ثقافة وفنون

انتصرت للمفردة السودانية: وئام كمال.. شاعرة الحنين والغربة والتفاصيل


[JUSTIFY] سيدة رقيقة تأتيك كلماتها وكأنها صادرة عن آلة موسيقية، شاعرة شابة أنفقت معظم سني عمرها مغتربة عن بلادها، لكنها عادت إليها مشبعة بحنين جارف تمظهر في كتابتها وطغى عليها. ورغم أنها عاشت في بيئة ثقافية مختلفة إلا أنها انتصرت للمفردة السودانية العامية، فكتبت للحب والغزل والحماس، تقرأ أشعارها بصوت هادئ ورقيق.
إنها الشاعرة (وئام كمال) التي درست المعمار، بيد أن حبها المفرط للشعر جعلها تختاره وتضعه في المرتبة الأولى، شاركت (وئام) في عدد من البرامج على رأسها (ريحة البن)، لا تنتمي لمدرسة شعرية بعينها إذ أنها لا تفضل أن تشبه أحداً، استضافتها (اليوم التالي) في حوار بطعم شعرها، فإلى مضابطه:
حدثينا عن نفسك، بإيجاز؟
أنا وئام كمال الدين إبراهيم إسماعيل مهندس معماري، تخرحت في هندسة جامعة أم درمان الإسلامية، متزوجة وأم لطفل.
وعن بداياتك الشعرية؟
أذكر أن والدتي هي من نبهت المدرسة إلى امتلاكي هذه الموهبة، ثم شاركت في بعض المسابقات وحصص الأدب إلى أن صقلت موهبتي.
من أين تستمدين شعرك؟
وراء كل قصيدة حالة وفكرة، الحالة يولدها وضع معين أو مشهد أو موقف محفز (شيء ملهم)، ثم تأتي بعد ذلك الفكرة، ثم أسلوب الشاعر، بعض القصائد تحفزها الذاكرة الشخصية والبيئة وبعض الأمور ربما لا تكون ضمن موضوع القصيدة الأصلي لكنها تجد طريقها للتسرب إليها، هذه الأشياء هي التي تصنع (نفس أو أسلوب) الشاعر، والدليل أنك قد تعرفين أن تلك القصيدة للشاعر الفلاني بمجرد اطلاعك على شكلها أو طريقة صياغتها، فتقولين أنها تشبه شعر فلان، وهذا ما يسمى بالبصمة أو الطابع.
أسلوبك مختلف، فما هو مدى تقبل الجمهور له؟
قد يكون الأسلوب مختلفاً كنص، لكنه فحوى القصيدة تشبه الإنسان السوداني وتعبر عن وضعه الراهن، وهذا ما يجعله مرتبطاً بها، أنا عن مدى تقبل الجمهور لشعري، فهذا سؤال مطروح له.
الحضارة النوبية حاضرة بكثافة في شعرك ؟
صحيح، فالنوبة في شعري تعبير عن حضارة وتاريخ وأرث ثقافي، وفي تقديري أن تاريخ بلادي ملك للجميع ونحن تركيبة هجينة من نيليين وأفريقيين وعرب، ولا أظن أن هناك مجموعة أثنية سودانية لم تتعرض للاختلاط، إذن فالتاريخ واحد والإنتماء للوطن فقط، وهذا ما يجعلنا نختمر ونكون مترابطين، وما يشعرنا بالفخر أن بلادنا ذات حضارة تستحق أن يكتب عنها في كل القصائد.
البيئة وتأثيرها عليك؟
بلا شك الغربة تؤثر وتحفز، وهي زادتني رغبة في التعمق في الهوية السودانية وفي الوطن ورسمته كما أحب.
أثر الأسرة على شعرك؟
الوالد والوالدة محبان للشعر والأدب، وهذا ما جعل مني قارئة جيدة، وأظنهما صنعا بداخلي أكثر من مجرد قارئة ربما ألهماني الشعر، فقد كنت محظوظة بوجودهما في حياتي.
ماذا أضافت لك الغربة؟
الغربة تفرض عليك أن تخوض نوعاً من الحرب الثقافية، نوعاً من الهجوم إما أن تنتصر للغتك ولثقافتك وتجعل الآخر يحترمك وإما أن تستجدي عطفه وتضطر إلى تغيير لسانك واستعارة لسانه، من ناحيتي فضلت أن أفرض لغتي وأسلوبي، وأن اختار صديقات من جنسيات أخرى، وأن أفخر ببلادي ولوني، وإلى الآن لا زلت احتفظ بعلاقاتي المدرسية مع الجنسيات الأخرى، كما أن الغربة قد تجعلك بلا هوية، وقد تجعلك متمسك بهويتك مثلما حدث معي وانعكس بطبيعة الحال على كتاباتي.
خصوصية الشعر، كيف ترينها؟
خصوصية الشعر تكمن أحيانا في خصوصية الملهم أو الحالة أو الموضوع، فلكل قصيدة خصوصيتها.
القصائد التي كتبتيها هل تعنيك في شيء؟
أجل كل ما أكتبه يعنيني، لا أكتب شيئاً عابر، لكن شمولية الموضوع تعبر به من الحالة الشخصية إلى العامة، فيتحدث بلسان شعب ومواطنين وشارع وهذا ما يخلق قومية النص.
حدثينا عن اهتماماتك/ هواياتك؟
القراءة وحب الشعر واللغة العربية والتراث.
كيف تعبرين عن التنوع في شعرك؟
التعددية والتنوع تتبدى في تناول المواضيع وأسلوب الكتابة ومستوى النظم والوزن واللهجة فيصل النص إلى فئات مختلفة ومتنوعة، لأن لكل موضوع ونوع من أنواع الشعر قراء ومحبين، فالتنوع يزيد من عدد المتابعين لشعرك.
تغالين في التفاصيل؟
التفاصيل أداة مهمة فيما لو استخدمت في خدمة الفكرة الصحيحة للنص ما يجعل القارئ يرى ويعيش الحالة، لكن المغالاة فيها يجعل النص مطول وممل.
من أين تستوحين الشعر؟
من كل شيء، الأرض، الوطن، الغربة، النيل، الجمال، المأساة، الحزن، الفرح، وأحياناً من جملة صغيرة أو تعليق، فهنالك أشياء بسيطة قد تمنحك إلهاما وحافزاً.
هل أنت متمردة؟
كل الشعراء متمردون، فالشاعر يبعث الفكر ويجعل البقية ينصبون أنفسهم نقادا وحكاماً، ليس على النص فقط وإنما على الكاتب.
لم تكتبي عن الأمومة، لماذا؟
لأن أحرفي لا زالت تتقاصر وتعجز عنها، ولكن ربما أكتب لاحقاً وليس اليوم.
لأي فئة تكتبين؟
لا أحب أن أكون شاعرة لفئة معينة، لا أحب أن أكون شاعرة مثقفين فقط، أريد أن أكتب للجميع ولنفسي أولاً .
ريحة البن، كيف تشرعين لها أنفك؟
هي مؤسسة ثقافية أكثر من كونها برنامجاً أو منتدىً، لذلك تتيح لك التعرف على مجموعة بأفكار مختلفة وعقليات مختلفة ومن مدارس متعددة.
القصائد الغنائية، ماذا لديك منها؟
أنا لا أقرر قبل الكتابة، إن كان هذا النص يصلح للغناء أم لا؟ يخرج النص أولاً و من ثم قد يصادف أنه يصلح للتلحين والغناء، هناك عروض لتلحين بعض نصوصي لم أتفق عليها بعد.
درست الهندسة واشتهرتي كشاعرة؟
الشعر طغى على المهنة، وكلاهما فن، فالعمارة فن والشعر فن، ولكل منهما مساحته، لكنني أظن أن المعمار هو الذي صبغ على الشعر وليس العكس

اليوم التالي [/JUSTIFY]


تعليق واحد