي فاشل … لأن اختفاء موسى عن مراقبة فرعون له واختفاء المسلمين في دار الأرقم تمخض عنه دولة إسلامية وتوسع في القاعدة الجماهيرية ففتح المسلمون مكة وحطموا الأوثان … وإزال موسى دولة فرعون ونجى بني اسرائيل من العذاب المهين على أيدي فرعون وجنوده …

    أما نقد فإن اختفاءه كل هذه العقود من الزمن ثم ظهوره إن لم ينقص من قاعدته وهو أمر مشاهد لم يزد عليهم فرداً واحداً ..

    وهذا هو الدليل القاطع على فشل المنهج الماركسي في صموده أما رياح التغيير التي عصفت بالفكر الماركسي في عقر داره.. وليس كما زعمت في بداية مقالك أن المنهج الماركسي كان الدعامة الثانية بعد صمود الحزب الشيوعي السوداني في بقاءه .. !!!!

    لتعلم يا استاذ زهير إن الحزب الشيوعي حي بحياة نقد … فادعو الله أن يطيل عمر نقد أن كان يعز عليك ان تشيعه إلى صفحات التاريخ السياسي….

    والحزب الشيوعي السوداني عندما يكتب عنه التاريخ سيكتب عنه بأنه تجربة وضعت في غير مكانها وزمانها … ولن تتجاوز بضع أسطر

    إنك بكتاباتك هذه ووفق هذا الأسلوب غير العلمي والمنطقي ستخسر المزيد من قاعدة القراء الذين يتابعون كتاباتك… ولعلك تكون آخر جيوب الحزب… وحرى بك أن تتجه لتوثيق تاريخ الحزب أفضل من السعي لإيجاد موطئ قدم له من جديد .. فالفكر الماركسي لم يعد له وجود في مسقط رأسه .. فهل تكون له أقدام وهو بلا رأس؟

  2. انا بعتقد انو مافي حزب اسمو الشيويعي يوجد فقد افراد بس وهولاء الافراد عبارة عن نقد واذا مات نقد مات الحزب.

  3. الأخ أبوعبدالله …. الحزب الشيوعى السودانى هو رمانة ميزان السياسة فى السودان و له دور سياسى و أقتصادى كبير … و لولا هذا الدور لما وصل البشير و الطغمة الحاكمة حاليا للحكم فى السودان … الترابى استفاد كثير من الحركية و التنظيمية و السرية التى مارسها الحزب الشيوعى فى السودان … الحزب الشيوعى اتى بالنميرى الى الحكم و النميرى فى أواخر أيامه دعم الحركة الأسلامية وأتاح لها ان تكبر و تنتشر و تقوى أقتصاديا قبل ان ينقلب عليها .. استفادت الحركة الأسلاموية من نمو نشاطها الأقتصادى بعد 83م و أنعكس ذلك على نشاطها السياسى اثناء ديمقراطية 86-89 و تغولهم عليها و الأنفراد بالسلطة المطلقة و ما تلاه من تمكين طيلة العشرون عاما الماضية و ما ترتب عليها ما هو ماثل أمامنا الآن … لو قدر للنميرى ان يستمر فى السلطة حسب ما رسمه الحزب الشيوعى لكان السودان من بين الدول العظمى حاليا .. و لو قدر لثورة التصحيح بقيادة هاشم العطا ان تنجح لما كان حالنا مثل ما هو الآن فرقة و شتات و فساد و أنهيار كامل للدولة … قدر السودان ان يبتليه بالترابى و على الحاج و نافع و على عثمان … و هلم جرا

    حاج أبكر صالح كاورشة

  4. لأخ أبوعبدالله …. نعم سقط الأتحاد السوفيتى و لم تسقط الشيوعية و الأشتراكية … ما يحدث فى العالم من انهيار اقتصادى و أجتماعى وهو مؤشر لعودة راشدة للماركسية …. و التاريخ علمنا بان سقطت راية الأسلام فى الدولة العثمانية و لم يمت الأسلام و كل يوم يزداد رسوخا و منعة… تسقط الأنظمة و تموت و لكن الفكر لا يموت … الأنقاذيون يرفعون راية ألأسلام و التوحيد لمزيد من التمكين بأسم الدين و عاثوا فى الأرض فسادا .. و لا شك سيسقطون غدا فى شر أعمالهم فهل ستسقط راية الأسلام فى السودان ….. سيطرة رأس المال و فساد الحكم و كثرة المضاربات الربوية و الأحتكار ستقود فى النهاية لعودة شيوعية الأسلام و أشتراكيته أكثر رشدا و ثباتا و الأيام بيننا.

    حاج أبكر صالح كاورشة

  5. والله يا حاج أبكر أشكرك على كلامك الحلو والمنطقي واستفدت منه أن الحزب الشيوعي كان بمثابة بابا نويل للحكومات التي حكمت السودان وقدم هداياه للنميري وتجربته السياسية والتنظيمية والسرية للحركة الإسلامية بزعامة الترابي سابقاً …فلا يسعني إلا أن أقول لك وللحزب الشيوعي باللغة الإنجليزية وبمناسبة نهوض الحزب من سباته العميق في مطلع هذه السنة الجديدة:

    Happy New Year 😉

    سنة حلوة يا جميل :lool: