رأي ومقالات

ابراهيم البيقاوي : معروفٌ بالتصبُّر – بكي بمرارة في وفاة والده ولكن لماذا؟


[JUSTIFY]الحياة في المعاش تبدو جميلة لبعض الناس فهي تمنحهم حرية واسعة وفسحة يطلقون من خلالها العنان لمواهبهم المختلفة. ذهبت إلي إحدي شركات صيانة السيارات التي إلتزمت لفترة طويلة بالذهاب إليها لصيانة سيارتي متفادياً بعض أخواننا “الجربندية” او ناس “الصيانة الأهلية” الذين إن مكنّاهم من سياراتنا الحديثة الأوتوماتيكية – فعل بعضهم فيها صيانة لا تُحمد عقباها.

في ورشة الصيانة التابعة لتلك الشركة قابلت أحد زملائي في العمل بإحدي الشركات السودانية وقد ترك كلانا العمل بها أو بالأحري والأكثر دقّة تركتنا تلكم الشركة. ربما كان زميلي محظوظاً أكثر منّي لكونه ترك العمل بتلك الشركة بعد أن استوفي سن المعاش أمّا أنا فقد تمّ إعفائي من العمل قبل بلوغي سن المعاش بسنوات ولكن بحمد الله إُعطيت حقوقي. ما يؤلم هو إحساسي بعدم التمكّن من رد الجميل لتلكم الشركة نظير التدريب الخبرات المتراكمة التي حصّلناها منها.

حكي لي ذلك الزميل قصة في غاية الطرافة شابهت حالتي. قال زميلي: يحكي أن رجلاً عُرِف بالصبر والتصبُّر وعدم الإهتزاز أمام المحن التي تحل بأسرته. عندما تُوفي والده بكي بكاءاً مريراً و “بحرقةٍ” شديدة – لفتت نظر الناس الذي حضروا لتقديم واجب العزاء. فأقبل عليه الجميع يقدمون إليه عبارات المواساة والتصبُّر والإسترجاع فلمّا هدأ من نوبة البكاء سأله أقرباؤه عن سبب إنهياره في هذا الموقف وهو المعروف بالثبات فقال لهم: ” أنا ما واجعني موت أبوي الواجعني إنّو كَتَلَتُو عَقْرَب”. ربما كان يرجو لأبيه أن يموت الميتة التي قال عنها الشاعر (فتى مات بين الضرب والطعن ميتة *** تقوم مقام النصر إذ فاته النصر).

بالرغم من إيماننا العميق والمؤكد والمثبّت بأن من يؤتي الملك وينزع الملك ويعز ويزل هو الله سبحانه وتعالي كان أملنا أن يقوم بإعفائنا من تلكم الشركة مدير كبير ذو سمعة واسعة حتي يكون لإعفائنا صدي يقوم مقام النصر وليس مديراً مغموراً برز فجأة وإرتفع بسرعة كالفراشة نحو نيران الإدارة العليا فاستعلي وإحترق وهوي نحو الأرض ليسير معنا في الشارع العام ويزاملنا في مِهَن ما بعد المعاش.[/JUSTIFY]

ابراهيم عيسى البيقاوي – النيلين