الصادق الرزيقي

التخبط الأمريكي في أزمة الجنوب


[JUSTIFY]
التخبط الأمريكي في أزمة الجنوب..
بالرغم من أن التدخل الخارجي الذي يبدو غير ذي نفع في أزمة دولة الجنوب بدأ يتصاعد بنحو خجول ومضطرب، إلا أن الوضع في هذا البلد حديث الولادة يتدحرج بسرعة نحو مآله الحتمي.. ويُنذر باندلاع حرب لا هوادة فيها بين المجموعات القبلية التي تسعى جميعها للاستئثار بالسلطة..
ونشرت صحيفة الإندبندت البريطانية في عددها الصادر يوم السبت الماضي معلومات تزيد من التضليل بشأن أسباب اندلاع هذا الصراع المسلح العنيف..
قالت الصحيفة الإنجليزية العريقة إن تحركات رياك مشار ومجموعته جاءت على خلفية الوضع الصحي لرئيس دولة الجنوب الذي تلقى علاجاً في جنوب إفريقيا قبل فترة قصيرة، وفتح الحديث عن وضعه الصحي وتوقعات مصيره الباب أمام الطامعين في خلافته، خاصة خصمه الأول ونائبه السابق رياك مشار ومن تحالفوا معه من قيادات الحركة الشعبية الذين أبعدهم سلفا عن الواجهة وقيادة الحزب والدولة..
ولعل التدخل الأمريكي واليوغندي والكيني في الشأن الجنوبي، سيزيد من تعقيد الأزمة ولا يساهم في حلها، بالرغم من أن الأطراف الثلاث المتدخلة عسكرياً تقول إن قواتها توجد في جوبا ومدن جنوبية أخرى للمساعدة على إجلاء رعاياها وحماية سفاراتها، إلا أن هذه القوات بدأت من اليوم الأول في وضع هجومي وقامت بالفعل بعمليات عسكرية ذات طابع قتالي محض، مثل العملية التي نفذتها القوات الجوية الأمريكية في مدينة بور بدعوى إخراج رعايا أمريكيين من هناك مما أدى لإصابة إحدى الطائرات الأمريكية الثلاث وجرح عدد من المارينز أحدهم إصابته خطيرة وحرجة..
إذا فهمت أطراف الصراع أن الولايات المتحدة تتدخل لصالح طرف، فإن ذلك ليس في صالح الحلول السلمية التي تدَّعي وزارة الخارجية الأمريكية أن الوزير جون كيري أرسل مبعوث البيت الأبيض للسودانيين دونالد بوث إلى جوبا في محاولة لوضع حد للقتال الدامي بين أطراف النزاع والتوصل لتسوية سياسية تنقذ دولة الجنوب من مخالب الحرب المستعرة الآن..
التدخلات الأمريكية وبعض الأطراف الإقليمية التي تنسق عملية مشتركة معها، ستقود الجنوب إلى كارثة حقيقية في حال لم يكن التدخل حميداً، بالرغم من وجود قناعة في واشنطون لدى مجموعات مؤثرة في القرار السياسي أنها لا ناقة لها ولا جمل في هذا الاحتراب الجنوبي، إلا في حال صار مهدداً لمصالحها الحيوية في المنطقة أو يدفع بمعطيات جديدة تعيد رسم معالم الوضع من جديد داخل الجنوب..
لقد تغيرت أدوات اللعبة في الداخل الجنوبي، وصار حلفاء واشنطون ولندن في الجنوب «أولاد قرنق» في وضع ضعيف للغاية لا يمكِّنهم من لعب دور مستقبلي في دولة الجنوب على المدى القريب، ومن جانبه يرتب سلفا كير لمسارات مختلفة مع واشنطون وصويحباتها، كانت محجوبة عنه بفعل أولاد قرنق الذين تغدى بهم قبل أن يُجهزوا عليه ليتعشَّوا به.. ونظراً لوجود اضطراب في تطبيقات السياسة الخارجية الأمريكية وقراءاتها الخاطئة لعدة صراعات تجري اليوم في المنطقة وآخرها ما يحدث في إفريقيا الوسطى التي جلبت بأحداثها الدامية مندوبة واشنطون في الأمم المتحدة سامنثا باور للبقاء في بانغي لغسل أرجل فرنسا من الوحل الإفريقي بعد تدخلاتها في بانغي عقب ورطتها في مالي.. فإن واشنطون اليوم تحتار في التعامل مع هذه الأزمة، ومحاولة جون كيري وزير الخارجية إرسال المندوب الخاص إلى جوبا، قد يُفهم منه محاولته لقطع الطريق أمام حماقات سوزان رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي التي تعتقد أن دولة الجنوب وُلدت من أحشائها وهي من أرضعت أولاد قرنق وجعلتهم يشبُّون عن الطوق ويحطمون كل آصرة وعلاقة تربطهم بسلفا كير..
هذا التردد الأمريكي البائن في صراع الجنوبيين سيجعلها تتخبط وتقع في أخطاء قاتلة سيدفع ثمنها الشعب الجنوبي الذي سيكون وقود حرب ليست حربه وصراع لا يفيده في شيء سوى أن طريقه الذي حلم به وعبَّر عنه في استفتاء تقرير المصير صار مليئًا بالأشواك وناتئات الصخور ويقود إلى الجحيم…

أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة
[/JUSTIFY]


تعليق واحد

  1. باختصار ما فهمناه من هذا الكوز الفهامة أن أمريكا مرتبكة ومتخبطة ومضطربة في التعامل مع مشكلة الجنوب؟ وهي التي رسمت لنا نيفاشا رغم انف كيزان السودان فساروا عليها كما القطار على القضيب ليتفاخروا لاحقا وبانتهازية فجة انهم منحو الجنوبيين دولة كاملة الدسم. مشكلة الجنوب اليوم منشأها سلطوي اثني داخلي وأول المرتبكين فيها هي حكومة الكيزان والتي كان محازبوها من امثال هذا الكوز الفهامة و رئيسه الطيب مصطفى يشيرون عليها بتحريض المعارضين لسلفا كير وتسليحهم لتمزيق الجنوب على نحو ما هو حادث اليوم. المنطق يقول بانه يجب على الرزيقي والطيب مصطفي بنظرتهم القاصرة تلك، ان يكونوا من الفرحين بما يجري في الجنوب وما دروا بانهم كمن يلف الحبل حول عنقه. فامريكا ايها الفهامة ليست بتلك السذاجة ولكن امر الجنوب وحتى السودان ليس من اولوياتها، ولكننا نضخم ذواتنا حتى يختلط علينا الفهم ولا يهمها ان ذهب كير او جاء اولاد قرنق او مشار، فكلهم في جيبها كما فعلت مع كيزان مصر. ما يهمنا هو اين السودان من كل ذلك ولماذا لا تنتهز حكومتنا الفرصة وتدفع الجهد الحكومي والشعبي كما بادر المرغني بالتوسط النزيه بين الفرقاء للتوفيق بينهم لاستقرار الجنوب. ان في ذلك رسالة ايجابية لن يخطئها الجنوبيون وستعمل لاحقا لتحسين العلاقات الثنائية وهي الركيزة الوحيدة لاستدامة السلام مع دولة الجنوب وتأمين حدودنا اللامتناهية مع ذلك الشطر من السودان الكبير. دعك من امريكا وخليك سوداني يا رزيقي