منوعات

“ظاهرة اجتماعية متفاقمة” الانتحار.. هروب من الواقع والمسؤولية


حرَّم الدين الإسلامي قتل النفس بغير حق، لأن الحياة ليست ملكاً لأحد، وبالتالي لا يجوز انتهاكها أو قتلها، وبالرغم من ذلك نجد أن هذه الجرائم تنامت بشكل مخيف في الفترة الأخيرة وتناولتها وسائل الإعلام بصورة شبه يومية، حتى كادت أن تصبح عرفاً أو عادة يلجأ إليها أي شخص يشعر باليأس أو الإحباط، لكن هذه النتيجة المحتمة لها أسباب ودوافع وتعاقب عليها القوانين الوضعية والإلهية.

ترى رفيدة الصائم (موظفة) أن السبب الرئيس للانتحار هو الهروب من واقع حياتي غير مُرضٍ للمنتحر من الطرفين رجل أو امرأة، ويعد الأمر في الحالتين ضعفاً إيمانياً يحاسب عليه المولى عز وجل، لافتة إلى أنها عادة دخيلة على مجتمعنا ويجب على كل من تسول له نفسه بهذه الأشياء الرجوع إلى الله والإكثار من الاستغفار حتى لا يلغي بنفسه في غياهب الظلمات ويصبح من النادمين.

إلا بالحق

لأننا أصبحنا أمة مقلدة قال عثمان الخالد (عامل) أصبحنا في مواجهة العديد من الظواهر السالبة، وكل يوم تطرق مسامعنا أشياء لم نتوقع أن نسمعها أو نراها فقط، وانتحار الرجال الذي بات يحدث بين الحين والآخر، وتتناوله وسائل الإعلام بصورة مستمرة، يرجع للوضع الاقتصادي المتردي والحال الذي يغني عن السؤال، لكن حتى لا ندخل في قتل النفس التي حرم قتلها إلا بالحق، قال عثمان ينبغي الرجوع إلى الله والتحلي بالصبر لأنه مفتاح الفرج.

سياسات اقتصادية واجتماعية

أبدت الباحثة الاجتماعية سامية أحمد امتعاضها من جملة الظواهر السالبة التي طرأت على المجتمع دون النظر إلى حرمتها أو حتى نتائجها الوخيمة. وقالت لابد من معالجة الأمر بأسرع وقت لأن المجتمع – بحسب رأيها – يسير نحو الهاوية، ولن يستطيع أحد توقع ما سيحدث إذا استمر الأمر على هذا النحو السيئ. وأضافت: فقد كنا نسمع سابقاً عن انتحار السيدات لكن أن ينحو الرجال أيضاً هذا المنحى، فهذا أمر غاية في الخطورة، ويجب علينا جميعاً معالجة الأسباب أي كانت حتى لا تصبح عادة، خاصة وأن الأبناء يتأثرون بتصرفات آبائهم، فإذا ما استشرت أمور كهذه سنكون في مواجهة سلوك لا يمكن الحد منه إذا تفاقمت المشكلة، لذلك لابد من مراجعة الدولة لسياستها الاقتصادية والاجتماعية لأنها السبب الرئيس لانتشار واستشراء هذه الظواهر في المجتمع، ثم تأتي بعد ذلك التوعية المجتمعية عبر البرامج الدينية والتثقيفية التي تنهي عن القتل أو التحريض أو حتى الشروع، وتحذر من مغبة الوقوع في المحرمات التي منها قتل النفس، ودعت إلى التمسك بمبادئ وتعاليم ديننا الحنيف والقيم والعادات والتقاليد السودانية السمحة.

يأس واكتئاب

بالرغم من الانتحار تختلف وسائله وطرقه إلا أنها تفضي إلى نتيجة واحدة، هكذا ابتدرت زينب حسن الباحثة النفسية حديثها، وقالت إن الشخص يلجأ للانتحار نتيجه لشعورة باليأس من الحياة أو الاكتئاب أو لشعوره بالذنب تجاه شيء محدد، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية والعقلية، والإحساس بالفشل وعدم القدرة على مواجهة المشاكل وإيجاد حلول لها، إلى جانب ضعف الوازع الديني والصبر على الابتلاء.

وأرجعت زينب تزايد معدلات الانتحار إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، خاصة الفقر والبطالة التي قالت إنها تسببت ضغط نفسي رهيب لدى المواطن وزادت من معدلات اليأس لديه، فضلاً عن أن المشاكل الاجتماعية كانفصال الوالدين أو الخلافات المستمرة بينهما، والحرمان العاطفي من الأم أو الأب، وانعدام الجو الأسري الآمن المستقر، ربما تقود وتدعو الأبناء للانتحار، وذلك لإحساس الفرد بالدونية وعدم الرغبة فيه من قبل الآخرين.

شروع في القتل

أشار محمد علي (المحامي) إلى أن جريمة الانتحار جريمة كاملة، وحدد القانون عقوبة الشروع في الانتحار لا تتجاوز السنة أو الغرامة أو الاثنين معاً، حسب المادة (133) من القانون الجنائي السوداني لسنة (1991)م، بالاضافة للمادة (20) من القانون الجنائي، والتي تمثل الشروع في كل الجرائم (سرقة أو قتل) وغير ذلك من الجرائم، فيما لا يعاقب القانون فاقدي العقل كـ (المجنون والسكران) وصغير السن في محاولة الشروع في الموت. وأضاف: لكن يقع تحت طائلة المادة (133)، ويعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز السنة، كل من يحرض صغيراً غير يافع، أو مجنوناً أو شخصاً في حالة سكر أو تحت تأثير اضطراب عقلي أو نفسي بالانتحار، أما في حالة حدوث الانتحار نتيجة ذلك التحريض يحكم عليه بالإعدام قصاصاً، فإذا سقط القصاص يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز العشر سنوات دون المساس بالحق في الدية.

واعتبر محمد جرائم الشروع في الانتحار التي تنظر أمامه بسيطة مقارنة بالجرائم الواقعة على النفس، والتي بدأت تتزايد بصورة مخيفة في الفترة الأخيرة، وعبر عن تخوفه من استمرار الظاهرة. وقال لابد من وجود حلول جذرية لهذه الظاهرة المتنامية خاصة مع الضغوط الاقتصادية التي تشكل تشكل عائقاً أساسياً لاستمرار الحياة

اليوم التالي