رأي ومقالات

عادل ابراهيم حمد : الامتحان.. وقد أصبح بعبعاً


[JUSTIFY]شرعت طالبة في الإنتحار حزناً على نجاح فاتها، وتم على جناح السرعة اتخاذ الإجراءات القانونية ضدها تمهيداً لإيقاع عقوبة بها، وكأن الحزن المطبق لا يكفي.. خطوة دعتني للدعوة لتعديل المعالجة القانونية في هذه الحالة، لا لأن الشروع في الانتحار قانوني، لكن لأن حالة هؤلاء اليافعين الخاصة تحتاج معالجة خاصة.. قادني الخبر لحكايات الإمتحانات الكثيرة، أهمها أن هذه الطريقة لإختبار القدرات والممهدة لترقي التلميذ، قد تحولت إلى بعبع مخيف بسبب أخطاء تربوية تشارك فيها أسر الطلاب والمعلمون بدرجة أقل .. يدخل الطالب الامتحان وقد أكملت الأسرة والمدرسة التربص به وحصاره من جميع الأنحاء (أوعك تخذلنا، لازم ترفع راسنا) وينسون رأس المسكين الذي أفهم خطأ أنه مقدم على معركة لا يخرج منها إلا ناجحاً أو (ميتاً)، خاصة وأن رب الأسرة ومدير المدرسة ومرشد الفصل يرددون بمناسبة وغير مناسبة (يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان)، وهي من العبارات البايخة التي شاعت رغم ضعفها اللغوي وخطئها التربوي , تشبه مثيلاتها مثل (العقل السليم في الجسم السليم) التي تعرض بأصحاب العاهات الذين يحملون عقولاً لا يحملها بعض أبطال رياضة كمال الأجسام.. بهذا الإعداد النفسي والتربوي الخاطئ، فهم الطلاب أن الامتحان لاغيره هو من يحقق آمالهم أو يبددها إلى الأبد.. أو أن نسبة محددة لا بد من تحقيقها وإلا أصبح الطالب من حثالات المجتمع التي لا يرجى منها خيراً.. هذه مفاهيم جد خطيرة، وليس من دليل أبلغ من حالة الطالبة المذكورة وآخرين انتحروا بالفعل، حين خرجوا من المعركة ميتين أوحين حاصرتهم نظرات الخيبة والقسوة وعبارات التهكم التي تؤكد أن بعض الآباء يحزنون في الحقيقة على أنفسهم، ولا يأسفون على ابنهم.. فالنجاح حسب هذا الفهم الإجتماعي الخاطئ لا يحسب للابن فيفرح به، بل للأسرة لتباهي، ولذا تنسى مشاعر التلميذ عند الفشل ويزاد حزنه حزناً بسبب الأب أو الأم اللذين اعتبرا ابنهما (أداة) لأفراح الأسرة..

وهكذا لم يعد الابن ذاك الطفل الذي تحنو عليه الأسرة وتعده للمستقبل وفق إمكاناته و يواسونه إذا أخفق..أدعوأ أبناءكم للمذاكرة والإجتهاد ولا تشعروهم بأنكم تنتظرون منهم ما يفوق قدراتهم، فمن الحماقة أن يطالب طالب بتقديم ما هو فوق قدراته شأنه شأن أى إنسان آخر في مختلف المجالات.. أرفقوا بالأبناء ولا تشترطوا عليهم درجات محددة أو ترتيباً محدداً.. أعرف بعض الأسر يدخلون في حالة (مناحة) إذا أحرز ابنهم المرتبة الثانية في الفصل، فيأتي التلميذ من المدرسة كئيباً رغم تفوقه، فقد أدخل في روعه أن المرتبة الثانية عار يجب أن يخجل منه.. وفي جانب آخر يتدخل آباء في تحديد ميول الطالب ورغباته الدراسية، فيفرضون عليه دراسة المساق العلمي أحياء لدراسة الطب، ويكون الابن ذا ميول أدبية أو يريد دراسة الهندسة، فيفقد المجتمع قانونياً ضليعاً أو أديباً متميزاً أو مهندساً بارعاً، وقد لا يوفق الطالب المجبور في دخول الطب، فلا يدرس رغبة والده وتفوته دراسة رغباته الحقيقية.

مع ظهور نتيجة الشهادة السودانية يفترض ظهور توجيهات تربوية تشرح كيفية التعامل مع الأبناء، وأخص وسائل الإعلام وعلى الأخص الصحف التي سبق أن نشرت إحداها في عام سابق كاريكاتير يسخر من طالب راسب بأن صوره على هيئة شاب برأس حمار.. احترموا مشاعر الطلاب ومشاعر كل الناس، فهذا واجب.

صحيفة آخر لحظة
ت.إ[/JUSTIFY]