تحقيقات وتقارير

استغلال النفوذ في إقرار الذمة .. لا كبير على القانون


[JUSTIFY]الفساد بمعناه الأوسع هو إساءة استخدام السلطة العامة لأهداف غير مشروعة، وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية. وإن غالبية الأنظمة السياسية معرضة للفساد الذي تتنوع أشكاله إلا أن أكثرها شيوعاً هي المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب، ويؤدي الفساد أيضاً إلى تقويض التنمية الاقتصادية لتسببه في حدوث تشوهات وحالات عجز ضخمة بجانب زيادة كلفة العمل التجاري من خلال زيادة سعر المدفوعات غير المشروعة نفسها وكذلك لازدياد النفقات الإدارية الناجمة عن التفاوض مع المسؤولين، إلا أن وجود الرشوة يمكن كذلك أن يدفع المسؤولين لاستحداث تعليمات وحالات تأخير جديدة في إنجاز المعاملات.

وفي وقت سابق أصدرت وزارة العدل عددًا من القرارات ذات الصلة بالعمل التشريعي والقانوني لضبط الأداء وتفعيل إقرارات الذمة المالية وفحصها وتطويرها وضم الفئات الأخرى في الوزارات والهيئات التي تتعامل في المال العام ووجهت بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بغية الحصول على المعلومات التي تعين الإدارة في تحريك الإجراءات القانونية وفقًا لقانون مكافحة الثراء الحرام والمال المشبوه حتى تلبي متطلبات المرحلة المقبلة وغيرها من التوجيهات، أصدرت بشان التشريعات واللوائح المتعلقة بالمعاملات المالية. ويبدو أن هذا الملف محاط بسياج من السرية والتكتم ولعل تصريحات نائب رئيس البرلمان ورئيس اللجنة الطارئة لمراجعة القوانين سامية أحمد محمد باتهام جهات حكومية باستغلال التشريعات واللوائح لسلب الحقوق القانونية بالمعاملات المالية والشراء والتعاقد، وقد شرع البرلمان فعلياً في مراجعة القوانين المتعلقة بالمال العام، في وقت أعلن فيه عن ترتيبات لحصر الجهات التي لم تلتزم بإيداع اللوائح والتشريعات الفرعية وإخطارها ببطلانه رسمياً، فيما كشف البرلمان عن تعديلات جوهرية في قانون الثراء الحرام والمشبوه من بينها زيادة عدد الجهات المعنية بإقرارت الذمة، مؤكدة أن التعديلات الجديدة سيمنح بموجبها المراجع العام سلطة الهيمنة على كل الوحدات الحكومية، وقالت إن التعديلات اقتضاها تجدد الحركة الاقتصادية بالبلاد هذا الأمر يقود إلى عدد من الأسئلة هل تفلح الجهات المختصة في مكافحة تلك الإجراءات في ظل استغلال النفوذ من قِبل المسؤولين في الدولة، وهل تفلح التوجيهات في حال رفض المعنيين بإقرار الذمة بالمحاسبة القانونية.

المستشار القانوني مأمون محمد عباس أوضح خلال حديثه لـ «الإنتباهة» أمس انه من السهل ان يتحايل المقر على إقرار ذمته على القانون بتحويل كل ما يمتلك وتوزيعها على الآخرين من الأهل والأقارب، مبينا أن الفرق في إقرار الذمة تطبيق القانون وليس الجهة لأنها تعتبر هي الجزء الأساسي وانتقد عدم وجود آلية تنفيذية في البلاد لتطبيق تلك القوانين ومحاربة الفساد، وأضاف قائلاً أن المشكلة الأساسية إن إقرار الذمة جاء متأخراً رغم وجود القانون منذ القدم وبشأن حديث نائب رئيس البرلمان د. سامية بمنح السلطة الى المراجع العام أكد مأمون أن الخطوة تعتبر مهمة لجهة أن المراجع يقوم بكشف الفساد وهو من يمتلك تصويب الإجراء، داعياً إلى أهمية تنفيذ تلك الموجهات، خاصة وأن الإعلام تحدث عن تلك القضايا كثيراً ولا يتم تطبيقها فعلياً واصفا تلك السياسة بـ «الضرب على الميت» لجهة أن هنالك فوضى في تطبيق القوانين.

وفي ذات السياق أكد الخبير الاقتصادي د. محمد الناير ان المشكلة ليست في إصدار القوانين او التخطيط وانما المشكلة الأساسية في التنفيذ لأن القوانين موجودة ولكن تفعيلها هو«المحك الأساسي»، وقال إن خطوة منح المراجع العام سلطة الهيمنة على الوحدات الحكومية أمر جيد. وقال هذا الأمر طالبنا به مرارا من أجل تعديل شروط الخدمة الخاصة بالمراجع العام وتحسين أوضاع العاملين لرفع كفاءة الأداء، مؤكدا ضرورة مراجعة القوانين ليتم تقويتها وسد الثغرات، داعيا إلى ضرورة وجود أحكام رادعة. وأضاف أنه يجب على البرلمان ان ينظر إلى القوانين التي تستمر الى مدى بعيد خاصة وأن هنالك قوانين لم يمر عليها عامان مثل قانون الإجراءات المالية والمحاسبية تفادياً للتعديلات المتكررة.

صحيفة الإنتباهة
هنادي النور
ع.ش[/JUSTIFY]