عثمان ميرغني

“بيع.. بيع..” يا هارون


[JUSTIFY]
“بيع.. بيع..” يا هارون

شاهدت في التلفزيون ليلة أمس احتفال ولاية شمال كردفان بـ(وثيقة مشروع نفير نهضة كردفان).. ورغم أنني لم أقرأ تفاصيل الوثيقة.. لكني فهمت أنها حزمة مشروعات أعد دراساتها بعض رموز الولاية على رأسهم الدكتور سيد زكي (أول وزير مالية في عهد الإنقاذ).

وفهمت من حديث والي الولاية السيد أحمد هارون أن حملة تبرعات تستهدف جميع أبناء الولاية داخل وخارج السودان ستجمع بعض المال لهذه المشروعات.. ووعدهم السيد رئيس الجمهورية في خطبته أمام جماهير الولاية أن يكمل أي عمل تبتدره هذه التبرعات..

ولا أريد أن أفسد على حكومة ولاية شمال كردفان فرحتها بهذه الحملة.. لكن نصف رأيك عند أخيك.. في تقديري أن زمن (النفير) ولى!!.. النفير عملية استنهاض للهمم درج عليها الشعب السوداني في عهود سابقة.. لكن النفير (عملية موسمية).. والنهضة لا تكتمل بالعمل الموسمي.. النهضة عملية ممتدة تخطط لها الأمم على مدى طويل.. وتنفذها على مراحل.. والمثال الأسطع لذلك خطة مهاتير محمد في ماليزيا التي أطلق عليها (عشرين.. عشرين) أي خطة تمتد حتى العام (2020).. وقد بدأت في العام(1991).. ما النتيجة انظروا أين ماليزيا الآن.. ولا يزال أمام الخطة حوالي ست سنوات أخرى.

ولو نظر مولانا هارون إلى ولايته جيداً لوجد أنها ليست في حاجة لتبرعات ولا حتى الدعم المركزي من الخرطوم.. هذه واحدة من أغنى ولايات السودان.. فقط لو آمنت ولاية شمال كردفان بمبدأ..(بيع.. بيع.. بيع).

الأوطان لا تبنيها (التبرعات).. مهاتير محمد لم يطلب من شعبه التبرعات لكنه طلب طلباً بسيطاً.. ساعة عمل إضافية كل يوم.. بعبارة أخرى (الإنتاج)..

يا مولانا هارون انظر حولك في هذه الولاية مساحتها أكثر من مجموع أربع من دول الخليج العربي.. وتقع (بالضبط) في وسط السودان.. وفيها أخصب الأراضي والأمطار والثروة الحيوانية.. وعلى تخومها مراكز الكثافة السكانية في الخرطوم وغيرها بما يوفر لها أفضل الأسواق..

كل هذه المزايا تجعلها ولاية (استثمارية) بدرجة ممتاز جداً.. تستطيع أن تجذب مئات المليارات من الأموال من جميع أنحاء العالم.. فقط باستخدام مبدأ (بيع.. بيع)..

من حق أهل ولاية شمال كردفان أن ينتظروا ويحلموا بولاية مترفة بالخيرات.. لكن سيطول انتظارهم لوانتظروا الحلمليأتي عبر صناديق التبرعات.. الولاية غنية بمواردها فلماذا تنتظر أهلها الفقراء ليتبرعوا لها.. هل تبرع أهل دبي أو أبوظبي لبناء نهضة بلادهم التي طارت في سماء ما طاولتها سماء.. أروني دولة أو مدينة واحدة في العالم بنتها تبرعات أهلها..

يا مولانا.. (بيع.. بيع) الأرض العذراء التي ما مستها يد مستثمر أو استثمار.. (بيع.. بيع) حتى طريق الأبيض- بارا- الخرطوم.. بعه للمستثمرين.. خططوا لتشييد مدن جديدة على الطريق التجاري الأكثر أهمية في السودان.. اجعلوها منطقة استثمارية تتدفق بالخيرات..

يا أهل شمال كردفان.. أنتم ترقدون على كنز..والقاعدة الأولى لأي نهضة.. (اعرف كيف تدير مواردك بكل ذكاء).

[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي