عبد اللطيف البوني

سينما سينما


[JUSTIFY]
سينما سينما

في واحدة من قفشاته اللغوية التي أصبح يكثر منها مؤخرا وصف السيد الصادق المهدي التعديل الوزاري الأخير بأنه مناظر جعلت الناس في انتظار الفيلم ولمصلحة أولاد الزمن دا الذين لم يدخلوا كلوزيوم او النيل الأزرق او حتى سينما قاعة الصداقة نقول إن المناظر عبارة عن مقاطع مأخوذة من الفيلم تعرض قبل مدة من عرضه كاملا للترويج له وهي أكثر المناظر إثارة في الفيلم وهي تشبه عملية الترويج للمسلسلات الذي يتم في التلفزيونات في الزمن دا.
لقد بدا لي أن السيد الصادق المهدي كان موفقا في اعتقاده بأن هناك فيلم سياسي جديد قادم إلا لما تم التغيير في الطاقم الحاكم بهذه الصورة الكبيرة ولكن يبقى السؤال هل هذا التغيير قد تم وضع كامل السيناريو له وتم تحديد كافة أبعاده ثم عرض علينا التشكيل الوزاري الجديد كمقدمة له؟ بعبارة أخرى أن الفيلم منتهي ومعلب. أي موضوع في علبة وجاااااهز للعرض وقد أخذت أكثر أجزائه إثارة لتشويق الجمهور له؟
إن الذين يقولون إن التغيير في الأشخاص لا يدل على أي تغيير في النظام إنما المطلوب تغيير السياسات قد أحسنوا الظن في الإنقاذ لأنهم اعتقدوا أن لها سياسات ثابتة ومتفق عليها بين جميع الفصائل المكونة لنظام الحكم فالواضح أن الإنقاذ أصبحت مشروع سلطة وهي تفعل كل ما يمكنها في البقاء في سدة السلطة ومتأهبة لمنازلة كل من ينازعها في السلطة وبمرور الأيام والسنوات أصبحت لها مراكز قوى متعددة فالتغيير الوزاري الأخير قضى على مركز من مراكز القوى لدرجة أدهشت كل المراقبين للوضع السياسي في السودان وهذا يعني أن مكوناً أساسياً من مكونات المعادلة الحاكمة قد تغير وبالتالي لا بد من أن تتغير المخرجات وتغيير المخرجات واحد من أساليب البقاء.
عليه إذا اتفقنا مع السيد الصادق أن التغيير الوزاري الذي تم يعتبر مناظر لفيلم قادم فإنها مناظر ليست مأخوذة من الفيلم إنما وضعت قبل الفيلم وبالتالي سوف يبنى الفيلم عليها وهنا تكمن الخطورة لأن القصة والسيناريو والإخراج والتصوير سوف يتم بناء على هذه المناظر فهذا يعني أن هناك فيلم جديد قادم ولكنه ليس واضح المعالم في ذهنية من الذهنيات الحاكمة وسوف يتبلور على طريقة رزق اليوم باليوم عليه أصبح الباب مفتوحا لكل الاحتمالات سالبها وموجبها. عليه إن كانت المناظر في السينما المعتادة توضح بعض ملامح الفيلم لا بل هناك من يستطيع كشف قصة الفيلم من المناظر فإن مناظر الفيلم السوداني لا تنبئ إطلاقا بشكل الفيلم القادم لأنه وضعت قبله وليست مأخوذة منه.
ويبدو لي الآن أن التغيير الوزاري سواء أكان مناظر لفيلم جاهز او مناظر لفيلم يجري تصوير أحداثه او مجرد مناظر بدون فيلم (يا الناظر يا الكلك مناظر) – وهذه أيضا منسوبة للسيد الصادق – قد تجاوزته الأحداث وكاد أن يصبح فيلما محروقا لأن أحداث دولة الجنوب طغت عليه وقد أصبحت هي المنطلق لسياسات الإنقاذ القادمة. بعبارة أخرى إن كل سياسات السودان القادمة داخلية وخارجية سوف تكون ردة فعل لما حدث وسيحدث في دولة جنوب السودان. إنها البحر الذي غطى تمدد السودان وكل المنطقة وربنا يكضب الشينة ونشاهد ويكفينا شر أفلام الرعب في الشمال وفي الجنوب.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]