رأي ومقالات

عثمان ميرغني: حلايب سودانية.. أم مصرية؟!!!!


عند زيارتي الأخيرة إلى الشقيقة مصر.. مستشفياً بعد الإصابة التي نتجت من عمل يقع تحت طائلة قانون (الإرهاب)، الذي تعرضت له صحيفة “التيار”، في العشر الأواخر من رمضان الماضي..

في آخر أيام الزيارة، أسلمت رأسي إلى حلاق مصري- والحلاقون في مصر مثقفون جاهزون لإدارة برنامج حواري يمتد حتى آخر شعرة في الرأس- بدأ يسألني أسئلة متردافة مستمرة.. (يا بيه أيه رأيك في اللي بجري في العراق؟).. وبمجرد إكمال إجابتي ينتقل إلى الوضع في ليبيا.. ثم اليمن.. كأنني في امتحان.. لكنه فجأة قفز إلى موقع آخر، وبمنطق آخر، قال:

(يا بيه.. يعني سايبين بلادكم الكبيرة الحلوة دي كلّها.. وجايين تتخانقوا معانا في حلايب وشلاتين؟؟).

الحلاق المصري رسم خارطة طريق كاملة لمسار سياسي جماهيري يجري على مستوى القواعد في البلدين.. قضية حلايب وشلاتين لم تعدّ مجرد منطقة جغرافية تخضع إلى نزاع حدودي- كما يحدث بين كثير من الدول- بل قضية شعبية.. تمسّ الضمير والوجدان الجماهيري، بصورة تجعل أية قيادة سياسية غير قادرة على النظر دون مراعاة هذه الحساسية الشعبية.

قبل يومين استضافني برنامج (القاهرة اليوم) بالهاتف من القاهرة.. المذيع كان يتحسر بصورة تثير الإشفاق على تصريح لوزير الكهرباء السوداني السيد معتز موسى، أطلقه في القاهرة خلال اجتماعات ثلاثية لوزراء الري في السودان ومصر وأثيوبيا.. استضاف المذيع قبلي سفيرنا بالقاهرة عبد المحمود عبد الحليم، وسأله لماذا يصرح وزير الكهرباء السوداني بأن (حلايب سودانية؟.. ما الذي جعل مصر تتذكرها فجأة في منتصف التسعينيات؟!!)، سفيرنا كان دبلوماسياً فردّ عليه أن دعوا الغرق في شبر ماء الأقوال، ولنبحث عن الأفعال النافعة في المصالح المشتركة.

لكن المذيع أعاد لي نفس السؤال مصحوباً بـ “آهة”، وهو يقول لي: إن هذه الكلمة (جرحت!!!) شعور الشعب المصري..

قلت له بصراحة وزيرالكهرباء السوداني حاول بثّ رسالة مفادها.. (بطاقة حلايب في يدكم.. وسد النهضة في يدنا فلنجلس!!).

يبدو أن المذيع صدم، وفوجئ جداً بإجابتي؛ لأنه كان يعتقد أن تصريح وزير الكهرباء السوداني ليس إلا (قلة أدب) دبلوماسية لا داعٍ لها في هذا التوقيت، الذي يزور فيه الرئيس البشير مصر، وتحتفي به مصر الرسمية..

سألني المذيع ببعض الإطراق الحزين- (وفي رأيك كيف نحل مشكلة حلايب؟)..

قلت له.. بتأجيلها ما أمكن.. هناك ألف منفعة متعطلة في انتظار تحرك طابور العلاقات بين البلدين، فلماذا ننتظر؟..

افتحوا الطرق البرية كلّها.. واتركوا التجارة تنساب بين البلدين.. وحفزوا الاستثمار.. كل ذلك يجعل من قضية حلايب (نزهة) قابلة للحل على وجبة غداء في مطعم بين السفيرين، وليس الرئيسين.

قضية حلايب في الوقت الراهن ملبدة بغيوم المزايدة السياسية من جهة.. والشحن الإعلامي من جهة أخرى.. وفي مثل هذه الأجواء تنحسر الموضوعية، والنظرة المجردة من الهوى، وتشتد المواجع الموجبة للخصومة السافرة..

عثمان ميرغني— التيار


تعليق واحد

  1. وليه اللف والدوران ده كلو وليه التاجيل
    مصر لجات للتحكيم مع اسرائيل فى طابا
    لماذا لا يطبق ذلك فى حلايب

  2. ربنا يسهل لأبناء الحلال بأن يجلدوك مرة أخرى حتى تعود لصوابك. بغض النظر عن الموضوع ده عنوان تكتبوا “هل حلايب سودانية أم مصرية”
    للاسف كثير من المسئولين والصحفيين مستعدون لبيع حلايب في سبيل الظفر بمزة مصرية كان بالحلال أو الحرام.

  3. يا استاذ
    ايهم الدبلوماسي … أنت أم السفير؟
    لا مجاملة في الاصول.. ولا تأجيل
    كل يوم مصر بتغير في الارض وبتوضد في وضع يدها ..
    حلايب اليوم قبل الغد ، لكن كيف؟؟
    بدبلوماسية كسيحة ، ام بجيش اسألوا عنه حميدتي … أم بجماعة حميدتي..
    وا اسفا عليها كيف خيم فوقها البؤس

  4. سؤال للاستاذ/عثمان ميرغني من الذي وضع بطاقة حلايب في ايدي المصريين؟ أهذه رسالة شُكر لأنك تعالجت عندهم أم ماذا؟ اتذكر الآن قول احد الصحفيين بأن هناك أقلاما قد تم شراؤها.

  5. يبدو أن المذيع صدم، وفوجئ جداً بإجابتي؛ ) اجابة صحيحة يا باشكاتب و الله الصحافة فى البلد دى نهاية بقت مرة يعنى شنو ضربو ليك المصريين انت ما عندك موضوع و فاكيها فى نفسك يا بتاع فضل الظهر

  6. مقالك دة مامطمئن. ربنا يكضب الشينة. اتمنى ان لاتكون انضممت للمجموعة المعروفة. المصريين بتاعين الكفتة بسذاجتهم المعروفة يتخيلو ان الشعب السودانى ساذج ولايستطيع تمييز الاقلام المشتراة. لا الومهم, فمن يصدق ان الكفتة تعالج الايدز يصدق اى شئ.

    انت تعرض عليهم الحل الذى هم اساسا يصبون اليه ونصبوه شركا لنا, وهو مقايضة حلايب قليلة الفائدة لمصر بسد النهضة عظيم الفائدة للسودان.
    .هذا المقال يحمل فى طياته ضربة للعلاقة المتينة بين اثيوبيا بكل مصالحها فى سد النهضة على حساب علاقة مع دولة اثبت الزمن انها لانفع منها. حلايب لن نردها بمقايضتها بسد النهضة الذى هو اقيم منها عشرات المرات, بل سنعرف كيف سنردها. هكذا يفكر الوطنى الغيور على بلاده. استعمل ناصر كرت حلايب (حلايب بتاعتنا) حتى نوقع اتفاقية مياه النيل المذلة. ونتنازل عن حلفا. بعد كدة رجعوا لينا حلايب. اها تانى قامو شالوها عشان يقايضونا بيها تانى ونبيع الاثيوبيين وسد النهضة. يعنى حلايب بقت كنز لاولاد بمبة, كل مايكونواعايزين يقلعوا مننا درة ثمينة يجروا يشيلو حلايب عشان يقايضونا بيها. اللهم اهلك الخونة والمنافقين
    من ولاة امرنا وصحفيينا