محمود الدنعو

مشهد جديد في بانغي


[JUSTIFY]
مشهد جديد في بانغي

الصراع الراهن في أفريقيا الوسطى يكتسب بعدا خطيرا كونه صراعا طائفيا حيث زادت حدة الاصطفاف على أساس ديني بين طرفي الصراع، وهو شيء متوقع للتركيبة العشائرية للمجتمعات الأفريقية عموما ولكن الأخطر في الامر أن القوات الفرنسية التي جاءت من أجل منع انزلاق البلاد نحو هاوية الحرب الأهلية أصبحت في نظر مسلمي أفريقيا الوسطى جزءا من الصراع لأنها لا تحمي المسلمين عندما يتعرضون إلى هجوم من قبل المسيحيين ويبدو أن القوات الفرنسية قد جرى تضليلها بحيث تضع كل مسلم في سلة تحالف (سيليكا) وهو تحالف سياسي يضم مسلمين نعم وكذلك مسيحيين وأرواحيين، ولكن التعامل الراهن للقوات الفرنسية مع المسلمين يكشف عن سوء نية أو سوء توجيه بأن المسلمين هم سيليكا التحالف السياسي الحاكم الآن في بانغي الذي يواجه مليشيات مسيحية مرتبطة بنظام الرئيس السابق بوزيزيه.
تفجرت الأوضاع بين المسلمين والقوات الفرنسية عندما فتحت القوات الفرنسية النار على ثلاثة متمردين سابقين ينتمون إلى “سيليكا” خلال عملية لنزع السلاح في حي بشمال بانغي، ما أدى إلى تظاهرات لمسلمين مناهضة لعملية الجيش الفرنسي في أفريقيا الوسطى التي تحمل اسم “سانغاريس”، التحول السريع في المشهد المرحب بمقدم القوات الفرنسية الحامية للمدنيين تجسد في المظاهرات الحاشدة التي جابت شوراع بانغي هاتفة “لا لفرنسا” و”هولاند مجرم”.
وهذا مؤشر خطير على فرنسا تداركه سريعا لأن عمليتها في مالي كانت تجد معارضة المتمردين الإسلاميين بينما يساندها الشعب المالي وهو ما كتب لها النجاح، أما المشهد الجديد في بانغي فمن شأنه إفشال المهام النبيلة التي من أجلها تكبدت القوات الفرنسية مشقة القدوم إلى أفريقيا وإذا كانت فرنسا قد تدخلت العام الماضي لإعادة توحيد شطري مالي فإن تدخلها في أفريقيا الوسطى في حال لم تعد حساباتها فإنه سيفضي إلى تقسيم أفريقيا الوسطى حيث أمهل المسلمون هناك فرنسا أسبوعا فقط ابتدأ من أمس الأول الأحد لوقف ما سموه دعمها للمليشيات المسيحية التي تعتدي على المسلمين هناك، وإلا فإنهم سيعلنون التمرد على القوات الفرنسية وتقسيم البلاد إلى شمال مسلم، وجنوب مسيحي.
الأمر يتطلب تدخلا عاجلا لقتل الفتنة الطائفية في هذا الطور قبل أن يمتد الحريق إلى دول الجوار خصوصا تشاد التي تعد مسرحا مهيأ لاستقبال الصراع الطائفي على أساس ديني، نأمل أن تتسارع الخطى باتجاه تنفيذ مبادرات لرأب الصدع بين الأطراف في أفريقيا الوسطى وكان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد أعلن في وقت سابق استعداده للتوسط لإنهاء حالة العنف الطائفي في أفريقيا الوسطى فأين تلك المبادرة التي لا يجب التأخير في تنفيذها أكثر مما حدث

العالم الآن : صحيفة اليوم التالي [/JUSTIFY]