تحقيقات وتقارير

أسئلة ليست للإجابة” يبحر “أزرق طيبة” وصديق الهندي وجلاء الأزهري عبر سفن المعارضة بهموم الاتحاديين في كل المرافئ.. يوقعون على كل ما يمكن أن يعيد الاستقرار للبلاد.. لكن ماذا يفعل بقية العقد الاتحادي الديمقراطي


[JUSTIFY]لما اشتعل البارود في فناء الدولة الوليدة بجنوب السودان، تعلقت معه الأسباب عن مصير التئام الجرح الجنوبي الذي عانى لتوه الخروج من دولته الأم وهو ثمن فادح برأي الكثيرين، تمنعت الخرطوم وقتها عن إبداء رأيها صراحة حول الأزمة رغم ما طالها من اتهامات بدعم طرف ضد الآخر، لكن حكومة السودان الأب كانت دائما تنفي تلك التهم وتبحث عما يجمع الشأن الجنوبي في استقبالها للرئيس سلفاكير في عز الأزمة، بينما تعذرت كثيرا زيارة غريمه رياك مشار للعاصمة السابقة للجنوبيين.. الراهن الوطني كان دائما معلقا بين الحزب الحاكم وأطراف الصراع الأخرى معه خاصة المسلحة، بينما يظل صوت الأحزاب السياسية الداخلية في موقف متباين.. إما مع الحكومة سرا وجهرا أو معارضا لكل مواقفها بما فيه رؤيته للتعامل مع الدول الجارة، وإن كانت دولة لم يتحقق انفصامها الكامل مثل جنوب السودان.. وكان دائما ما ترتفع الأسئلة بالدور المفقود للأحزاب الكبيرة خاصة حزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي كونهما عماد العملية السياسية والوطنية بالبلاد. شتات الحزب الاتحادي الديمقراطي في أطياف مختلفة قلص من دوره التاريخي وباتت رؤيته للقضايا الوطنية مكانا للتجاهل الكبير نظرا لهشاشة وضعه ومواقفه، لكن رغم ذلك فإن الاتحاديين ينشطون بذات مواقفهم المختلفة في منبري الحكومة والمعارضة.

الإخوة السابقون

ربما تعتبر الحركة الاتحادية في البيت الاتحادي الكبير هي أول من بادر بالتدخل لحل الأزمة الجنوبية، فقد التقى رئيس الحركة صديق الهندي مباشرة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حاملا الرؤية الاتحادية الديمقراطية التي عرف بها الحزب التاريخي وهو يبحث عما يمكن أن يجمع الشمل الجنوبي ويعيد للدولة استقرارها لتبدأ بناء تاريخها ومؤسساتها، ولما كان الجنوبيون أصحاب علاقة ممتدة مع حزب الحركة الوطنية رحبوا بخطوة الشريف صديق مباشرة واعتبروها في مجال الدعم والمساندة الأخوية، فيما دعت الأستاذة جلاء الأزهري وقتها فرقاء الدولة الجنوبية لمائدة حوار تجمعهم بمنزل الزعيم الأزهري بالخرطوم، وقالت جلاء إن الاتحاديين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام محنة الشعب الجنوبي وسيدعموا سبل الاستقرار وحث الأطراف المتصارعة على الجلوس للحوار، لكن لا يبدو أن الصوت الاتحادي المتبقي قد بعثت فيه العلاقة الأزلية للجنوبيين شيئا وظلوا متفرجين في الصراع الدائر بين رياك مشار وسلفاكير.

جدل الطاولات:

ذات التدافع لإسماع الصوت الوطني المبحوح بالشرخ الكبير على الجدار الاتحادي، يطير الشريف الصديق الهندي رئيس الحركة الاتحادية لمقر المحادثات بين الحركة الشعبية قطاع الشمال وحكومة السودان بفندق (ريدسون) بأديس أبابا، ويرى الهندي أن ما قدمته الحركة الشعبية من جدول أعمال يمثل طرحا حقيقيا لمعالجة قضايا المنطقتين لحل قضية السودان، إلى ما بعد الحوار كي يكون شفافا ونزيها ومعترفا به من كل القوى السياسية المعارضة، كما يرى الهندي أن الحكومة لا تملك مبررا كافيا لرفضها مقترح الحركة الشعبية باعتماد اتفاق باريس الموقع بين الجبهة الثورية والوسيط الأفريقي ومجموعة هي غير جادة في نواياها للحل الوطني.

في جنينة الشريف:

الاتحاديون بذات الهمة لن ينسوا أنهم مكون وطني يملك التاريخ الناصع في حكم البلاد، لذا فإنهم مرة أخرى يدعمون سبل الحل الداخلي الذي تتبناه المعارضة، فقد انعقد بجنينة الشريف زين العابدين الهندي في حلة كوكو مطلع هذا الشهر اللقاء التفاكري لتوحيد رؤى المعارضة السودانية، وشارك فيه ممثلون لأحزاب الأمة القومي، الحزب الوطني الاتحادي، حزب المؤتمر الشعبي، حزب الإصلاح الآن والحزب الاتحادي الأصل التيار الجماهيري والناشطين في المجتمع المدني والقوى الشبابية والنسوية وأساتذة الجامعات والأكاديميين، وتم التوصل لتوصيات أهمها استمرار التنسيق بين الأحزاب السياسية والتحالفات السياسية الراهنة، وأكدت كافة القوى السياسية المجتمعة في جنينة الشريف رفضها التام للانتخابات المزمع قيامها في 2015 والمطالبة بوقف إجراءاتها فوراً لصالح حوار وطني حقيقي يفضي لمؤتمر دستوري يؤسس لحكومة انتقالية تعمل على إقامة انتخابات حرة ونزيهة.

في طيبة:

ذات البيت الاتحادي الذي يحاول اللحاق بركب الحل الوطني والإسهام في استقرار بلد تتقاذفه أمواج التقسيم حتى بين المكونات السياسية الداخلية، يفتح محطة وكوة جديدة للقاء المنظومات السياسية المعارض منها وحتى المشارك في الحوار الوطني. ويستضيف الشيخ عبد الله (أزرق طيبة)، راعي الحزب الوطني الاتحادي، برئاسة يوسف محمد زين، أحزاب المعارضة في (إعلان طيبة) الذي نادى بتغيير شامل يفضي لخلق السودان الديمقراطى الحر، ويقيم السلام الشامل والاستقرار والتنمية المستدامة، وأسس الحكم اللامركزي، وتقوم علاقة البلاد الإقليمية والدولية على مصلحة السودان ومبادئ حسن الجوار والتعاون الدولي.

أدوار ناقصة:

بذات الهمة التي تتحرك بها تيارات اتحادية نحو إنجاز الحل الوطني، يرى البعض أن أحزابا وتيارات أخرى تتقاعس عن دورها في المساهمة الوطنية الناجعة والمفضية إلى استقرار، فالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ما يزال يقبع في ذات محطة الحوار الوطني غير المتحركة، ورغم مشاركة الحزب في توقيع اتفاق أديس مع المكونات المسلحة، إلا أنه لم يجد الترحيب اللازم من قبل الحكومة ولم يدفع الحزب لاتخاذ أي موقف حيال رفض الحكومة لدور وسهم الحزب حتى في مواقفه الداعمة لها، ورغم اندغام الأصل في رؤى الحكومة وابتعاده عن رؤية المعارضة، إلا أن تيار عريض داخله يتبنى رفض المشاركة ومواقف الحزب حول الحوار الوطني، فيما يبقى الحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة الدقير هو الآخر مهيض الجناح في تقديم الرؤية الاتحادية رغم أنه من الأحزاب الرائدة في الحوار عبر مبادرة الشريف زين العابدين الهندي والإرث الذي تركته لتلاقي القوى الوطنية والشعبية الجماهيرية فيما بينها، لتمتد الأسئلة دائما عن أدوار الاتحاديين وقدرتهم في تشكيل الخارطة الوطنية بقلم مكسور وريشة بلا ألوان.

اليوم التالي
[/JUSTIFY]