رأي ومقالات

خالد حسن كسلا: تحديد خليفة البشير ومصير الـ «10» ملايين


[JUSTIFY]كلما قلنا إن فترة ما قبل المؤتمر الرابع للمؤتمر الوطني التي حُسم فيها أمر ترشيح البشير بإجباره على الترشح وكسبه لأعلى الأصوات في انتخاب الشورى، هي ليست كمثل فترة ما بعد هذا المؤتمر. في الفترة قبل المؤتمر الرابع ساء كثير جداً من المواطنين داخل وخارج عضوية المؤتمر الوطني عدم حسم ترشيح البشير، باعتباره رمزاً وطنياً قاد البلاد أكثر من ربع قرن من الزمان دون غشامة ولئامة و«قطامة». وهذا ما أسكنه قلوب أغلبية المواطنين الذين لا يحبون المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية منهم، يتمنون أن يكون البشير مرشحاً مستقلاً حتى يفوز هو ويسقط مرشّح المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية. فترشحه هو عن هذا الحزب يسوق إليه الفوز سوقاً، ويجر إليه «عشرة ملايين عضو» جراً. أليس كذلك يا بروف غندور؟! إن «العشرة ملايين عضو» التي أشار إليها غندور في أحد المؤتمرات المحلية بمحلية كرري، وهو يصحح من قالوا إن عضوية المؤتمر «ستة ملايين»، إن هذا الرقم ليس كله ينتمي إلى الحركة الإسلامية، وإلا لما احتاجت لاستلام السلطة إلى تحرك عسكري في 30 يونيو 1989م قاده أحد أعضائها في القوات المسلحة. إن الجيش السوداني حتى عام 1989م خلا تماماً من الذين اختارهم إلى صفوفه كضباط أو ضباط صف وجنود سلطات الاحتلال البريطاني، وانفتح المجال بعد الاستقلال لأبناء الخلاوي حفظة القرآن، وأبناء أتباع الطرق الصوفية المتدينين، ومنهم أصحاب الغيرة الشديدة على الإسلام الذين تعاطفوا أو انضموا إلى الحركة الإسلامية والجماعات الدعوية الأخرى. إن تحرك 30 يونيو يبقى إفرازاً لشدة غيرة البعض داخل القوات المسلحة على الإسلام.
وإذا كانت هذه الغيرة الدينية تمضي في انتشار وسط المجتمع، فإن هذا يقابله زيادة عضوية المؤتمر الوطني. فليس فقط أعضاء الحركة الإسلامية هم الذين يغيرون على الدين ويرون أن الرئيس الأنسب للبلاد هو البشير. وكل شيء واضح.
إذن رجل المرحلة الآن بقوة.. هو البشير، بكل المقاييس. لكن السؤال الأهم الذي أثاره تصريح القيادي بالمؤتمر الوطني الأستاذ محمد الحسن الأمين هو :«من هو رجل المرحلة الذي سيقدمه المؤتمر الوطني بعد خمس سنوات؟!» وهل سيستطيع المؤتمر الوطني أن يحافظ على «عشرة ملايين عضو إذا ما خلف البشير رئيس آخر له؟! يقول محمد الحسن الأمين لصحيفة «الإنتباهة»: «إن الحزب اختار المرشح القادم للرئاسة للفترة الجديدة التي تلي فترة البشير، ومن سيأتي بعده متفقون عليه كي نغيظ الذين يريدون الاختلاف» انتهى. بهذه الكلمات يخاطب محمد الحسن الأمين الذين يريدون الاختلاف، وهم طبعاً أقلية، ويتجاهل الأغلبية التي تريد استمرار البشير ما دام بصحة جيدة وعافية وقادر على العطاء، فضلاً عن أنه مكتسب بعد هذا العمر عقلية سياسية فذة، فهو الآن ليس كما كان قبل ربع قرن، وبعد خمسة أعوام سيكون أفضل من الآن، وعيب السودانيين كما يقول المثل «بعد ما لبّنت أدُّوها الطير» والمقصود هنا الزراعة طبعاً، حينما يعرّضها أصحابها للطير الجائع والحصاد يقترب. بعد خمسة أعوام نريدها حصاداً سياسياً لفترة ربع قرن زائداً خمساً.
لو كان محمد الحسن الأمين يركز على مسألة الاختلاف فهذا ليس مهماً، المهم ما يطلب الجمهور ومن يطلبه. والأهم أن نسأل الله أن يكون الرئيس بعد خمسة أعوام بصحة جيدة وعافية تامة وقادر على أن يستمر رمزاً محبوباً لأغلبية الناخبين على الأقل للسيادة الوطنية. إن السماء وهبت للشعب إسماعيل الأزهري لكن خذلته المؤامرة الطائفية، ثم وهبت له إبراهيم عبود، فخذلته مؤامرة 21 أكتوبر، ثم وهب له جعفر نميري الرئيس الفقير فخذلته مؤامرة واشنطن من خلال جورج بوش الأب حينما زار السودان وهو نائب للرئيس الأمريكي ريغان، قرر إنتاج مؤامرة 21 أكتوبر حينما اجتمع ببعض زعماء الأحزاب والمسؤولين في السفارة الأمريكية، بفهم أن هؤلاء الزعماء في سبيل أن يشبعوا نزواتهم في السلطة بخدعة الديمقرطية مستعدون للتعاون حتى مع صاحب المصلحة الغربية القادم من واشنطن أو لندن. إن مصلحة القادم من الغرب في أكتوبر 1964م هي عودة المبشرين أصحاب الفتنة إلى الجنوب، ومصلحة واشنطن عام 1985م في إطاحة صديقها «نميري» هي إلغاء القوانين الإسلامية وإعادة القوانين الهندية والبريطانية التي وضعها أشخاص صليبيون مخمورون عراة يرتدون الملابس فوق الركبة، وهم يسيرون في الطريق العام.
إن موضوع حسم خليفة البشير بعد خمس سنوات مسلسل طويل سنعود إليه بإذن الله. فهذه فقط كلمات من أجل جمهور يريد الزعيم الصادق حتى ولو أخطأ، ولا يريد الزعيم الذي يخدع الناس بالديمقراطية وهو لا يطبقها داخل حزبه.

الانتباهة[/JUSTIFY]