جمال علي حسن

أخرجوا “ماسورة” نفط الجنوب من حساباتكم


[JUSTIFY]
أخرجوا “ماسورة” نفط الجنوب من حساباتكم

إستراتيجيا ومن خلال قراءات عامة للواقع يجب أن تفهم الحكومة السودانية أن أي إيرادات أساسية في ميزانيتها مرتبطة بدولة جنوب السودان هي إيرادات لا يمكن الرهان والاعتماد عليها إطلاقا في هذه المرحلة، فلو سلمت العلاقات السودانية الجنوبية من التأزيم والمشاكل السياسية والأمنية فإن الأوضاع الداخلية غير المستقرة في جنوب السودان يمكن أن تكون سببا في الإضرار بمصالح السودان..
ليس وضعا مريحا أن يكون مورد اقتصادي مهم للسودان مرتبطا بدولة أخرى تعيش فترات تكوين أو ما يمكن أن نصفه في أحسن أحواله بأنه فترة (وحم سياسي) شرس ومتعب جدا..
الأحوال في جنوب السودان لن تهدأ وتستقر حتى ولو انتهت أزمة سلفا وأولاد قرنق في بعدها السياسي المتفجر فإنه من الصعب أن تنتهي أزمة مجموعة سلفا ومشار في بعدها القبلي كصراع تاريخي متجدد بين الدينكا والنوير..
الحالة الأمنية في دولة جنوب السودان ستظل في حالها وتعقيداتها لفترة طويلة من الزمان سيدفع فيها الشعب الجنوبي ثمنا باهظا جدا وستواجه تلك البلاد المنفصلة عن السودان صراعات وانقلابات وتقلبات عدة حتى تبلغ حالة التوافق الحضاري بين مكونات معادلاتها المتنافرة على كل المستويات بعد سنوات طويلة..
المستقبل ليس لسلفاكير ولا لمشار وما بين سلفا ومشار لا يقل عن ما بين مشار وباقان وربيكا وأولاد قرنق أنفسهم لو انتزعناهم خارج حالة (إن المصائب يجمعن المصابين)..
الدرب طويل أمام تلك التجربة حتى تبلغ درجة القناعة العملية بنبذ ثقافة الغاب وفرض الوجود بصوت البندقية..أما نحن فإن ارتباط مصالح بلادنا الأساسية بمآلات ونهايات هذه المرحلة الطويلة من التكوين في دولة الجنوب هو ارتباط غير موضوعي وغير منطقي خاصة وأن مبررات منح الجنوب حق تقرير مصيره كانت تتركز في الأساس على تحقيق استقرار عام للبلدين فلو فشل أحدهما في تحقيق هذا الاستقرار فإنه لا يجب أن يتحمل البلد الآخر نتائج ذلك..
بالاختصار فإن اقتصاد السودان أمام خيار واحد وليس خيارين هو إيجاد وتوفير مصادر أخرى تجعل إيرادات مرور نفط الجنوب بالنسبة للسودان هي زيادة خير لو جاءت فأهلا ولو غابت فأهلا وسهلا..
لا معنى لأي تغيير في حقائب وزارات المالية والصناعة والزراعة والمعادن بدون ثورة أفكار وبدائل وعمل حقيقي فالحرب خلفي والفقر أمامي وقد يضيع طريق المستقبل تماما وتختفي ملامح الأمل من أمامنا..
..الآن كل ملامح المستقبل ضبابية وكل هواتف العالم لا تستجيب لمكالمات السودان فلا حصار اقتصادي أمريكي مرفوع ولا قروض جريئة أو صديقة متدفقة ولا نتائج عملية لجهود جذب الاستثمار لو لم يكن هناك ما يغري رأس مال العالم لتجاوز مخاوفه والاتجاه صوب السودان..
وما يحدث في الجنوب يهدد تدفق نفط الجنوب الذي ننتظره لـ (بل ريق) الاقتصاد السوداني.. خاصة بعد أن انتقلت المعارك إلى محيط حقول النفط في بانتيو وثارجات..
سنحكم على طاقم وزراء الاقتصاد الجدد بالفشل المبكر لو لم يتجاوزوا بتفكيرهم (ماسورة) نفط الجنوب تلك..

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي