رأي ومقالات

السفير: أحمد التجاني صالح : دعوة شيوخ أمريكان لزيارة السودان


[JUSTIFY]جاء في إحدى الصحف توضيحاً وتفصيلاً لدعوة عدد من الشيوخ الأمريكان من مجلس الشيوخ الأمريكي سيزورون السودان ربما في ديسمبر القادم، وأوضح السيد الفاتح عز الدين رئيس البرلمان أن الدعوة جهز لها سوداني ذو مكانة رفيعة وصلة وثيقة مع عدد من الشيوخ الأمريكان، حيث أمكنه إقناعهم بالحضور إلى السودان والتعرف على الطبيعة على أوضاع السودان.
وأن الإنسان يسعد إذا تمت مثل هذه الزيارة حتى يتعرف بعض الشيوخ الأمريكان على السودانيين وأوضاعهم بما يجعلهم يتفهمون ذلك جيداً وينقلونه إلى ممثليهم واقرانهم في مجلس النواب وبالصورة التي تزيل كثيراً من اللبس والغموض والألوان الجائرة التي طبع بها السودان من احتضانه للإرهاب ورعايته له ومساندته للإرهابيين وغير ذلك من التهم الجزافية والملفقة.
وكم يكون جميلاً لو أتتهم ــ أي الشيوخ الأمريكان ــ الدعوة من زميل لهم وهو المستر كيري الذي ظل معهم فترة طويلة في رئاسة لجنة العلاقات الخارجية والتي سبقه فيها باقتدار وأطول مدة السناتور فولبرايت. مثل دعوة كيري لزملائه السابقين لها طعمها ووقعها وأثرها في نفوسنا وفي تقدير الضالعين والمتمرسين في العمل السياسي والدبلوماسي وهي بلا شك أعظم وأكثر وقعاً من تحنيس مواطن لنا موجود في امريكا.

جزاه الله خيراً.
واستطاع لعلاقته وحنكته ووعيه السياسي، وربما بكرمه وجرأته والكرم متمثلاً في دعواته لـ «عشوات» أو لقاءات قهوة، الجرأة بالدخول عليهم وإقتحامهم بعرض موضوعات الساعة والنقاش فيها مع أولئك الشيوخ. كل هذا جائز وممكن في امريكا حيث أن الأمريكان رغم غناهم ودخولهم العالية يحبون «البلاش» و«الملح» There is afree meal there, Man. هناك أكلة ـ لقمة مجاناً. هيا إليها، ودعوة لفنجان قهوة من رجل كريم ـ مغفل نافع ـ فلنستجب لها.
وإذا جاز لنا أن نقول أن للسفارة دوراً في خلق مثل هذه اللوبيات ومجموعات الاسناد والضغط داخل مجلس الشيوخ وغيره من مراكز القوى وصنع القرار، فإن مثل هذا السوداني ـ أخي الفاتح ـ يستحق التكريم، وان يرشح ليكون سفيراً للسودان في واشنطن دي. سي «مركز كولمبيا» لولا أن امريكا تفضل أن يكون السفير فيها من الذين صعدوا عتبات السلم الدبلوماسي عتبة عتبة، من سكرتير ثالث حتى مستشار، ثم وزير مفوض ثم سفير، ولأن التعيين السياسي غير مقبول لدى وزارة الخارجية الأمريكية فيكون أوفق الاستعانة بمثل هذا الكادر النشط والممتاز في خدماته في وظيفة استشارية بدرجة سفير أو وزير دولة ويلحق بالسفارة، وهنا تسنح الفرصة لك اخي رئيس المجلس الوطني أن ترشيح الأخ السوداني الذي قدم الدعوة للشيوخ الأمريكان لزيارة السودان بأن يكون في وظيفة استشارية في السفارة السودانية بواشنطون، وتكون بذلك قد أتممت جميلك وبخاصة إذا كانت لديه الرغبة في أن يقبل التعيين والعمل مع طاقم السفارة، وهذا ليس غريباً ولا هو عيب، إذ أن الأمريكان لديهم مثل هؤلاء الخبراء والفنيين وضباط الاستخبارات ذوي مراتب عليا في سفارتهم ويعطونهم صفات ملحقين وخبراء فنيين في مجالات قد لا تكون لها صلة بعملهم وتخصصاتهم.

المهم أن يتم جميلك عليه لترشيحه. واظنه لا يمانع بأن يكون في خدمة السفارة بواشنطن دي. سي والتي بها من الكوادر الضعيفة في الخبرات واللغات والعلاقات بصورة جعلت الـ.N.D.F الجبهة الديمقراطية الوطنية «National Democratic Front» تسرح وتمرح في مدن الولايات المتحدة ضد النظام في السودان ودعوة من هب ودب للحديث في منابرها وتجمعاتها المحدودة ولا تجد معارضة أو مقاومة لنشاطها من جهاز السفارة نظراً لضعف الخطاب واللغة وربما الجرأة في مواجهة الباطل وترهاته.
إن تجربة سفارتنا بلندن وقنصلها الصحفي الدكتور خالد المبارك مصطفى وتمكنه من اللغة الانجليزية حيث تعاصرنا في الوسطى والثانوي والجامعة، وكان قارئاً نهماً وتبلور إلى ناقد أدبي وكاتب مسرحي لا نظير له في السودان، ويكاد يبلغ درجة أنور المعداوي بمصر ـ كناقد مسرحي وكاتب العمود الممتاز والتر ليبمان في جريدة النيويورك تايمز «New York Times» اليومية الأمريكية، فقد تمكن الدكتور خالد من تكسير وتهشيم كافة الحجج الضعيفة والمهترئة أصلاً للمعارضة البريطانية والسودانية في بريطانيا وبخاصة الصهيونية، كما تمكن من عرض بعض المقالات والمواقف الداعمة لقضية السودان بصورة جذابة ومتقنة للقارئ والناقد البريطاني.
والمتابع لأوضاع السودان وما يقوم به الدكتور خالد المبارك من جهد خارق وجبار، هو عمل دولة لا وزارة ولا سفارة لعظمته وكبر حجمه وأثره. أعانه الله وقواه.

ويا ليتنا نحذو في امريكا وبعض الدول الغربية ذات الوزن والتأثير حذو بريطانيا. ونعين فيها من الخبراء والمستشارين ذوي الكفاءات والقدرات لخدمة قضايانا ومواقفنا بالصورة التي تكسبنا مؤيدين ومناصرين لتلك المواقف والقضايا وما ينقلنا من الكساح والزحزحة «والسكع والكع» الذي يجري في كثير من مجالسنا الوطنية والتي يطلقون عليها «مجازاً» برلمانات، حيث بها من النواب من يصرحون للصحف عياناً وبياناً برفع الدعم عن البترول والقمح وتوزيعه على المساكين؟؟ أي مساكين هؤلاء الذين تتحدثون عنهم، وبأي المقاييس يتم حصرهم، وكم عددهم، وكم يحتاجون حتى يوزع عليهم. الا يعلم هؤلاء النواب أن 80% من سكان السودان هم رعاة وزراع ويدخلون في بند المساكين، وأفضل لهم الحصول على خمسة رغائف بواحد جنيه بدلاً من ثلاثة بروات بجنيه.
«إنا لله وإنا إليه رجعون» افيقوا واعتدلوا أيها النواب، وآمل ان تعتذروا لممثليكم عن مثل هذه الترهات التي تطلقونها على الصحف، حتى لا تفضحوا انفسكم.

مرة أخرى عوداً على بدأ وبأمل أن تكلل مهمة كرتي في سعيه مع كيري لدردقة العلاقات نحو التطبيع، ذلك من ناحية، وأن تنجح مساعي اللوبيست السوداني بواشنطن في دعوته لعدد من الشيوخ الأمريكان لزيارة السودان من ناحية أخرى، وأن نفلح في استقبالهم وإكرامهم بالبيانات والاحصائيات والمعلومات المفيدة والبسيطة والمقنعة بأن السودان وشعبه بلد بساطة وعزة، فقط كلمتان لا اكثر، وسيجدونه كذلك، ولا شيء غير ذلك إن شاء الله. والله الموفق لما فيه الخير أبداً.

صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]