مصطفى أبو العزائم

هل نحن شعب سعيد ..؟


[JUSTIFY]
هل نحن شعب سعيد ..؟

للإجابة على هذا السؤال لابد من تعريف السعادة لتستند الإجابة على معايير وأطر قياسية تكشف لنا مدى سعادتنا أو شقائنا مقارنة ببقية خلق الله في هذه الدنيا الفسيحة، وقد عرّف شعراؤنا ومغنونا السعادة بأنها ليست في المال (ما في المال) لكنها تأتي من (راحة البال) ولعمري هذا هو أذكى تعريفات السعادة، وهو تعريف مختصر مفيد، ويعني في التعريفات العلمية والوصفية في كتب الاجتماع وعلم النفس، يعني (التصالح مع النفس).

لا أريد الإطالة، وأرجو أن يعتبر القاريء الكريم ما كتبناه مقدمة لمادة رأي اخترناها له يوم أمس حول ذات الموضوع حملت عنواناً متسائلاً: (ما معنى السعادة) للكاتب القطري المرموق الشيخ عبد العزيز آل محمود، ونشرته صحيفة «الشرق» القطرية أمس، رأيت أن أشرك القاريء الكريم في الاستمتاع بما جادت به قريحة الكاتب، وما جاء به قلمه، خاصة وأننا متهمون بـ(الكسل).. أرجو التمعن في القراءة.

ما معني السعادة ..؟

حدثني صديق أجنبي قائلا: كنت في جلسة خاصة مع أصدقائي وبدأوا يتحدثون عن مشاكلهم التي يواجهونها في أعمالهم وتعاملاتهم اليومية، ووجدت أن لديهم إنطباعاً سلبياً عن القطريين، إنطباعاً يجعلهم يعتقدون أنكم كسولون ومغرورون، وفي جلسة أخرى جمعتني بمجموعة من الشباب القطريين وجدت أن لديهم شكوى مشابهة من بعض الجنسيات التي تأتي للعمل في قطر وتحصل على كل الإمتيازات ولكنها لاتقوم بواجبها كما يجب. إنتهى

تعريف المجتمع في قاموس وبستر مع بعض التعديل هو: مجموعة من الناس تعيش مع بعضها وتنظم حياتها بقوانين وعادات وثقافات مشتركة.

فهل نحن مجتمع واحد أو عدة مجتمعات؟ قد يجمعنا قانون مشترك ولكن لايجمعنا أي شيء بعد ذلك، فنحن عبارة عن مجموعات مختلفة العادات والتقاليد واللغات نعيش في أحياء أو مجمعات سكنية مختلفة ولا نختلط مع بعضنا، وفي حقيقة الأمر نحن مجتمعات لا تتحدث مع بعضها وفي أحيانا أخرى لا تحب أن تفعل ذلك أصلا.

ما نقلته في الفقرة الأولى آلمني بشده، ولكنه نوع من الإنطباع الذي نجح بعضنا في في بذره وتسميده ورعايته في عقول المجتمعات الأخرى التي تعيش معنا على نفس الأرض، ولكن كيف نستطيع أن نحيا بسعادة في دولة يكره كل مجتمع صغير المجتمع الصغير الاخر؟

منذ سنوات قليلة إتصل بي كاتب أمريكي وطلب أن يقابلني، وحين سألته أن كان يملك وسيلة مواصلات أجاب بالنفي، ذهبت إليه في فندقه الصغير وفي وسط الدوحة وأخذته معي وسألته عن سبب زيارته لقطر، وشرح لي أنه كاتب محترف يحاول أن يكتب كتاباً عن السعادة ومفهومها لدى الحضارات المختلفة، إستهواني الموضوع فأخذته معي في السيارة للحديث عن كتابه، وكان سبب زيارته لقطر أنها تعتبر من أكثر الدول دخلاً للفرد، سألني السؤال الذي تعود أن يسأله كل من يقابل، هل أنت سعيد؟ فكرت كثيراً قبل الإجابة على هذا السؤال، فما هي السعادة اصلاً؟

سألني الكثير من الأسئلة طوال بقائه معي، إسئلة ذكية تدل على أنه قابل الكثير غيري وسألهم عن مشاكلهم وطموحاتهم وعن تعريف السعادة بالنسبة لهم.

أخبرني قبل أن يغادر سيارتي بأنه ذاهب إلى آسيا للبحث عن مفهوم السعادة.

إنقطعت أخبار الرجل عني لبضعة أشهر، ثم أرسل لي بريداً إلكترونياً يخبرني بأنه إكتشف باننا نحن القطريين غير سعيدين في حياتنا، وأن أموالنا لا تخدم حياتنا ولكنها تخدم ذاتنا، أو كما أنهى رسالته: نملك المال ولا نملك السعادة.

وبعد حوالي العام من إرسال تلك الرسالة شاهدته على قناة CNN متحدثاً عن كتابه الذي حقق نجاحاً بعد نشره، وإكتشف فيه أن أسعد دولة في العالم هي بوتان، هل تعرفون أين هذه الدولة؟ إنها دولة لايعرف الكثير بوجودها، مختفية بين جبال آسيا تحدها الهند والصين، يعيش 40 % من شعبها على الزراعة، عدد سكانها أقل من مليون نسمة، تملك صحافة حرة وبرلمان فعال وتحافظ بقوة على بيئتها وتعمل جاهدة على تطوير إنتاجها وتنويعه، إنها مجتمع متصالح مع نفسه، كل ماعليك فعله هو تكتب التالي: Happy Bhutan ، لتظهر لك أكثر من 36 مليون نتيجة، فإن كنت تملك رفاهية الوقت فما عليك سوى أن تقرأ التقارير التي نشرتها عدة مؤسسات معتبرة عن هذه الدولة وأسباب سعادة شعبها.

أعتقد أننا وحتى نكون سعداء يجب أن نعمل على أن نعرف السعادة مبتعدين قدر الإمكان عن ربطها بالمال والرفاهية، فقد تكون السعادة في أن نحيا في مجتمع هادئ منظم آمن يستمع أفراده لبعضهم ويحلون المشاكل التي قد تطرأ فيما بينهم من دون تعطيل، إننا نعيش في تجمع بشري فريد، يحوي على كل جنسيات الأرض وبحاجة إلى أن نصنع نوعاً من التواصل بينها، تواصل يحل كل إشكالات التصادم وسوء الفهم.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]


تعليق واحد

  1. يمكن ان تملك المال ولا تملك السعاده ولذا اكثر حالات الانتحار تكون فى الدول المتقدمه
    فى حالتنا لا يمكن ان تتحدث عن السعاده لان مجتمعنا يوجد به العدم حديثك عن السعاده يكون استفزاز لهم
    بعد ان نصل الى الاكتفاء وحق الانسان فى الحياة ممكن بعد ذلك ان نتحدث هل نحن سعداء