رأي ومقالات

هويدا سرالختم : وأدرك شهريار الصباح وسكت عن الكلام المباح .. مستشفى الرعب..!


حينما يحدث في دولة متقدمة تبديل لأطفال حديثي الولادة (وهي حالة نادرة وشاذة) تقف الدولة كلها ولا تجلس حتى يتم التحقق وحسم الأمر، ثم توقيع عقوبة صارمة في حدها الأدنى إغلاق المستوصف وإحالة مديرها وتيم العمل إلى المحاكمة ودفع تعويض ضخم قد يعيش عليه المتضرر بقية حياته والهدف محاصرة هذه الجريمة الناتجة عن الإهمال والاستهتار..!
نقلت الصحف خلال الأيام الماضية خبراً صادماً (تبديل لطفلين حديثي الولادة) في مستشفى ولادة بمدينة أم درمان.. لكنه ليس بجديد.. يحدث كثيراً هنا في السودان ومنذ سنوات طوال.. ولكن نادراً ما تتناوله أجهزة الإعلام لأنه في أحيان كثيرة يتم التستر عليه من قبل المستشفى المعني.. وفي أحيان أخرى تكون الأسرة التي وقع عليها الضرر مغلوبة على أمرها فترفع أمرها إلى الله إذا تمكنت من استرداد مولودها أو لم تتمكن.. الخبر يقول إن أحدهم اكتشف وبعد مرور عامين على وضوع زوجته بإحدى المستشفيات أنه يحتضن طفلاً آخر وقد أسموه (علاء) غير طفلته التي تم استبدالها بهذا الطفل.. بعد التأكد بالفحص الجيني قامت المستشفى بتصحيح الخطأ (بعد عامين) وإرجاع الطفلة التي نمت في أحضان أسرة أخرى أطلقت عليها اسم (مزن).. الطفلان (مزن).. و(علاء).. كل منهما تعلق بوالدين وأشقاء من غير أهله طفل العامين ليس صغيراً حتى يمكن (بكل بساطة) أن نستبدل له أسرته التي نما في أحضانها بأسرة جديدة المفروض أنها أسرته الحقيقية ونريد منه تقبلها بكل بساطة فهو مدرك لكل شئ في هذه السن.. تخيلوا معي مقدار الصدمة النفسية التي سيعيشها هذان الطفلان.. هذا إذا تجاهلنا وضع الوالدين والأشقاء في الأسرتين.. أي عقوبة.. وأي ثمن يمكن أن يعوض الطفلين والأسرتين عن هذه المأساة.. القانون لم يكن عادلاً هنا وحكمت المحكمة بما توفر لها من نصوص القانون بإدانة المستشفى وغرامة مقدارها خمسة آلاف جنيه على المستشفى ومديرها وتعويض الشاكي مبلغ (150) ألف جنيهاً.. أي تكلفة حالة ولادة واحدة في الجناح الخاص..!
قبل عدة سنوات كتبت مقالاً بعنوان (مستشفى الرعب).. يكشف الحجاب عن ما يدور داخل مستشفى (الدايات) بأم درمان.. تناولت في المقال قصة (تقشعر لها الأبدان) على لسان سستر شاهد عيان، بل من داخل الحدث.. القصة لطفلين حديثي الولادة أودعتهما المستشفى بالحاضنات بسبب ولادتهما قبل الموعد المحدد.. أحدهما فارق الحياة فتم إعطاؤه الأم الخطأ وقامت الأسرة بمراسم الدفن لتكتشف إدارة المستشفى خطأ تبديل الأطفال.. الكارثة كانت حين العودة لسجلات المستشفى لإصلاح الخطأ.. لم يجدوا أي بيانات مسجلة للأم التي تم تسليمها جثمان الطفل الخطأ.. كارثة.. ما العمل.. دخلت إدارة المستشفى في مأزق.. فجأة وفي اليوم التالي حلت المشكلة بقدرة قادر.. هل تعلمون كيف.. مات الطفل الآخر ودفنته أسرة الطفل الأول بصمت ودون أن تعلم حتى أنها دفنت طفلاً آخر غير طفلها.. وأدرك شهريار الصباح وسكت عن الكلام المباح.

صحيفة الجريدة