منوعات

في موقف إنساني نادر عودة طائرة سودانية تحمل جثمان راكب توفي في الجو


[JUSTIFY]عادت طائرة شركة تاركو الرحلة «311» المتجهة إلى القاهرة مساء الأحد الماضي أدراجها لمطار الخرطوم بعد وفاة أحد الركاب على متنها وهي في الأجواء السودانية.

وفي موقف إنساني نادر قدر كابتن الطائرة محمد التلب ما ستعانيه أسرة المتوفي المرافقة له في حالة استمرار الرحلة وما يلحق بها من إجراءات ومشرحة وقرر العودة للخرطوم بعد استئذان إدارة الشركة والركاب.

وأشادت أسرة المتوفي مصطفى إبراهيم بري بالموقف النبيل للكابتن ولأسرة الشركة وقال د. يحيى التكينة عن الأسرة في رسالة مطولة بعث بها لمدير التحرير الأستاذ عبدالعظيم صالح تنشر بالكامل في زاويته (خارج الصورة)، قال إن وفداً من الشركة زار الأسرة في اليوم الثاني وقدم تعازيه وأحضر معه عفش أفرادها المسافرين، وقال وفد الشركة إن ما قاموا به هو واجب تجاه أسرة ومواطن شاءت إرادة الله أن يتوفى وهو في الأجواء السودانية، وأشادت الأسرة بموقف الشركة التي فضلت الموقف الإنساني على الخسائر المادية.

في ما يلي نص الرسالة

أخي الأستاذ/ عبد العظيم

كل تحية دون المقام

.. استأذنكم.. فهذه كلمات في حق رجال نسجوا على نوتة الزمان أهازيج حب الوطن والحفاظ على عاداته وتقاليده وموروثاته في زمن أصبحت فيه السحب الدكناء تغطي حالنا.. فالخلاف والحوار والغلاء والهجرة وضيق ذات اليد.. مع لحم الحمير والكلاب والناموس والذباب وغيره كثر.. كل هذا يا صديقي لم يستطع أن يمسح من ذاكرة الوطن معاني الشهامة والرجولة وإعادة إضاءة شموع الأمل والرجاء.

ما أكتبه في حق رجال اشتعلت أنفسهم حباً ووطنية.. وامتلأت قلوبهم بنور الإيمان.. رضعوا لبن التوادد والتراحم وحملوا في دواخلهم تراث الآباء والأجداد ولبن حرائر النساء وحسن تربيتهن.

هم نسجوا على نوتة الزمان معنى الرجولة والشهامة.. وعزفوا على قيثارة الوفاء وحفظ كرامة الإنسان وإكرام الميت ودفنه أروع الأمثلة التي يجب أن تؤرخ وتوثق لمجموعة من الرجال.. لم يهتموا بالخسائر المادية.. ولم يهتموا بالصعوبات ولا التكاليف ولا غيرها.. كل الذي فعلوه وما أعظمه أنهم انطقوا أوتار الحنين إلى الجذور وأعادوا إلى أذهاننا معنى الشهامة والرجولة وكرامة أهل السودان، أضاءوا شموع الفجر ووضعوا على لوحة الزمان مفاتيح الوطن الذي لا يذل ولا يضام في لوحة للشهامة والمروءة قل أن يجود بها الزمان.

والقصة ببساطة «طائرة شركة تاركو» الرحلة «311» المتجهة إلى القاهرة مساء 42/8 بقيادة الكابتن محمد التلب ورفاقه.. أقلعت كاملة العدد من مطار الخرطوم تحمل «خالنا» في رحلة علاج إلى القاهرة ترافقه زوجته وكريماته.

قبل الوصول إلى الأجواء المصرية تعرض خالنا لأزمة صحية وشاءت إرادة الله أن يفارق الحياة وهو يحلق فوق أجواء بلده.

سرى الخبر بين الركاب.. فالإنسان تصيبه الأقدار وهو مستعد لها.. أو تصيبه غفلة على غير استعداد.. تبدل الحال في الطائرة كعادة أهل السودان شهامة وكرامة.. كان الوفاء قمة.. والمواساة نموذجاً للأسرة المكلومة.. فقد عاش الركاب وقتها في نور النسك والإيمان وتلاوة القرآن واحتضان الزوجة وبنات الفقيد في شكل يعجز كتاب التراجيديا عن تصويره.

الطيار الإنسان وطاقمه السوداني الأصيل.. وضعوا للمجهول حساباً.. وما ستعانيه الأسرة في حالة استمرار الرحلة وما سيلحق من تحقيقات ومشرحة ومعاناة للأسرة المرافقة والحالة النفسية التي ستعيشها هنا وفي القاهرة.

في لحظات صدق وإيمان.. في لحظات الرجولة والمواقف التي تسجل.. وبإيمان الخاشع المؤمن بحكمة السماء «لا تدري نفس بأي أرض تموت» ومع قداسة السكون.. ودعوات الركاب وكريم المواساة.. اتصل الكابتن بالشركة في الخرطوم طالباً الإذن بالعودة وإخطار أهل المرحوم بما حدث.

استجاب الكادر بقيادة يحيى باخريبة وأحمد المهدي ومحمد عبد الرسول وأعطوا الأوامر بالعودة.. وأكملوا الاستعدادات دون النظر للخسائر التي ستلحق بالشركة جراء الهبوط والإقلاع وكافة التكاليف.

عشنا صورة العودة بعيون الخيال.. ركاب الطائرة يلفهم الصمت.. ترتسم على وجوههم علامات الأسى.. الدموع تملأ المآقي.. ونشيج النساء يرسم لوحة الحزن على رفقاء الرحلة.. أحاسيس ومشاعر في فيض إنساني، حركة من الأسى فيها ما يقبض الصدر، ويكمد النفس ويثير الأسى.. ولكن الإيمان يملأ القلوب «وبشر الصابرين» فقد صبر الجميع وامتثلوا لحكمة السماء.

التحية والتقدير لشركة تاركو للطيران وهي تضحي من أجل كرامة الميت وإعزازاً للقيم والمثل وتأكيداً لأهل الحوار أن الوطن بخير

التحية للأخلاق السودانية وللشهامة والرجولة وللذين أناروا لنا شموع الأمل في غدٍ مشرق.. تحية لركاب الطائرة وهم يعيشون الحزن ويترحمون على الفقيد.. والتحية للوطن الجريح الذي يضم أمثال هؤلاء الرجال في حادثة نهديها للعالم بأن أهل السودان فوق الخلافات.

شكراً شكراً تاركو للطيران

د. يحيى التكينة

٭ من المحرر:

اكتفي بالتعليق بهذه المقدمة التي أرسلها لي الصديق التكينة وأنا أقول له كيف أرفض؟

أخي الأستاذ عبد العظيم

مثلكم لا يرفض لي طلباً عشنا المأساة التي أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون نهاية خالنا ورحيله على متن طائرة تاركو.. ما قامت به الشركة يستحق أن نعكسه للرأي العام إشادة وتقديراً وتحملها للخسارة الكبيرة.. شهادة في حق الأعراف السودانية وما عكسته الرحلة من مشاعر إنسانية من ركاب الطائرة يستحق منا أن نوثقه.

ومثلكم لا يرفضون نشر كلمتي.. فالشركة تستحق أن تحظى بتعليق من قلمكم والإشادة بأهل السودان.. فمن وسط الركام تومض شموع التفاؤل بالوطن.

صحيفة آخر لحظة
ت.إ

[/JUSTIFY]

‫8 تعليقات

  1. للفقيد الرحمة الواسعة وجنات الخلد باذن الله
    لشركة تاركو بدا من طاقمها الشهم وادارتها التقية كل شكر وعرفان وربنا يخلف عليهم ويبارك لهم في رزقهم كمان وكمان .

  2. [SIZE=4][COLOR=#8D00FF]مفروض ناس الطيران يساهموا معاهم في تكاليف الوقود (حق الجاز)، لأنو الرجعة دي بتكون كلفتهم بنزين طيارات بالشئ الفلاني.[/COLOR][/SIZE]

  3. الله عليك ياوطن وعشت يا سودانى عشت ياسودانى وتقبل الله الفقيد واسكنه فسيح جناته

  4. سؤال لى ناس الطيران المدنى .. الركاب لمن يكونو في سماء دولة معينة ؟ محسوبين على البلد السافرو منها ولا البلد الطايره فيها الطيارة ؟ واذا الكابتن واصل للقاهرة اولاد بمبه كانو حايستلمو الميت ولا بيلزمو شركة الطيران ترجعو ؟!!!!

  5. من لا يشر الناس لا يشكر الله

    شكرا شركة تاركو

    شكرا د. التكينه فمن يعرف الفضل يستحق الشكر

    وشكرا للجريده على نشر رساله أسره المتوفى

    رحم الله المتوفى وأسكنه فسيح جناته والعزاء لأسرته

  6. ربنا يرحم العم مصطفي بري وهذه هي عادات الشعب الأصيل ونفتخر أننا من هذا الشعب الأبي