تحقيقات وتقارير

استغلال النفوذ .. جرائم تحت مجهر القضاء


[JUSTIFY] جرائم مكررة وأخبار متجددة حول قضايا استغلال النفوذ ونهب المال العام الذي دائما يرجع المراجع العام أسبابه لضعف الرقابة وينتهي بما يؤكد أن اللوائح المالية والمحاسبية توقع أقصى العقوبات في الوقت الذي نجد أن العقوبات التي تصدر في مواجهة المتهم ليست رادعة، فالامر ليس بالسهل وانما قضية تعدٍ على أموال دولة وشعب، لذا يفترض أن تكون العقوبات صارمة وتأديبية وعظة لبقية الافراد، وما لا يخفي عن الجميع ان تقرير المراجع العام كشف ان جملة الأموال العامة المعتدى عليها والتي تبلغ ما يقارب الـ «50» ملياراً وجملة المال المجنب بواسطة عشرة مؤسسات حكومية على المستوى القومي والولائي بلغت «284.4» مليار جنيه و «12.1» مليون دولار و«134.4» ألف يورو.

وتتداول وسائل الاعلام في الآونة الاخيرة كثيراً من اخبار استغلال النفوذ والاحتيال وتحويل المال العام لمنفعة شخصية ودون تسجيل النيابات والجهات المختصة العديد من البلاغات لاستغلال النفوذ لعرضها على طاولة القضاء وتنفيذ الاحكام فيها .

ضرورة ضبط الاداء
وفي وقت سابق أصدرت وزارة العدل عددًا من القرارات ذات الصلة بالعمل التشريعي والقانوني لضبط الأداء وتفعيل إقرارات الذمة المالية وفحصها وتطويرها وضم الفئات الأخرى في الوزارات والهيئات التي تتعامل في المال العام، ووجهت بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة بغية الحصول على المعلومات التي تعين الإدارة في تحريك الإجراءات القانونية وفقاً لقانون مكافحة الثراء الحرام والمال المشبوه حتى تلبي متطلبات المرحلة المقبلة وغيرها من التوجيهات، وأصدرت بشأن التشريعات واللوائح المتعلقة بالمعاملات المالية. ويبدو أن هذا الملف محاط بسياج من السرية والتكتم، ولعل التصريحات السابقة لنائب رئيس البرلمان ورئيس اللجنة الطارئة لمراجعة القوانين سامية أحمد محمد باتهام جهات حكومية باستغلال التشريعات واللوائح لسلب الحقوق القانونية بالمعاملات المالية والشراء والتعاقد، وقد شرع البرلمان فعلياً في مراجعة القوانين المتعلقة بالمال العام، في وقت أعلن فيه عن ترتيبات لحصر الجهات التي لم تلتزم بإيداع اللوائح والتشريعات الفرعية وإخطارها ببطلانه رسمياً، فيما كشف البرلمان عن تعديلات جوهرية في قانون الثراء الحرام والمشبوه، من بينها زيادة عدد الجهات المعنية بإقرارات الذمة، مؤكدة أن التعديلات الجديدة سيمنح بموجبها المراجع العام سلطة الهيمنة على كل الوحدات الحكومية، وقالت إن التعديلات اقتضاها تجدد الحركة الاقتصادية بالبلاد، وهذا الأمر ترك عدداً من التساؤلات، فهل تفلح الجهات المختصة في مكافحة الإجراءات في ظل استغلال النفوذ من قبل المسؤولين في الدولة، وهل تفلح التوجيهات في حال رفض المعنيين بإقرار الذمة المحاسبة القانونية.

نماذج جرائم استغلال النفوذ:
كثر الجدل حول كشف ملابسات قضية بعض منسوبي مكتب والي الخرطوم «عبد الرحمن الخضر»، ووقتها بدأت لجنة التحقيق التحري مع بعض من المتهمين بينما المتهمان الأساسيان في القضية أخلت السلطات العدلية سبيلهما وفقاً لقانون الثراء الحرام والمشبوه لسنة «1989م»، بعد أن ثبت للجنة التحقيق تورطهما في تزوير واختلاسات فاقت حصيلتها المالية «17.835» مليون جنيه «مليار بالقديم» دون أدنى عقوبات تطولهم، وهنا نجد ان المتهمين استغلوا نفوذهم ووجودهم داخل مكتب الوالى وكافة الاوراق المهمة تحت ايديهم. وهناك أنموذج آخر سابق متعلق بوزارة الارشاد والاوقاف حول استغلال نفوذ واختلاس مبالغ مالية كبيرة، وأخيراً أنموذج لبلاغ متعلق بوالٍ سابق، وهو ان الشرطة ألقت القبض على الحاكم السابق لكردفان الكبرى الفريق بحري سيد الحسين واحتجزته على ذمة التحقيق بحراسة القسم الشرقي، على خلفية اتهام بالاحتيال على مستثمرين حول صفقة «وابورات» تمت بمكتبه بقيمة ثلاثة ملايين جنيه. ويعد الفريق الحسين من القيادات التي تبوأت عدداً من المناصب الدستورية والتنفيذية واستقر به المقام بمكتب تجاري بالخرطوم.

صعوبة اكتشاف الجريمة
ويقول مصدر عليم خلال حديثه لـ «الإنتباهة» ان استغلال النفوذ جريمة خطيرة انتشرت في الآونة الاخيرة بصورة مزعجة تحتاج الى قمع كبير، فهي من القضايا التي يعاقب عليها القانون، فهو كسب مالي غير مشروع عن طرق اجرامية، مثل تحويل مبلغ مالي لمنفعة شخصية. واضاف ان العقوبة هي عقوبة تقديرية لكن لا تتجاوز السجن لمدة عامين او الغرامة او الاثنين معا، وقال المصدر ان جريمة استغلال النفوذ من الجرائم التي يصعب اكتشافها نسبة لأن المجرم الحقيقي يتخفى من خلف ستار ويترك شخصاً آخر في الواجهة لقضاء المهمة مع التسهيلات الخفية، ومع ذلك تستمر المراقبة وجمع البيانات التي تدينه حتى يقع المتهم الحقيقي في فخ العدالة ويعاقب على جريمته.

صحيفة الانتباهة
نجلاء عباس
ت.إ[/JUSTIFY]