محمود الدنعو

تفجيرات بيروت!


[JUSTIFY]
تفجيرات بيروت!

التفجيرات التي استهدفت السفارة الإيرانية في لبنان شكلت اختراقا أمنيا خطيرا كون الموقع المستهدف في الضاحية الجنوبية من الأماكن التي تحظى بتواجد أمني مكثف لأهمية المنطقة الإستراتيجية التي تعج بالسفارات والمؤسسات الإعلامية والمصرفية ومكاتب حزبية ومنازل سياسيين لبانيين، مما أدى إلى سقوط 23 ضحية و146 جريحا بينهم الملحق الثقافي الإيراني في لبنان الشيخ إبراهيم أنصاري الذي نسأل الله أن يدخله فسيح جنانته مع الصديقين والشهداء، فقد عمل بالسودان لأكثر من خمس سنوات مديرا للملحقية الثقافية الإيرانية بالسودان، وسعى جاهدا التواصل مع النخب السودانية رغم الفوارق المذهبية.
التفجيرات التي تبنتها لاحقا كتائب عبد الله عزام التابعة للقاعدة أرسلت إنذارا خطيرا بأن الحرب الدائرة في سوريا منذ أكثر من عامين امتدت إلى لبنان المجاورة وأن لبنان باتت مسرحا لصراع إقليمي على أساس طائفي يشتعل في المنطقة.
دخول حزب الله المدعوم من إيران الحرب في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد يجعل من الضاحية الجنوبية معقل حزب الله في بيروت ولبنان عموم يجعلها في مرمى نيران الانتقام من الأطراف المتصارعة في سوريا، لا سيما وتوقيت التفجيرات يأتي في ظل الحديث عن مشاركة لإيران في مؤتمر جنيف المرتقب لحل الأزمة السورية، وهو ما ترفضه الكثير من عناصر المعارضة السورية التي ترى إيران جزءا من الأزمة وليست جزءا من الحل.
تفجيرات بيرون إذن هي ثمن تدخلات بعض الأطراف اللبنانية في الأزمة السورية، وهو ما دعا سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية حسب بيان صحفي تلقت وكالة أنباء الشرق الأوسط نسخة منه أمس- إلى المطالبة بتحييد لبنان فعلياً وعملياً عن كل ما يجري حوله، وذلك بضبط الحدود اللبنانية – السورية بانتشار فعلي للجيش اللبناني عليها.
تفجيرات بيروت ليست فقط قامت بنقل الحرب السورية إلى الداخل اللبنانى ولكنها أحدثت تحولا نوعيا، فلأول مرة يتبنى تنظيم القاعدة عمليات في لبنان ليؤكد التنظيم حضوره من العراق إلى سوريا إلى لبنان في مواجهات مفتوحة مع التنظيمات الشيعية التى تحظى بالدعم الإيراني.
التفجيرات وجدت إدانات دولية واسعة، فالعمل الإرهابي من حيث المبدأ مدان ومستنكر من الجميع فضلاً عن الاستهداف يأتي في وقت تشهد علاقات إيران والغرب نوعا من الانفراج الحذر، حيث جاءت التفجيرات بعيد اتصال هاتفي بين الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد اميرون، وهو الأول من نوعه منذ عقدا من الزمان، بعد اتصال مماثل مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقبيل انطلاق الجولة الحاسمة من المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة 5+1 والعلاقات الثنائية، وبالتالي فإن هذه التطورات لا تنفصل عن بعضها وتشكل تحديا جديدا لإيران المتطلع إلى غد أفضل فى علاقاتها الدولية.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي