حوارات ولقاءات

الرئيس الأريتري أسياس أفورقي (1): رحيل قرنق أثر على القدرات التنظيمية للحركة


البساطة المفرطة في هندام الرئيس الأريتري أسياس أفورقي كانت أمراً لافتاً لحظة استقباله لنا داخل قصره الرئاسي في عاصمته الحصينة أسمرا، فالبدلة (الكاجوّل) والحذاء الأريتري التقليدي منحا الرجل هالةً من الحضور المتناغم مع خلفياته كمناضلٍ بسيط مضى بدولته الى آفاق تحرر وضعها في مقدمة البلدان ذات الزخم السياسي والمواقف المثيرة للجدل.
ولأكثر من ساعتين ونصف الساعة ظللنا ندلق على طاولة الرئيس أسياس أسئلة ساخنة، لكن الإجابة كانت تخرج باردة من ذهنه المرتب وذاكرته المتقدة. فأفورقي يتمتع بثقافة موسوعية وإلمام كبير بقضايا المنطقة وملفات السياسة الدولية، ومع ايقاع الاسئلة الذي ظل يعلو ويهبط كان مزاجه معتدلاً وظل يتقبل بصدر رحب ما طرحناه عليه بالرغم من حساسية بعض الأسئلة التي تناولت قضايا السودان واريتريا والعلاقات الثنائية والأوضاع في منطقتي القرن الأفريقي والشرق الأوسط الى جانب الملفات الدولية الساخنة.
الرئيس الأريتري كان حريصاً على أن تكون ابتسامته وفد مقدمة لإجابات على أسئلة أكسبها تقاطع الأجندة وسباق المصالح وسطوة الاستراتيجيات حساسية بالغة، فتحدث إلينا عن مستقبل جنوب السودان والعلاقات الأريترية الأثيوبية وعلاقته بما يجري في الصومال، وعرّج على أزمة دارفور ومستقبل الجنوب، وتناول رؤية بلاده للعلاقات بين السودان وتشاد قبل أن يتحدث عن ملف إسرائيل وغارة الشرق وعلاقة بلاده بإيران ومواقف الولايات المتحدة الأمريكية وأزمة الشرق الأوسط.
أفورقي لم ينسَ أن يتحدث عن حياته الخاصة وعلاقته بجبهة التحرير وزوجته المناضلة، قبل أن يتحدث ولأول مرّة عن رفاق الأمس الذي تعتقلهم أريتريا، كاشفاً عن معلومات جديدة.. فإلى مضابط الحوار:-
…………………………………………………………………………………..
? سيادة الرئيس ما هو حجم علاقتكم مع اسرائيل التي تكثف منذ فترة نشاطها في المنطقة وكيف تنظرون الى التحركات الاسرائيلية في الحدود السودانية التشادية، والمستشفى الاسرائيلي الذي اقيم مؤخراً في الحدود وزود بأجهزة تجسس حديثة؟
– مقاطعاً «شوف انتو يكون عندكم معلومات اكثر مننا في هذه العملية» «يضحك».. الحديث عن وجود اسرائيلي في الحدود السودانية التشادية نسمعه كمعلومة تسرب لأجهزة الإعلام، وما حقيقة، هذا الأمر سؤال يطرح نفسه؟، العملية التي تمت في الحدود السودانية المصرية لما أسموه بقوافل متجهة لغزة جاء بعد شهرين أو اكثر تقريباً لماذا؟ لا اعرف، وربما كنا من أوائل الناس الذين عرفوا انه كان هناك قصف ليلي حوالي الساعة الثانية في 12 يناير لأن هناك شباب اريتريون يعملون ضمن تهجير المواطنين والشباب وتجارة البشر، وتجارة البشر مستمرة في الحدود السودانية الليبية والسودانية المصرية، والمصرية الاسرائيلية، والشواطئ الليبية المصرية والبحر الابيض المتوسط وانتقال المهاجرين هذا موجود، وعرفنا بحكم انه كانت هناك اسر وشباب ضحايا لتلك العملية، وكانت عملية مدهشة بالنسبة لنا لأن الروايات التي كانت تأتي من الشباب الذين نجوا من العملية كانت مفجعة، من اين جاءت هذه الطائرات؟ وكيف جاءت في تلك الساعة ليلاً؟ واسئلة كثيرة، لم يكن هناك خبر اطلاقاً وجرت عملية ثانية مماثلة بعد حوالى خمسة او ستة اسابيع تقريباً، ولم يكن هناك خبر الا مع احداث غزة وتهريب الاسلحة وغيرها جاءت هذه العملية وبدأ مسؤولون سودانيون بالحديث عن هذا الموضوع، وأنا لا أحاجج اي شخص في هذا الموضوع لكن نريد مزيداً من المعلومات عن هذه العملية « ما تجيب لي صور عن السيارات التي دمرت وعن الجثث لكن جيب لي معلومات عن كيفية حدوث هذه العملية)، واذا كانت الطائرات انطلقت من اسرائيل فكيف عبرت أجواء مصر والسودان مثلاً؟
وكيف تجرأت بتجاوز سيادة هذه الدول؟ هل هذه الحكومات والبلدان لا تملك الامكانات لرصد اختراقات جوية؟ ألم يكن ممكناً ان تتم متابعة بعد العملية الأولى؟ الى هذا اليوم يقولون إن الحكومة السودانية تدرس هذه العملية نتمنى لهم الخير والنجاح إن شاء الله وهناك كل يوم حديث عن هذا الموضوع، وأنا لا اريد الدخول في جدل حول اسرائيل واستراتيجيتها ووجودها هنا وهناك وعملها، وأنا لا ا ريد الدخول في قضية ليست موجودة اصلاً،
? مقاطعة: السؤال عن حجم العلاقة؟
ما في حجم في سفارة موجودة وهذا تمثيل دبلوماسي عادي السفارة الأمريكية موجودة وسفارات اخرى موجودة، وهو مجرد وجود سفارة لا أكثر ولا أقل، هذا كلام مكرر فأنا واحد من الصحفيين يسألني ويقول لي : العمليات التي تجري في الحدود السودانية التشادية تدار من السفارة الاسرائيلية الموجودة هنا؟ السفارة الاسرائيلية الموجودة هنا في اسمرا تدير العمليات الموجودة هناك؟ نحن ليس لدينا علم بذلك فكيف يكون لديك علم؟ كيف يكون عندك علم باشياء تحدث ونحن لا نعلم؟ هل هي عملية فنية معقولة؟ اذا كانوا موجودين في الحدود السودانية التشادية ما هو المنطق والخيار بأن السفارة الموجودة هنا تدير العمليات هناك؟ ويأتي آخر ويقول لي إن هناك قواعد اسرائيلية موجودة في البحر الاحمر؟ الآن «دي اسطوانة نحن ملينا منها» هذه اسطوانة قديمة انكسرت والناس ملوا منها. «بعد شوية يجي واحد يقول لك: والله في قواعد ايرانية موجودة؟ بالله وهذه اسطوانة جديدة..» هذه اساءة لعقول الناس ونحن بشر مهما كان لنا كرامة ولنا موقف ولنا مسؤوليات .«ويجي واحد يقول لك هذا الكلام وحتى الذين ينقلون هذا الحديث دون التأكد منه ويروجون لهذه المعلومات يسيئون لعقولهم اولاً قبل كل شئ، فقضية اسرائيل والصراع الاسرائيلي العربي والمشكلة الفلسطينية الاسرائيلية وما هيتها وهل هي مواقف دول أو مواقف قوى سياسية بعينها في المنطقة؟ وكيف تتمدد في المنطقة هنا وما هي مصالحها؟ ومن يعمل معها ومن لا يعمل معها ومن معها ومن ضدها؟ هذه قضية ثانية نحن لا ندخل في تجاذبات ومشاكل زي دي..«يضحك» نحن لنا اراؤنا ومواقفنا في هذه العملية، اما كل يوم قصة وكل يوم اسطوانة جديدة وكل يوم شئ جديد فأنا اقول إنه حان الوقت ليقول الناس «كفى» ان تكون هناك اساءات مستمرة لعقولنا ولا يكون لديه موقف سياسي معين ويريد العمل باتجاه معين من خلال موقف سياسي، فهو «مخير» ويكون موقفه معلناً واذا كان هناك من يريد العمل مع اسرائيل يكون معلناً، ولو كان يريد العمل مع جهات أخرى يكون معلناً ايضاً ولا تكون هناك خفايا وتلاعب في تسريبات هنا وهناك فهي عملية غير مجدية، وهناك قضايا حقيقية تحتاج الي معالجات حقيقية ونحن يجب الا نكون رهينة لتسريبات ومعلومات تشوش هذا الواقع، وأنا اقول إن السياسيين وخاصة الإعلام العربي يجب ان يكون واعياً لما يطرح وللمغزى من هذه الاطروحات، وبالنسبة لنا لامن قريب ولا من بعيد تلمسنا ولا عندنا، وكلما تكون هنالك أسئلة نقول «والله نحن ملينا هذه الاسطوانة».
? سيادة الرئيس بعض المراقبين يقولون إن هناك تطوراً في العلاقات الاريترية الايرانية، كيف جمعتم بين النقيضين إسرائيل وإيران؟
ليس هناك شيئاً جديداً في هذا الأمر اولاً نحن شعب يحترم نفسه، ولا نقبل ان نكون تبعاً لأية قوة ليس قوة اقليمية حتى ولو كانت قوة عالمية، فنحن لا نقبل ان نتبع لأية قوة عالمية اطلاقاً ولا تكون هذه جزءاً من ثقافتنا السياسية، حاربنا الامريكان عندما كانوا يقفون ضدنا بالمرصاد ودعموا نظام هيلا سلاسي عسكرياً ووقفوا ضد قضيتنا ولم يكن يقف معنا احد غير التعاطف والدعم الادبي للعرب ولم تكن لدينا قوة تمدنا باسلحة وامكانيات اطلاقاً، وتبدلت الأمور فجاء السوفيت ودخلوا بجانب الحكام في اثيوبيا فوقفنا بالمرصاد وحاربناهم لأكثر من سبعة عشر عاماً ووصلنا الى ما وصلنا اليه ولم يكن هناك احد يدعمنا في حينها لا الأمريكان ولا غيرهم والاعتقاد بأننا تابعين إساءة، اليس هنالك استقلالية قرار أليس هناك كرامة شعب؟ أليس هناك كرامة حكومة؟ ولابد ان تكون تابعاً لإيران أو اسرائيل أؤ غيرهما؟ هذه مسألة مسيئة في رأيي، وعلاقتنا بإيران بدأت قبل عام أو اكثر وليس هناك شئاً غريباً في الأمر وربما كانت علاقة إيران بالسودان وباثيوبيا وبكينيا اقوى وأكثر وحجم أرقام التعاون الاقتصادي الكبيرة متوفرة وموجودة، وليس هناك شئ قد بدأ في العلاقة، كان هناك فتور ولا ندري لماذا؟ وبدأت تنشط العلاقات «وقلنا ما في شئ» وقلنا تكون لدينا علاقات طبيعية مع كل الدول بصرف النظر عن ايدلوجياتها وتوجهاتها السياسية دولياً وأقليمياً، نحن دولة مستقلة ولدينا استقلالية قرارنا وخياراتنا هي خيارات سيادية، أما ان نكون جزءاً من محور موجود هنا او محور موجود هناك ونكون تابعين لهذا ولذاك فهذه يمكن ان تكون خيارات حكومات اخرى لكن هنا داخل هذه الارض الطاهرة لا يمكن ان توجد حكومة تكون تابعة لأية قوة اقليمية او دولية اطلاقاً ولا ندخل في التجاذبات الموجودة لدينا عقلنا وخياراتنا حتى لا نختلف مع شخص ولا ندخل بشكل انتهازي لنرتزق من هذا او ذاك ونقف مع هذا ونقف ضد ذاك فهذا امر غير موجود هذه الدولة والحكومة والشعب ما كانت لتوجد لو كنا دخلنا في مسارات ارتزاقية أو انتهازية وهذا امر غير موجود هنا استقلالية قرار حقيقي و«مخيرين» في عمل علاقات مع كل البلدان، ولا أحد يمنع أو يفرض على أية حكومة ان تكون لديها خيارات خارج ارادتها، وأنا اقول إن هذا من ضمن حملة «لشيطنة اريتريا» تهدف لخلق فتنة في هذه المنطقة فمن يستفيد من أية فتنة بين شعب وشعب وبين حكومة وحكومة فهناك قوى معروفة تستفيد من هذه العملية ولسنا مستعدين لخدمة هذه الاجندات ولن نكون ضد دولة في المنطقة هنا حتى لو تباينت مواقفنا وتكون لدينا اراؤنا السياسية في بعض الأمور، وتكون لحكومات وقوى سياسية اخرى في المنطقة اراؤها ومواقفها وخياراتها، فهي مخيرة، نحن لا نريد ان نفرض رأينا ولا ان يفرض علينا رأي من الخارج، وهذه هي سنة الحياة السياسية عندنا في هذا البلد.
? يقال إن تصريحاتكم حول المقاومة الفلسطينية ازعجت الرأى العام الاسرائيلي كثيراً؟ واعتبرت دليلاً على فتور في العلاقة مع اسرائيل؟
«مافي فتور» ولا شئ جديد في هذا الأمر، وهذا الحديث ليس جديداً وأنا قلت في مقابلة إن هناك كتاباً لـ «برجنسكي» صدر قبل سنة تقريباً أو اكثر وقد لا اتفق مع «برجنسكي» من خلال الكتب التي صدرت في عصرنا في هذا المجال في كل اطروحاته السياسية ودوره وغيره من الأمور ولكنه كتب عن الازمة الاسرائيلية الفلسطينية او المشكلة العربية الفلسطينية وأوردها في اطار رصد للإدارات الامريكية وتحدث عن الفرصة التي ضاعت، بدأ ببوش الأب والسياسات التي اعتمدها ثم كلنتون وثمانية اعوام من السياسات، وبوش الابن وهناك حقائق يذكرها هناك عن السياسات الاسرائيلية وحرفياً يقول: «سياسات لا تريد سلام وسياسات تعتمد على خلق أمر واقع، ولا يتفاءل بأن يكون هناك حلاً سلمياً لهذه القضية، فهل تختلف مع رأيه؟ وهل هناك شيئ يختلف عن التحليلات التي قام بها؟ وهو مستشار الأمن القومي، ومستشار لحكومات وإدارات في أمريكا، يقرأها بشكل صحيح وقد تختلف معه في قضايا وهذا هو الواقع الموجود، وما نراه يومياً هو هذا الشئ، وأنا اضفت الى هذا الموضوع انه وحتى القيادات السياسية الفلسطينية تجري وراء سراب، من اوسلو الى انا بوليس.. و«كلام كثير ما شي» .. «يضحك» وحقيقة يجب ان تكون هناك حريات للتعبير تعبر عن الواقع الموجود بموضوعية فهل استفز هذا احداً؟ هذه عملية ضمن الحملات وبعدها بدأت امور وهذه حقائق موجودة واذا كانت هناك من يريد التحدث في هذه المواضيع فليتكلم مع اصحاب القضية، ومع المحللين المتابعين الذين وصفوا واقع الحال ولم يقفوا عند هذا الحد وإنما طرحوا مقترحات لا يجاد حلول، من مصلحة المنطقة ومصلحة الفلسطينيين والاسرائيليين أن تكون هناك قراءة صحيحة للوضع الموجود وإيجاد حلول له، والا فإن الناس سيعيشون في دوامة لا أول لها ولا آخر.. ولا أحد يأتي يقول لك اخرس وما تقول شيء في هذا الموضوع واذا تكلمت تكون انت مستهدف»، شوف نحن ما عندنا مشكلة في قضايا زي دي» واذا كان الناس قد فسروها بفتور او بشئ آخر فحتى لو كان صديقك تقول له الحقيقة في مصلحته ومصلحة قضيته اولاً قبل كل شئ هذه القضية كلها تحتاج الى تأني وقراءة صحيحة بالنسبة لنا هنا ليس هناك حرج ولدينا مواقفنا السياسية ونقول رأينا بدون تحفظ ورأينا هذا مبني على تقديرات وقراءة موضوعية لظروف المنطقة.
? نرجع للسودان، اريتريا كانت مشاركة بشكل فعال في توقيع اتفاق السلام، هل انتم راضون حتى الآن عن مستوى تنفيذ الاتفاقية وما دور اريتريا في هذا الظرف الذي تتنازع في السودان أجندة الانفصال والوحدة؟
والله خلينا نكون واقعيين في هذه العملية .. وكما اسلفت نحن لسنا متفرجين وعندما وقعت الاتفاقية كانت لدينا تحفظات واضحة بدأنا منذ العام 1994م في ايجاد مناخ ملائم لحل هذه القضية، في اطار الايقاد في نيروبي وعقدت اجتماعات لحل هذه القضية ونظرتنا كانت واضحة منذ البداية، حق تقرير المصير وليس انفصال والاحتمالات (999) وحدة وواحد من الالف يمكن ان يكون انفصال نحن لسنا مع الانفصال والانفصال لن يأتي بخير للسودان ولا جنوب السودان ولا للجنوبيين اطلاقاً ومن يعتقد ان هذه العملية ستمضي فإنه لم يقرأ التاريخ ولا يعرف السودان حقيقة ولا يعرف عواقب هذه الخطوة، وقلنا لابد ان تكون هناك حلول للتهميش وحتى في قضية تقسيم الثروة والسلطة كان لنا تحفظ وحتى هذا اليوم قناعتنا ان تقسيم الثروة والسلطة حتى في المرحلة الانتقالية لن يكون مجدياً وبالعكس سيكون تطبيقه معقداً جداً ولن تكون نتائجه ايجابية وهذا ما ثبت الآن.. الآن الخيار شبه محسوم لأن كثيراً من الجنوبيين الذين كانوا يعتقدون ان الانفصال هو الحل فهموا بشكل جيد الآن من خلال التجربة ان الانفصال ليس هو الحل وليس لمصلحة الجنوبيين، وربما كانت هناك بعض القوى السياسية في الشمال وبعض الاصوات تقول: «والله خلونا من الجنوب ونعيش في الشمال بدون مشاكل الجنوب» وهذا رأي خاطئ ايضاً يجب ان يكون هناك تحمل مشترك للمسؤوليات ولا تنفصل قضية عن قضية اخرى، وقلنا إن الاتفاقية بكل شوائبها هي خطوة وتكون هناك حلول لهذه العملية في التطبيق، لكن التطبيق لم يكن موفقاً «ولا أريد أن ادخل في تفاصيل»، والآن جاءت قضية دارفور وعقدت هذه العملية، فعندما جاءت الاتفاقية قلنا إن هذه بداية «ما بطالة» وقلنا إن حجر البناء للسلام والاستقرار قد بدأ وتوقفت الحرب في جنوب السودان ويجب ان تكون القضايا الأخرى ايضاً مكملة بما فيها الشرق والغرب وهذا كان رأي الجميع، فهل الأمور تسير بشكل صحيح حسب الواقع الموجود وليس بتحليلات ولا تخمينات؟ التطبيق لم يكن موفقاً وأنا اتحدث كثيراً في هذا الموضوع والأخوان في الجنوب كانوا قابلين بالطرح الذي ذكرته ولم يوفقوا في الاستفادة من هذه العملية، الوضع هناك غير مطمئن لكن أنا من رأيي ايضاً ان الوعي الآن في اتجاه الوحدة للسودان وإيجاد حلول في إطار الوحدة والدخول في اصلاحات للتطبيق، وهذا جانب إيجابي في المسألة، لكن منذ توقيع الاتفاقية الى هذا اليوم لم تمض الأمور بشكل صحيح، واعترضتها التدخلات الخارجية والمشاكل الأخرى، وحتى قضية دارفور اصبحت عاملاً سلبياً مؤثراً على تطبيق الاتفاقية والتجاذبات والتباينات والاختلافات في الاداء في اكثر من قضية والامريكان يتدخلون لتأزيم الأمور وقوى اخرى تحاول أن تستفيد من ثغرات هنا وهناك، وأنا اقول في رأيي ان الوضع أفضل لكن المسألة تحتاج الى مجهود أكبر وقراءة صحيحة للواقع الموجود وتحمل المسؤوليات بشكل مشترك.
? الانفصال نفسه أصبح نغمة تتصاعد يومياً في دوائر الحركة الشعبية تحديداً للحد الذي اوعز للقوى السياسية في الشمال ان وحدة الجنوب هي امر يعني الشمال فحسب ما تعليقك علي هذا الجانب؟
أنا قراءاتي تختلف قد تكون هناك أصوات موجودة في الجنوب تتحدث عن الانفصال، قلنا سيناريو معين او فرضية ان الجنوب اصبح دولة مستقلة «وأنا من زمان اقول هذا الكلام حتى عندما كان قرنق موجوداً كان هذا حديث مستمر مع المناسبات التي كانت متوفرة» وليس اعتماداً على تجارب كثيرين في افريقيا ستكون كارثة موجودة في جنوب السودان: التناحر الداخلي المناخ الاقليمي والتجاذبات والتدخلات الخارجية ستخلق من جنوب السودان مستنقعاً والضرر الأول سيكون على الجنوبيين والشمال لن ينجو من تلك الأزمة، وهذا سيناريو مخيف، وهو ليس سيناريو خيالي بل هو واقع موجود ونعتقد ان خيار الاستقلال في الجنوب هو خيار الإنسان الذي لم يقرأ الأمور بشكل صحيح اطلاقاً.
? سيادة الرئيس في رأيكم هل يمضي مستقبل جنوب السودان نحو الوحدة الجاذبة ام الانفصال السلس وفقاً لقراءاتكم؟
«يضحك» هذه مصطلحات جاءت في زمن معين ويمكن للبعض اختراع معجزة» الوحدة الجاذبة او التي تخلق مناخاً في نهاية المطاف انت الذي تخلق واقعك، اذا كنت أنا مقتنع بالوحدة ومصير واحد مع اخي الموجود في الشمال او في الغرب او في غيره تكون لدي تصورات واضحة وعمل واضح ويكون هناك برنامج وخطط ومشاريع موجودة تشيد، وحتى في قضيتهم كان هناك خلاف هل لأربع سنوات أو ست سنوات وعندما بدأت الفكرة نحن جئنا بالمقترح الأول وقلنا ان المرحلة الانتقالية يجب الا تكون أكثر من اربع سنوات وتحسم الأمور، لكن تجربة اربع سنوات في المرحلة الانتقالية لن تكون التجربة التي تحدد فيها الخيارات للجنوبيين وبعد المرحلة الانتقالية الاستفتاء وقد تحدث اخفاقات ومشاكل، وقد لا تكون العلاقة والتطبيع جاذبة للجنوبيين حتى يقولوا حققنا خلال اربعة أعوام كذا وكذا وكذا، وحياتنا اصبحت افضل وان الامور كذا وكذا ، ولذلك نريد الوحدة، المصطلح كان موجوداً وأنا لم يكن لدي تحفظ كبير حول هذا الموضوع ولكن المهم كان الواقع والتحول المفترض أن يحدث فإذا كانت هنالك نوايا حسنة واستراتيجية واضحة وخطة واضحة وبرامج تنفذ على الارض فحتى ولو لم تكتمل كل متطلبات ترغيب جميع الناس في الوحدة فإن الارادة هي التي ستدفع بالناس لهذا الاتجاه والاستراتيجية هي التي تكون موجهاً، وما يحقق الآن يمكن ان يكتمل حتى بعد الاستفتاء والمهم أن يعيش السودانيين كلهم في سودان موحد ويكون هناك احساس ومواطنة وحقوق للناس، والتاريخ يقول إن هناك مرحلة تاريخية جديدة للسودان بعد خمسين عاماً تقريباً من الاستقلال منذ العام 1956م الى 2008م أو 2009م أو حتى 2016م فإن السودان دخل مرحلة جديدة والسودانيون في الجنوب وفي الشمال وفي الشرق وفي الغرب يحسون انهم سودانيون وتكون هناك تنظيمات ادارية، اقليم، ولاية وغيره، وعددها، وادارات في اطار مركزي او لا مركزي «يمكن تمشي» أما الحكم على الاتفاقية او التوجهات فمن خلال ما يحدث خلال اربعة او ستة أعوام في الفترة الانتقالية ثم بعدها الجنوبيون يقولون إن ست سنوات من المرحلة الانتقالية «ما جابت لينا شئ ولا شفنا شئ» إذن الخيار هو الانفصال، هل نختار الانفصال بهذه السهولة؟ أنا اعتقد ان الاطروحات مع احترامي للناس الذين اخترعوها» أود ان اركز على القضايا الجوهرية في السودان، وهي تجاوز هذه المحنة ورغم التباينات يكون هناك توجهاً وطنياً واحداً لخلق نظام سياسي يستوعب كل هذه الخيارات، والسودان ينعم بالاستقرار والخير وهذا هو المطلوب واذا كان هذا هو الهدف فليس مهماً من اين اتيت ومن اي اتجاه وكيف تعاملت مع الواقع ، والمهم انك وصلت الى غاية معينة متفق عليها في السودان كله.
? عموماً هناك تيار يهيئ الرأي العام بأن لانفصال الجنوب ويتحدث عن وجود دراسات تؤكد ان (90%) من الجنوبيين مؤيدين للإنفصال؟
أنا لا ابالغ في الموضوع ولكن غياب قرنق عن المسرح السياسي في الجنوب اوفى الشمال كان له تأثيراته السلبية وهذا في رأيي لا ينكر، وقد تكون هذه الواقعة اثرت سلباً على ظروف الحركة وقدرتها التنظيمية وجاءت قيادات وتوجه، وهذا ليس شيئاً سهلاً ولا نلوم شخصاً ولا نحمل شخصاً الاخفاقات لأنه واقع موجود وتجربة موجودة كانت لتكون أفضل باستمرارية واضحة بدلاً من ان تكون هناك فجوة وتكون هناك مشكلة، وحتى الضبابية وعدم الوضوح في الرؤية قد تكون ناتجة عن هذا الفراغ، وربما كان بعض الاشخاص مستاءون من الحال التي يرونها ويحكمون على الأمور من خلال الاخفاقات والمشاكل اليومية التي تحدث، ليست المشاكل القادمة من الشمال حتى المشاكل الموجودة في الجنوب غير مشجعة وقد يعتقد البعض إن الانفصال يمكن ان يكون حلاً، وأنا لا اشك ومتأكد من أن قوى خارجية بعينها كانت تدفع بهذا الاتجاه، «يعني مستشارين كانوا جايين رايحين من واشنطن ومن بلدان في اوروبا يقولون والله الخيارات مفتوحة» فالخيارات مفتوحة هذا اصبح مصطلحاً متداولاً في اي مكان «يضحك» فكل الخيارات مفتوحة وأنت تختار خيار دون ان تكون قد تحسبت لعواقب هذا الخيار، ويجب أن يكون لديك تقييم موضوعي للأمر، ونقول إنه وحتى هذه الدفعة من الخارج وتشجيع الناس لتبني خيار الانفصال دون دراسة متأنية كان ناتجاً عن الضبابية المحلية والمؤثرات الخارجية التي كانت غير مجدية في رأيي.

الراي العام


تعليق واحد

  1. سيادة الرئيس الاريتري أين أنت من الشعب وما يعانيه ليست هذه شيم المناضلين الاريترين القدامى وأنت واحد منهم، انظر إلى شعبك اخرج لهم في شوارعهم وبيتهم ومدارس وكلياتهم ومقاهيهم، انظر للجوعى والمتسولون في الشوارع تلمس حاجاتهم ومشاكلهم اليومية.
    الشعب الاريتري في الداخل والخارج يعاني من سوء معاملة الحكومة له، من داخل الوطن يعاني الجوع والغلاء الفاحش والمعاملة السيئة من قبل الحكومة وليس هناك عدل ولا محاكمة والعيشة اصبحت لا تطاق في هذا البلد، ومن في الخارج خاصة في الدول العربية يعاني الآمرين عيشة قاسية وغربة، ومعاملة سيئة ايضا من قبل سفارة دولته في الغربة التي تطالب بأموال وضرائب في حين أنها هذه السفارات لا تقدم أي خدمات أو تسهيلات لمواطنيها المغتربين ولا يستطيع العودة للوطن لأن الوضع سيء ومن في الداخل يهربون يوميا وباعداد هائلة عبر المنافذ برا وبحرا إلى دول الجوار هل هذه عيشة وحرية واستقلال.