رأي ومقالات

محمد الطاهر العيسابي: إقتدوا بوزارة التجارة !!


إحتفلت وزارة التجـارة السودانية بالأمس بشكل مختلف ومتميّز ورائع بأعيادالاستقلال المجيد

، موقف يُسجل لها وتستحق عليه الشكر والتقدير والثناء ، وهذا ما كتبنا عنه قبل يومين ، التفكير بشكل مختلف ومتجدد في إحتفاﻻتنا بعيد الاستقلال أو نهاية العام ، فكرة تفرح العاملين البسطاء الذين أبدعوا وتميزوا ، أو من أفنوا عمرهم في الخدمة المدنية باخلاص وتجرد ، حتى ذهب نظرهم ، وضعف جسمهم ، واعتلت صحتهم ، وقد نغادر أو يغادرون حياتنا الزائلة قبل أن نقول لهم ( شكراً ) !

بالأمس كان يوماً متفردا ومتميزا للمعاشيين بوزارة التجارة ، رسم الفرحة على وجوههم وأعاد البسمة على شفاههم اليابسة ، احتفال حاشد ومهيب قامت به وزارة التجارة ممثلة في وكيلها الأستاذة ( مريم الإمام ) ، حضور كثيف من المعاشيين وأسرهم ضاقت بهم صالة معرض الخرطوم بما رحبت ، كرمتهم الوزارة خير تكريم في حفلٍ بهيج ، منحتهم فيه شهادات شكر وعرفان على خدماتهم وتفانيهم وإخلاصهم لعقود من السنوات قد يصل بعضهم إلى قرابة النصف قرن قضوها في الوزارة ، حتى كساهم الشيب ووهن جسدهم .

كما منحتهم ( ظرف متواضع ) في حياء يحوي مبلغاً متواضعاً يحلحل من همومهم اليومية البسيطة كان له وقعه وألقه في النفوس رغم رمزيته .

جموع من المعاشيين رسمت قسوة الحياة تعرجاتها على وجوههم ، يتوكأ بعضهم على عصا وغيّر غبار الدهر لون شعورهم وآخرون متثاقلي الخُطى ، تجمعوا في مشهد مهيب وهم فرحون بهذا ( التقدير ) بعد أن ظنوا بأنهم في طي النسيان ، فجاء تكريم وزارتهم بمثابة بلسم شاف لكل الجروح واﻵهات والزفرات .

هذه المواقف تثلج الصدور وتدخل البهجة على النفوس و تشجع الذين لازالوا على رأس العمل بمزيد من البذل و التميّز وترك بصمات طيبة بمؤسساتهم .

لم تستثن وزارة التجارة في تكريمها حتى الذين رحلوا من عامليّها ، فقدمت لأسرهم شهادات التقدير والتكريم فكانت رسالة لها صداها في دواخلهم ، حفظاً لمكانتهم وما قدموه طوال حياتهم ، فأفرحت اليتامى وأثلجت قلوب الأرامل بهذا الصنيّع .

تهدر بعض مرافق الدولة ببذخ المليارات في إحتفالات الإستقبالات و الإفطارات ، ولاتتذكر الذين خدموها من قريب أوبعيد ، ولنسأل وزارات الدولة المتعددة متى آخر مرة تم تكريم للمعاشيين الذين خدموهها بنكران ذات وسكبوا عرقهم وبذلوا جهدهم ؟! ، أنفِقوا في هؤلاء فسيضاعفه الله لكم ، فإن وراءهم أرامل وأيتام وأطفال ومرضى لو أقسموا على الله لأبرهم .

كتبت قبل ذلك عن ( العم عبدالله ) الذي وجدته يجلس على كرسي خشبي متهالك أمام داره ، وقد قست الدنيا عليه ، حتى ضعُف بدنه وأبيّض شعره ، وقد أفنى كل عمره ( كسائق ) في إحدى الوزارات تعاقب عليه قرابة العشرة وزراء ، طاف خلال عمله الأصقاع ومعظم أرياف وحضر السودان ، وأخيراً لا أحد يذكره بعد كل هذا الجهد والكد ، يلقاك هاشاً باشاً ويحكي عن عمله بفخر !

( إقتدوا بوزارة التجارة ) التي قدمت إحتفاءً متميزاً أدخلت البهجة لمئات الأسر والبيوت التي رفعت أياديها مبتهلة بالدعاء شاكرة وحامدة و داعية بالخير للقائمين بالأمر .
إلى لقاء ..

بقلم : محمد الطاهر العيسابي
[email]motahir222@hotmail.com[/email] صحيفة السوداني


تعليق واحد