رأي ومقالات

د. ناهد قرناص: والله يا جماعة انا فعلا احترت واحتار دليلي في امر التعليم في السودان وعديل قلت الروووب


أعشق القراءة ويمكنني ان أقول اني ادمنها ..ربما لذلك فرحت جدا قبل فترة قصيرة عندما فاجاني ابني بخبر سار ذلك انه كان قد اكمل قراءة قصة لاجاثا كريستي …سعدت حقا بذلك ..لاني حاولت مرارا ان أرغبهم في القراءة ولم انجح .

الحقيقة انني كنت الى وقت قريب استغرب الذين لا يقراون حتى الصحف والجرائد و اندهش من ان هناك شخص ما لم يقرا للطيب صالح او نجيب محفوظ او غابرييل غارسيا ماركيز …ولكني كبرت وكبرت (احزاني ) فقد تعودت الى درجة انني صرت لا اتاثر حتى عندما التقي بشخص لا يعرف اؤلئك العمالقة دعك من القراءة لهم .

وقد كنت أيضا اعتقد وبعض الاعتقاد لا ادري من أين اتيت به .. ان القراءة صفة وراثية يمكن توريثها ..فالذي يولد لاب او ام تهوى القراءة ..و في بيت به كتب ويرى اهله يقرأؤن ..سيفعل ذلك بالضرورة..ولكن الأيام أثبتت لي كذب هذا الامر. ابنتي تقرا احيانا عندما تضيق بها سبل الرسم واللوحات … اما ابنائي حملة الواي كروموسوم فاخشى انهم لا ينظرون حتى الى (اليافطة) في الشارع.. ولا يمارسون القراءة الا تحت تهديد الامتحان .

قلت لابني (ما شا الله كملت القصة كلها ..متين دا)..قال لي (في حصة المكتبة ..والله يا ماما ..اكتشفت انو القراية دي حلوة ..وحتى كمان كتبت عن القصة ملخص كويس الاستاذ اداني ممتاز فيهو). شد ما كانت فرحتى كبيرة ..صرت اترقب يوم الاثنين من كل اسبوع لاساله عن عنوان الكتاب وما هي الفكرة التي خرج بها منه..وعشت امالا عريضة في ان يكتسب ابني حب القراءة والتصفح ويزداد معرفة تترسخ بمررو الايام والليالي …

ولكن يبدو ان ادارة المدرسة لم يحلو لها ان استمر في تعبئة (قزازة السمن ) فاتت بعصاة ضخمة وكسرتها ذات صباح. فقد سالت ابني بالامس ..(اها الليلة قريت شنو؟)..فقال لي حزينا (لغوا لينا حصص المكتبة الدبل ..ادوا حصة للرياضيات وحصة للاسلامية ).

والله يا جماعة انا فعلا احترت واحتار دليلي في امر التعليم في السودان وعديل قلت الروووب …من هو القائم على امر المؤسسات التعليمية ؟ ومن اين ياتي المعلمون (الجدد) بهذه الافكار العبقرية في اذكاء روح الخواء الفكري والمساهمة بالقضاء السريع على كل نبتة ثقافة او تفتح ذهني اخرجت راسها ذات صباح في عقل طفل.

كانت لحصص المكتبة اوقات محددة في كل اسبوع نقرا فيها مختلف انواع الكتب ويتم الزامنا بكتابة ملخص عن كل كتاب ومدى استفادتك من افكاره ..فيتسع الخيال عندك وتجد الكثيرين يضيفون افكارا للكتاب ونظل نتبارى في تلخيص الكتاب واستخراج الفائدة منه. اليوم عرفت لماذا لا يستطيع الخريجون الجدد ..كتابة خطاب يتكون من سطرين بدون المرور بفخ الاخطاء الاملائية والبلاغية ..

عرفت لماذا تكتب (الزاي) بدلا عن (الذال) ..و(الغين) بدلا عن (القاف)…اليوم عرفت لماذا يتلعثم احدهم ويكون قد اوكل اليه التحدث باسم المجموعة في وداع صديق او استقبال موفد. اختفت الجمعيات الادبية وحلت مسابقات الأغاني في وسائل الاعلام بديلا لمسابقات المدارس الذي كنا ننتظره طوال الاسبوع وتتحلق الاسرة باجمعها حول التلفزيون من اجله ..

وبدلا عن (صباح الخير مدرستي ..اليك اشتقت في امسي ) ..صار الاطفال يغنون (بكرة اجازة وبعده اجازة وبعده المدرسة الغياظة). بالله عليكم يا جماعة المسؤولين عن التعليم في بلادي (ورونا انتوا شايتين وين؟؟ ) لانو بالطريقة دي شكلكم مش حتدخلوا القوون في مرماكم فقط ..لكنكم بتلعبوا بره الاستاد نفسه…..و(اطرد الاحلام يا جميل واصحى)…وووصباحكم خير

د. ناهد قرناص


تعليق واحد

  1. فعلا د.ناهد قرناص أن أوضاع التعليم في بلادنا صارت تحير وغير مفهومة ومخرجات مؤتمرات التعليم لم تر النور وباتت حبيسة الادراج، أما حصص المكتبة اعتقد موجودة ، الشي الغير مقبول ان المدرسين هم الذين يتلاعبون بالجدول ويغيرونه حسب غياب زملائهم وحضورهم ووفقا لرؤية المدير احياننا فتراهم تارة يلغون حصص المكتبة وتارة الفنون وتارة الرياضة ووذلك حسب أمزجتهم العامة وربما يرى بعضهم ان بعض هذه الحصص ضياع للوقت حسب فهمهم أما بخصوص الضعف العام في اللغة فهذه ظاهرة عامة على مستوى الوطن العربي ارى ان ينظر لها اولي الاختصاص ويولونها إهتمامهم ويتقصوا الاسباب الحقيقية وراء ذلك ، في الثمانينات( اعتقد 79-80) كنا حضورا بقاعة البغدادي بكلية الطب بجامعة الخرطوم نستمع لمحاضرة للبروفسير عبد الله الطيب عن تدني مستوى اللغة العربية بالسودان، فإتهم بالحرف الواحد وسائل الاعلام المسموع منهاوالمقرؤ ، لاشك انهم شركاء في ذلك لكنهم لم يكونوا هم الاوائل فيه . وكما ذكرتي فقلة الاطلاع تعد من أهم الأسباب التي أدت لتدهور مستوى اللغة العربية ، قبل أيام اتصل بي أحد الزملاء في العمل ( خارج السودان) وانا في البيت لاملئ علية ان يكتب تقريرا لايتعد العشرة اسطر وكان ذلك عن طريق التلفون فلم اصدق انه لم يعرف ان يكتب شئيا حزنت ولكن اخفيت حزني وراء سماعة التلفون وكتمت غيظي وأنا افكر في ما وصلت اليه حال اللغة العربية في بلاد اهلها
    رحم الله حافظ حين قال على لسان اللغة العربية
    ان البحر في احشائة الدر كامن فهل سألوا الغواصة عن صدفاتي
    فصدفها هو البديع والاستعارة والكناية والتشبيه وغيرها من المحسنات البديعية ولكنها ان رأت ما يحدث اليوم فالله اعلم ما هي قائلة