عمر الشريف

إرحموا مواطنى الدرجة الثانية


إخوانى الكرام عندما نسمع عنوان بهذا الاسم يتبادر الى أذهاننا بأن هناك مواطنى من الدرجة الاولى والثانية فى دولة واحدة وهؤلاء مثل الذين لا يحملون وثائق ثبوتية او مهمشين من ناحية الخدمات والتنمية او مواطنين فقراء لا يستطيعون مسايره الحياة وغيرها من تلك المعانى التى تتبادر الى اذهاننا .
المقصود من هذا العنوان هم مواطنين يحملون وثائق بلادهم الرسمية وتلقوا تعاليمهم ونشأتهم فى وطنهم لكن دعتهم الظروف الاقتصادية أو السياسية للهجرة خارج بلادهم فى الوقت الذى تسعى فيه دول العالم لتوفير الاستقرار وفرص العمل لمواطنيها وتمنع هجرة تلك الطاقات والخبرات خارج حدودها . هذه الشريحه الكبيرة والمؤثرة اصبحت تعامل كمواطن من الدرجة الثانية مقارنه بالمواطن المستقر . هذا المواطن المهاجر او المغترب اصبح المجتمع والحكومة ينظر له نظرة مادية فى المقام الاول وهم يعلمون ما يعانية فى الغربة من مآسى وضغط وألم وأرهاق واحيانا استفزاز وتحقير لكنه صبر من أجل لقمة عيشه ومن أجل أهله ومن أجل وطنه الذى طرده .
ربما يقول احدكم هذا غير صحيح أو كيف حكم على هؤلاء من الدرجة الثانية وأقول لهؤلاء – المواطن عندما يغادر بلاده او يعود لها لا يدفع رسوم مغادرة او قدوم لانه يغادر بلده ثم ليعود اليها ، لماذا يدفع تلك الرسوم ؟ هذا المواطن الذى يدفع ضريبة أثناء فترة غيابه وفر وظيفة لغيره وتحمل مسئولية اسرته واحيانا معارفه ووطنه . ثم يدفع رسوم خدمات لا يعلم عنها شىء سنويا ويدفع رسوم بطاقة لا تسمن ولا تغنى من جوع سوى صفحات تحمل شعارا وقرارات لا تطبق وإنما يطبق رسوم تلك البطاقة . كذلك يدفع زكاة على راتبه الذى لم يكمل النصاب ولا يحول عليه الحول كما حدد الشرع ويدفع رسوم تصديق مستندات وتفويض أو توكيل حتى لو كان لعقد نكاح أو استلام شهادة بحث للارضه أو إستخراج شهادة وفاة . ناهيك عن النظرة التى ينظر له بها عند قدومه ابتدأ من نزوله من سلم الطائرة او الباخرة مرورا بالاجراءات حتى يخرج ليستقبله باقى المواطنين وكل منهم ينظر له بأن يعطف عليه او يضحك عليه لينال من ماله جزءا حتى اصبح اقرب الاقربين له لا يرحمونه .
هذا المواطن اذا حالفه الحظ ومنح ارضا تباع له بسعر أعلى وبعملة خارجية واذا نجى من ذلك وقع فى ايدى السماسرة والمحتالين ليبيعوا له الهواء معبأه فى اكياس بلاستيك بمجرد استلامها يتفرغ محتواها ليظل بين المحاكم والمحامين ليجمع هذا الهواء . من جالس هؤلاء المغتربين يجد بعضهم مهما بلغ تعليمه وذكاءه وغربته ذاق المقالب وأكتوى بنار الضرائب والرسوم والغش . يظل هذا المسكين يجوع نفسه ليجمع لغيره ويعود ليجمع من جديد . آن الأوآن ليكافأة هذا المواطن ويمنح صفة مواطن مثل غيره ويعوض غربته وما دفعة سابقا وذلك بمنحه أرض سكنية او زراعية او إستثمارية بالعملة المحلية ليكون التوزيع عادل وشامل وليس مختص بفئة معينه او من له واسطة او شخصية نافذه ويعلم أبناءه مثل غيرهم ويحتفل به لانه ساعد فى اقتصاد الوطن أوخفف من انهياره فى فترة ما وأنه ساعد فى دعم وبناء المرافق العامة وكذلك توفر له الفرص الوظيفية حيث انه اكتسب خبرة وهو مثال للموظف المخلص الذى يلتزم بمواعيد عمله طوال ساعات العمل اليومية من غير ان يتأخر او يغيب بسبب المواصلات او الاجتماعيات .
هؤلاء المواطنين الذين يحلمون بالاستقرار والأمان داخل اسوار بلادهم لقد علموا بان لا استقرار خارج تلك الاسوار بعد غربتهم التى استمرت سنوات ، لكنهم يظنوا قد حان وقت شروق شمس استقرارهم ثم يتفاجأوا بغيابها سريعا وذلك بتردى الاوضاع والقرارات الطاردة والتعامل الغير لائق بالنسبة لهم . جهازهم الذى دعموه لم يخدمهم عندما إمتلئت بهم السجون وشردوا من وظائفهم ودولتهم التى دعموها لم تقف معهم بالصورة المطلوبة والقنوات الرسمية التى يحتاجون مساعدتها لهم اغلقت ابوابها امامهم . نعم نقدر الوضع الراهن والحالة الاقتصادية والسياسية فى بلادنا لكن هناك من اغترب عشرات السنين وإستغنت عنه بلاد الهجرة وليس له مفر سوى العودة لوطنه ليعيش وسط اهله لكنه يحتاج لمن يرشده ويساعده فى توظيف خبراته ومهاراته او أمواله . يجب على الدولة أن تفتح مكاتب استشارات وخدمات لتسهل لهؤلاء العائدين وتكون باسعار رمزية وهذه المكاتب تتابع مع الادارات الحكومية للإنهاء الاجراءات التى يحتاجون لها عند عودتهم حتى لا يضيعوا بين السماسرة واللصوص والجشع .