تحقيقات وتقارير

السرطان ورم خبيث عم الجزيرة .. و أعداد المرضى في تزايدٍ مستمر


[JUSTIFY]عبارة (المخدرات أفيون الشعوب) التي يستخدمها القائمون على أمر صحة الإنسان وأجهزة مكافحة المخدرات والتي تستقي منها الأجهزة الوسائل التي تعين على مجابهة ذلك الخطر العظيم الناجم عنها – فإننا يمكن أن نستعير منها عبارة أخرى وبصفة خاصة في ولاية الجزيرة تقول إن (السرطان أفيون الحياة الطيبة والأمل الأخضر لأهلنا بالولاية) فتتحول بذلك الجزيرة الخضراء بسبب هذا الكابوس الذي قضى على كل خضرة وأمل أخضر لدى أهلنا الطيبين البسطاء الى حياة جزاف فاستشرى المرض القاتل في أوساط كل الأعمار أطفالاً وشباباً وشيوخاً ونساء فأصبحت الأرقام اليومية التي تشير اليها أجهزة الإعلام والوقائع بين الحين والآخر تتضاءل معها كل الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها السلطات والتي لا تبحث أصلاً عن جذور المشكلة المختلفة المتعلقة بالأسباب الحقيقية وراء هذا الكابوس، فالزائر لمستشفى الذرة بود مدني يتبين له خطورة الموقف من الأعداد التي تتردد للمستشفى، وكشف تقرير صادر من المعهد القومي للسرطان بودمدني عن 1456 حالة مريض بالسرطان خلال العام 2013م ، من بينها 513 من الذكور و679 إناث في فئات عمرية من 15 عاماً و(ما فوق)، و142 طفلاً، بجانب 103 حالة مسجلة بالخرطوم. وكشف التقرير أن ولاية الجزيرة أكثر الولايات عرضةً للإصابة بالسرطان، وعلمت الجريدة من خلال تقرير أولي أن الإصابة بالسرطان زادت في العام 2014م حيث أصبحت 1547 حالة، واحتلت محلية جنوب الجزيرة المرتبة الأولى في عدد الحالات المصابة بالسرطان نسبة لوقوعها في منطقة مشروع الجزيرة، وكشف مصدر مطلع أن عدد المترددين على المعهد خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام 2014 م بلغ أكثر من 4480 حالة.. وقد قمنا بالتقصي لبعض المعلومات للوقوف على المشكلة علنا نكون قد أسهمنا في لفت أنظار القائمين لأمر الحقل الصحي، فالى مضابط التحقيق:ـ

وقفة:
مطالبة للرئاسة:
دعا عميد المعهد القومي لمرضى السرطان البرفيسور أحمد محمد الحاج الدولة بدءاً من رئاسة الجمهورية إلى الاهتمام بمرضى السرطان، الذين يواجهون الأمرين (المرض والحالة الاقتصادية)، لاسيما وأن معظم المرضى من الشرائح الفقيرة، مشدداً على ضرورة الاهتمام بالمبنى الجديد المكون من ثلاثة طوابق، الذي تبلغ سعته 120 سريراً، مشيراً إلى أن المبنى انتهت مرحلتاه الأولى والثانية، وأن تكلفته الأولية كانت 15 مليون دولار، ونسبة لارتفاع الأسعار تحتاج المرحلة الثالثة فقط لأكثر من 14 مليون جنيه (14 مليار بالقديم) عبارة عن عجز لتكملة المبنى، مبيناً أن المرحلة الثالثة كانت في بداياتها مقدرة بسبعة مليار فقط، لافتاً الى أن المبنى تم تصميمه على أسس عالمية، مما يؤهلة ليكون دعامة رئيسية لمكافحة مرض السرطان بالسودان وليس الجزيرة وحدها، وقال عميد المعهد إن المبنى متكامل من كافة الاحتياجات (مكتبات، عنابر، قاعات، استراحة، أماكن مخصصة للأجهزة الطبية..ألخ) ويشمل-حسب عميد المعهد كل تخصصات مرض السرطان مثل الجراحة والإسعاف وسرطان نخاع العظام وغيرها، مؤكداً أن المبنى لا يوجد له شبيه على مستوى السودان، كما يمكنه أن يحدث نقلة إيجابية في علاج السرطان.

أشعة المقطعية:
أكد الحاج أن المعهد في حوجة ماسة لجهاز أشعة مقطعية، وقال في حالة توفر جهاز الأشعة المقطعية بالمعهد سييمكنون تنفيذ العلاج الثلاثي الأبعاد الذي لا يتم إلا بوجود هذا الجهاز، مشيراً الى امكانية توطين هذا العلاج عن طريق الأشعة المقطعية، لافتاً الى أن المواطنين يذهبون له في الخارج بمبالغ باهظة جداً.

استراحة المرضى:
كشف عميد المعهد عن شراكة بينهم كإدارة معهد ورابطة أصدقاء مرضى السرطان لتوفير خدمات استراحة المرضى بحي المنيرة بمدني، مبيناً أن التحدي الذي يواجههم صيانة الاستراحة التي تنعدم فيها بعض الخدمات، مناشداً حكومة الجزيرة بزيارة المعهد والوقوف على أحوال المرضى ومدى معاناتهم.

إزدياد الحالات:
قال عميد المعهد القومي للسرطان أن تزايد حالات المرض لها عدة أسباب، منها تطور الأجهزة الاستكشافية العلاجية، بحيث أن أي منطقة تدخلها الخدمات الطبية يمكن أن تكتشف المرض، وقال: إذا قسنا ولايات أخرى نجد أن مواطن الجزيرة أقل إصابة بالسرطان، وقال (بمجرد وصول هذه الأجهزة تظهر الأرقام الحقيقية لأعداد المصابين)- وذكر إن السبب الثاني وجود مستشفى متخصص وقريب من المواطن، واشار الى أن هناك مواطنين لا تتوفر لديهم الخدمة ينتظرون النتائج لأكثر من ثلاثة أشهر بعد إرسالها، ليتم بعدها اكتشاف الإصابة – أما السبب الثالث الظاهر هو تواجد الأسمدة والمبيدات والسموم الفطرية، بالإضافة وجود الكيميائيات التي تدخل في أي شيء، مشدداً على ضرورة الابتعاد عن السجائر والتمباك – لكن الجزء الأكبر من المصابين بالسرطان لأسباب غير معلومة والدليل على ذلك أن السرطان يصيب الأطفال، لافتاً الى أن الأمريكان لديهم بحوث في الجينات توصلوا من خلالها الى أن جزءاً كبيراً من السرطان لم يستطيعوا تفسيره.وقال الزيادة الملحوظة في أعداد المرضى من عام لآخر، مشيراً في ذلك إلى الزيادة المتواصلة من عام لآخر حيث بلغ عدد المرضى في العام 2013 أكثر من 1400 حالة وفي العام 2014 أكثر من 1500 حالة.

سبع حالات يومياً:
كشف عميد المعهد القومي للسرطان أن أعداد الحالات الجديدة في تزايد، مشيراً الى اكتشاف أكثر من سبع حالات يومياً، مبيناً الى أن هناك العديد من الحالات ترد اليهم من خارج ولاية الجزيرة، وأكد أن محلية جنوب الجزيرة أكثر المحليات التي ترد منها حالات مصابة، معزياً ذلك لوجود الزراعة حيث مشروع الجزيرة.

المعجل الخطي:
أوضح عميد المعهد القومي الى أنهم يمتلكون جهازاً أمريكياً يُسمى المعجل الخطي، مشيراً الى أن المقاطعة الأمريكية حالت دون تشغيله، بالرغم من وصوله منذ سبع سنوات، موضحاً الى أن هناك مجهودات قام بها مهندس باكستاني استطاع فك العديد من طلاسم هذا الجهاز، وأن هناك مجهودات محلية من مهندسين سودانيين جارية، متوقعاً عمل الجهاز في فترة لا تزيد عن 15 يوماً، وقال: إن هذا الجهاز ينفذ العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان بصورة دقيقة جداً ومزود بحماية من الإشعاع، وأضاف (في حال عمل هذا الجهاز يمكننا علاج العديد من أنواع السرطانات من خلاله).
وكشف عن مصادقة وزير المالية بالجزيرة أحمد عثمان أحمد بمبلغ 100 ألف جنيه، شاكراً المجهودات المقدرة التي يقوم بها وزيرا الصحة والمالية بالجزيرة ودعمهم المتواصل.

مشكلة الفقر:
ذكر عميد المعهد أن المشكلة الكبيرة التي تواجه المرضى هي (الفقر) لأن معظمهم من الشرائح الفقيرة، وذكر أنهم يقومون بعمل ما عليهم بحسب ما هو متاح، إلا أن مشكلة انعدام الأشعة المقطعية وغيرها من العلاجات المكلفة تقف حائلاً بينهم وبين المرضى.

تعطل الماكينة:
قال المريض آدم محمد أبكر بأنه من مواطني مدينة المناقل مربع 17 ويعمل في مهنة التجارة، وأنه كان يعاني من البواسير ومن ثم تم أخذ عينة اتضح من خلالها أنه يعاني من سرطان الكبد منذ 8 أشهر، واليوم جاء لمقابلة الطبيب، منذ صلاة الصبح، والماكينة تعطلت، والمركز يعاني من بعض النقص في بعض الأجهزة، وقال (لاحظنا أن إدارة المعهد تقوم بعمل مجهود كبير لمعاينة المرضى)، وأضاف بأنه قام باستخراج الفائل للمتابعة وحددت لهم مقابلة الطبيب منذ شهر نسبة لازدحام المستشفى بالمرضى، وأشار الى أن هناك بعض الحالات مجرد ذهابها للطبيب في عيادته الخارجية يتم إعطاؤه مدة قصيرة ليست مثل التي حددت لنا بعد شهر، مشيراً الى أنه كان يتابع مع د. محمد الفاتح بالمناقل، وقال آدم إنه يعاني جداً من الكحة التي تسطحبها آلام لا يمكن وصفها، واستفراغ دائم بمجرد تناول أى شيءٍ حتى الماء، مبيناً أنه يعاني بالإضافة الى ذلك من القلق المستمر، وتحسنت حالته بعض الشيء بعد تناول الحبوب التي تم إعطاؤه لها.

حالة متأخرة:
وفي جولة الجريدة في المعهد القت الصادق الهادي شقيق المريض أبو القاسم الهادي عبدالله وذكر بأنهم يقيمون الجزيرة قرية أم كتيرة وأن شقيقه طالب بجامعة الجزيرة.
وقال أنه كان يعاني من بعض الآلام أسفل الرجل مما استدعى لاستئصالها منذ خمسة أعوام، وبعد زواجه بات يمارس حياته بصورة طبيعية، مبيناً أن معاناته بدأت منذ شهرين ليكتشف بأنه مُصاب بالسرطان، مشيراً الى أن الأطباء أكدوا بأن حالته متأخرة، داعياً المولى سبحانه أن يعافي شقيقه ورحمة الله وسعت كل شيءٍ، مشيداً بالأدوار الكبيرة والخدمات التي تقدمها إدارة المستشفى ومدى اهتمامهم بالمرضى رغم قلة الإمكانيات.

معاناة متواصلة:
وقال عبودي نورالدين شقيق المريضة نفحات نور الدين، بأنهم يقيمون في ريفي المناقل قرية الدقيساب، وقال إن شقيقته بدأت العلاج منذ سنة وثلاثة أشهر، وأنهم ظلوا يترددون على مستشفى السرطان منذ ذلك الوقت، حيث ترقد شقيقته فترة وبعد أيام تعاود نسبة لمعاناتها المتكررة من مرض سرطان الدم الذي تم اكتشافه بواسطة المعهد القومي للسرطان بالجزيرة، وأبان أن معاملة كل التيم في المستشفى بها شيءٌ من الذوق والرقي وحسن التعامل، وتقوم إدارة المستشفى بتوفير العلاج بقدر المستطاع، كما تقوم بتوفير ثلاث وجبات للمريض، مشيراً الى أنهم يتابعون مع الباحثة الاجتماعية التابعة للمعهد، وأن هناك بعض العلاجات يقومون بشرائها، وأنهم بالرغم من ضيق ذات اليد ولكنهم مقدرون الدور الذي تقوم به إدارة المستشفى تجاه شقيقته، وشكى من انعدام التكييف وسخونة الأجواء بعد تعطل المكيف، موضحاً أن أكثر الآلام التي تعاني منها شقيقته آلام في الظهر ومغص متواصل، مضيفاً: نسأل الله أن يعافي أختي وهي مخطوبة لأحد أقاربنا.

علاج كيميائي:
أكد والد الطفل مبارك عز الدين مبارك أنهم مقيمون في غرب سنار، وأن عمر ابنه مبارك خمس سنوات، وكانت لديه حمى متواصلة وزيادة في الدم الأبيض، ويخضع إبنه لعلاج كيميائي، والآن لنا 14 يوماً مقيمين في المستشفى، مبيناً أن علاج ابنه في المرحلة الخامسة، وأشار الى أنه يباشر الأعمال الحرة وأحواله الاقتصادية (زي الزفت)، موضحاً أن معاملة المستشفى 100%.

أفاد دفع الله إبراهيم محمد نور (محضر عملية بالمستشفى) بأن الحالات الجديدة تتراوح بين 7-10 حالات، وأن التردد يبلغ أكثر من 50 شخصاً يومياً، وأن أكثر الحالات من الجزيرة حيث تبلغ أكثر من 80% من جملة الحالات التي تتردد على مركز الأورام بمدني، مبيناً أن هناك حالات ترد من الولايات المجاورة مثل سنار والقضارف والنيل الأزرق والنيل الأبيض، مشيراً الى معاناة المرضى المادية مطالباً حكومة الجزيرة بأن تقوم بمتابعة أمر المرضى وحالتهم المادية وأن يزيدوا اهتمامهم والنظر لمرضى السرطان بشيءٍ من التقدير والاهتمام، مضيفاً أن المرضى يعانون الأمرين (آلام المرض وحالة الفقر البائنة)، مؤكداً أن المبنى المؤقت يعاني من التهوية، وأن الاستراحة بعيدة جداً من مرضى السرطان، ومن المفترض البحث عن مكان بديل، وأن الاستراحة تعاني من انعدام الخدمات تماماً سوى المقدمة من جميعة أصدقاء مرضى السرطان (راما).

تحقيق: مزمل صديق
صحيفة الجريدة[/JUSTIFY]