تحقيقات وتقارير

نائب جديد “باشوا” ساعد “بن شمباس” الأيمن في يوناميد دارفور.. تفويض في عين العاصفة


[JUSTIFY]تستقبل دارفور بقرار أممي النيجيري أبيودون أولوريمي باشوا، نائباً لرئيس بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد).. النائب الجديد سيكون ساعد بن شمباس الأيمن لمواجهة مرحلة جديدة مليئة بالتحدِّيات، في أعقاب استقالة إبراهيم قمباري، الذي حل محل رودلف أداد.

بيان البعثة الصادر (الأربعاء) ذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ورئيسة الاتحاد الأفريقي، نكوسازانا دلاميني، اتفقا على تعيين باشوا نائباً لرئيس البعثة محمد بن شمباس، ونوَّه إلى أن الرجل المولود في العام 1951م يتمتع بحصيلة معرفية جيدة عن البيئة والأوضاع السياسية في إقليم دارفور. وعمل باشوا في بعثة “يوناميد” منذ أغسطس 2009م في العديد من مستوياتها المختلفة، بما فيها منصب مدير الشؤون السياسية وشغل في نهاياتها منصب مدير الدعم المشترك وآلية التنسيق. ويتمتع الرجل طبقا للبيان بخبرة واسعة في العديد من عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة في أفريقيا، بينها “ساحل العاج” وليبيريا وسيراليون والسودان. وباشوا حاصل على دبلوم دراسات عليا في اللغة الفرنسية من جامعة بيزانسون بفرنسا وبكالوريوس العلوم مع مرتبة الشرف في علم الاجتماع من جامعة إيبادان بنيجيريا.

سنوات مريرة:

حسنا.. (يوناميد) واجهت سنوات مريرة، وتكبدت خسائر فادحة في الأرواح والأموال، وجوبهت بعاصفة من الانتقادات الحادة مما عجَّل برحيل رئيسها (ردولف أدادا) الرجل الذي قاد البعثة منذ بدايتها، وأشرف على عملية نشر القوات وهي عملية صعبة وبطيئة، وأدَّى بطء نشر القوات إلى إصابة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وموظفي الإغاثة والنشطاء بالإحباط، واشتكى الدبلوماسيون والنشطاء أيضاً من أن الأمم المتحدة لم تفعل شيئاً يذكر من أجل إحياء عملية السلام المتوقفة في دارفور.. وفي مرحلة فاصلة أعلن خلفه، إبراهيم قمباري، أن مجلس الأمن بصدد استصدار قرار يقضى بمراجعة وضعية البعثة في دارفور بعد انقضاء أربع سنوات على بدء أعمال البعثة في الإقليم، موضحاً أن الأموال الناتجة عن تقليص البعثة ستوجه إلى برامج التنمية بالإقليم.

مواجهة صعوبات:

منذ صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1706) في أغسطس من العام 2006م بتحويل قوات الاتحاد الأفريقي في دارفور إلى قوات أممية، قاومت الحكومة القرار بقوة ورفضته ولم يغمض لها جفن إلا حينما استُبدل بقرار آخر (1769) يقضي بنشر ما عُرف بـ(القوات الهجين) (المُسماة يوناميد، أو البعثة الأممية الأفريقية في دارفور).

بعد مرور سنوات عديدة مرت مياه كثيرة تحت الجسر، وواجهت البعثة الأممية صعوبات كثيرة على رأسها اختطاف سياراتها وموظفيها، وظلت تحتاج إلى الحماية، غض النظر عن حماية الآخرين من نازحين ولاجئين طاردتهم قوات الحركات المسلحة في ربوع إقليم دارفور، ورغم الميزانيات الضخمة التي تصرفها البعثة في العام والتي قُدرت بـــ(1.7) مليار دولار أمريكي في السنة المالية (2011-2012م) إلا أنها ظلت عاجزة عن حماية قواتها ناهيك عن إنفاذ المُهمة التي دخلت إلى دارفور من أجلها، وهي حفظ الأمن. وتأخذ (يوناميد) على عاتقها حماية المدنيين كمهمة أساسية لولايتها، كما تقوم أيضاً بمهام تحقيق الأمن للمساعدات الإنسانية وتأكيد ومراقبة تنفيذ الاتفاقيات والمساعدة في العملية السياسية الشاملة هناك. بالإضافة إلى المساهمة في تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون، وتقوم بالرصد والإبلاغ عن الحالة على الحدود مع تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.

خطط استراتيجية:

تحدثت المواد (5-6-7) عن الجانب المدني أو ما يُعرف بـــ(المكون المدني) في مهام بعثة (يوناميد) يتعلق بالمساعدة في إنفاذ سلام دارفور وفق ما جاء في اتفاقية سلام دارفور (أبوجا) 2006م وذلك بدعم مؤسسات السلطة الانتقالية ومجلس دارفور للسلم والمصالحة ومفوضية أراضي دارفور بالإضافة للعمل على نشر ثقافة السلام بين مختلف مكونات المجتمع والمؤسسات المدنية العاملة في دارفور والعمل على إعادة بناء قواعد المجتمع وفق التصالح والتعايش ونبذ العنف وإعلاء قيم التسامح والسلام.

أما المادة (9) فتحدثت عن مهام المكون العسكري للبعثة المختلطة وهو حماية المدنيين كما سيعمل أيضاً على تنفيذ بنود أمنية محددة أنيطت بكل من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بموجب اتفاقية سلام دارفور والاتفاقيات اللاحقة. إن العمليات المختلطة ستقوم على جهود بعثة الاتحاد الأفريقي للتأكد من العملية النافذة لفصل القوات بواسطة عمل الدوريات المتعلقة بإعادة الانتشار والمناطق العازلة وسحب الأسلحة طويلة المدى، وتعمل أيضاً على مراقبة انتهاكات اتفاقية سلام دارفور وإجراء التحقيقات فيها وإعداد التقارير حولها وحسمها بواسطة لجنة وقف إطلاق النار والمفوضية المشتركة، كذلك تقوم بمراقبة الحدود بين السودان وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وتدعم عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، وقد أوضحت لجنة إعداد الدراسة السريعة لمتطلبات عمل بعثة (يوناميد) في التاسع عشر من فبراير 2007م أن حجم وتعقيد هذه المهام في ضوء الوضع الأمني سيتطلب قوة أكبر من بعثة الاتحاد الأفريقي الحالية بحيث تشمل أجهزة قيادة وإدارة واتصالات قوية وستتطلب تضاريس المنطقة الصعبة وغياب البنى التحتية للطرق وخاصة أثناء موسم الأمطار وجود قوة مجهزة بسيارات برية ذات قدرة على التحرك السريع وعناصر جوية للمساعدة على الملاحقة والتتبع.

عقبات لوجستية:

القائمون على أمر البعثة يقولون إن قوة (يوناميد) تواجه العديد من العقبات اللوجستية والأمنية باعتبار أنها تعمل في تضاريس لا ترحم وفي بيئة سياسية معقدة، وغالباً ما تكون معادية، ويؤكدون على أن البعثة تواجه نقصاً حاداً في الموجودات والنقل، والمُعدات والبنية التحتية والطيران الحرجة. ويشيرون إلى أنها تبذل كل ما في وسعها، وبموارد محدودة من أجل توفير الحماية للمدنيين في دارفور.

انتقادات عنيفة:

عود على بدء.. يبدأ فريق خبراء من الأمم المتحدة خلال الأسبوعين المُقبلين، تحقيقاً في إقليم دارفور حول ما نُشر من تجاوزات للبعثة المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد)، حول عدم نقل الصورة الحقيقية إلى مجلس الأمن بشأن الأوضاع في الإقليم. وتواجه البعثة الأممية انتقادات واسعة بالتقصير في حماية المدنيين، أو تقديم تقارير علنية عن انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في دارفور من جانب أطراف النزاع، بما فيها الحكومة السودانية.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، كلَّف يوليو الماضي، الأمانة العامة للأمم المتحدة بمراجعة التحقيقات والتحريات التي أُجريت منذ العام 2012م، وكشف عن إعداد تقرير في غضون شهر واحد، لمعرفة الإجراءات التصحيحية المُنتظر اتخاذها.

تسريب تقارير:

ونشرت مجلة (فورين بوليسي)، أبريل الماضي، مزاعم تستند إلى تقارير داخلية مسربة من طرف المتحدثة السابقة باسم بعثة حفظ السلام، عائشة البصري، تفيد بأن قيادة البعثة أخفقت في تقديم تقارير دقيقة حول جرائم مرتكبة في دارفور تشمل قتل مدنيين، واعتداءات على أفراد البعثة كالاعتداء الذي وقع في مهاجرية بجنوب دارفور في أبريل 2013م وتسبب في قتل أحد جنود حفظ السلام وجرح اثنين آخرين. وقال الممثل الخاص للبعثة المشتركة، محمد بن شمباس: “سيصل فريق يتبع للأمم المتحدة من نيويورك إلى إقليم دارفور خلال أسبوع أو أسبوعين، للتأكد من مزاعم نقلتها المتحدثة السابقة باسم البعثة إلى رئاسة الأمم المتحدة”. وأكد بن شمباس، في مؤتمر صحفي عقده مؤخراً بالخرطوم، أن مجلس الأمن شكل لجنة من خبراء الأمم المتحدة وكلفها بزيارة الإقليم لمراجعة تدفق المعلومات توطئة لرفع تقرير إلى المجلس، وأشار إلى التقائه الفريق الأممي في نيويورك، لافتاً إلى أن البعثة ليس لديها ما تُخفيه من معلومات وحقائق. وقال: “سيجد منا فريق الخبراء دعماً كاملاً ومستعدون لمده بالحقائق”.

بهرام عبد المُنعم: صحيفة اليوم التالي
[/JUSTIFY]