تحقيقات وتقارير

قبل أن تقع الطوبة في “الأنبوبة” يشن وكلاء الغاز هجوما على سياسات مضادة تمارس ضدهم في وقت يبدو خلاله الغموض سيداً للمشهد.. الباب مفتوح أمام التكهنات والتحرير


في الثلاثين من نوفمبر الماضي خرجت الزميلة (الأهرام اليوم) يتصدرها خبر حصري يفيد بأن هنالك اتجاهاً من وزارة النفط لتحرير سلعة الغاز بعد أن أفادت مصادر برلمانية بوجود دراسة دفعت بها الجهات الرسمية للبرلمان تنادي بتحرير سلعة الغاز، غير أن الخبر لم يمر كغيره من الأخبار فقد أثار وزارة النفط وقلبها رأسا على عقب إلى الدرجة التي جعلت وزيرها يستدعي الصحفي مرتضى أحمد بمكتبه ويحقق معه حول الخبر ومحاولة معرفة مصادره.. ومن مكتب وزير النفط خرج مرتضى للتحقيق معه في مكاتب الوزارة وأمر الوزير بنفي الخبر المنشور.

مضت الأيام واستفحلت أزمة الغاز بصورة كبيرة صعب حلها على الجهات الرسمية وفجأة خرج البرلمان بالحل الذي اعتبره سحريا وطالب الدولة بتحرير سلعة الغاز.

طلب تحرير السلعة يبدو مباغتا للرأي العام ويجعله يدفع باستفسارات عديدة حول أصول الأزمة التي جعلت المواطنين يجولون بأسطوانتهم بحثا عن السلعة التي لا غنى عنها في أي منزل خاصة وأن البدائل المتاحة ترتفع تكلفتها في ظل شح وندرة الغاز وفي ظل ارتفاع الطلب عليها.

يد أن الأزمة أصبحت شغلا شاغلا للرأي العام ومثارا للتندر والفكاهة.. وبالعودة إلى أسباب الأزمة فان الأسباب تختلف بين كل جهة والأخرى.. فبينما تؤكد وزارة النفط توفيرها للسلعة ووجودها في مستودعاتها من خلال توفيرها عبر الإنتاج المحلي حيث تستطيع مصفاة الخرطوم توفير 800 طن منه على أن تغطى الفجوة من خلال الاستيراد.

* تقليص دور الوكلاء

وكشفت مصادر لـ(اليوم التالي) في وقت سابق عن وصول ثلاث بواخر محملة بالغاز إلى ميناء بورتسودان.. إلا أنه في الوقت ذاته يشن وكلاء الغاز والمتمثلون في شعبة الغاز بالغرفة التجارية هجوما على سياسات مضادة تمارس ضد الوكلاء بتقليص الكميات الممنوحة للوكلاء لتوزيعها على المحلات بالأحياء ومنح الجزء الأكبر لمحليات لتوزيع السلعة في ميادين مخصصة لذلك، بالإضافة إلى توزيعه في طلمبات الوقود وهو الأمر الذي يعني تقليص دور الوكلاء في التوزيع وتركهم بلا عمل وإغلاق عدد كبير من المحلات أبوابها في أحياء العاصمة والولايات.

* ضبابية

تبدو الرؤية ضبابية ما بين ما تصرح به وزارة النفط وما بين حديث الوكلاء وأصحاب المحلات بما ينبئ بأن ثمة غموض في مسألة الغاز الأمر الذي يجعل الباب مفتوحا أمام التكهنات.

ولكن في ذات الوقت تدافع وزارة النفط عن قرارها بأن السلعة التي تدعمها بما يقدر بـ60 جنيها على كل أسطوانة، تهرب إلى خارج البلاد للاستفادة من الأسعار التي تدعمها الحكومة بما يجعلها تلجأ إلى توزيع الغاز في الميادين المخصصة والطلمبات بواسطة محلية الخرطوم بعد أن خصصت لها 60 % من الكميات المتاحة على أن يمنح الوكلاء نسبة 40 % لتوزيعها في الأحياء وهو ما لا يرضي طموح الوكلاء، وفي ذات الوقت يشير لوجود شح وندرة في السلعة نفسها بما يجعل أسعارها تتجاوز السعر المخصص لها من قبل الحكومة والمقدر بـ(25) جنيها وتصل إلى 100 ـ 150 جنيها في بعض الولايات.

* التحرير وارد

ورغم الأزمة بدا تحرير السلعة مستبعدا لجهة أن الدولة هي المسيطرة على أمر المواد البترولية والمحروقات بما فيها الغاز، ولكن بعد خروج مطالبة البرلمان إلى العلن يبدو أمر تحرير السلعة واردا وحسب متابعات (اليوم التالي) فإن تحرير السلعة يعني فتح باب استيرادها عبر الشركات المختلفة دون قيود من الدولة بغرض توفيرها ولكن القرار هنا ليس بيد وزارة النفط إنما تتحمل مسؤوليته وزارة المالية لجهة أنها معنية بتحديد أسعار السلعة والسيطرة على استيرادها وتوفير المبالغ لذلك..

ولكن ما يثير الاستغراب هو أن البرلمان يبدو منشقا نحو مطالبته نفسها بعد أن قال رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان إن مطالبة البرلمان لتحرير السلعة عبارة عن آراء فردية ولا تعبر عن رأي البرلمان، وفي ذات الوقت يقطع بأن مطالبة المجلس الوطني بتحرير السلعة غير واردة في الوقت الراهن وأن التحرير لن يحل الأزمة وأن المطالبة بالتحرير أمر سابق لأوانه إذ يحتاج إلى دراسة وافية. غير أن لوكلاء الغاز رأيا مختلفا، حيث يرهنون موافقتهم على تحرير الغاز بعدم وصول الحكومة لحل في الوقت الراهن.

* شروط التحرير

ورهنت شعبة الغاز موافقتها على تحرير السلعة بعجز الدولة عن توفيره عبر مواردها الخاصة، وأكد الصادق الطيب رئيس شعبة الغاز على وجود أزمة حقيقية في السلعة بعد أن فشلت الدولة في توفيره بالأسعار المعلنة عنه وقال الطيب لــ(اليوم التالي) يمكن أن يعامل الغاز كتعامل الدقيق والأدوية بحيث يسمح للشركات باستيراده من خلال تحديد قيمة أقل للدولار أسوة بالدقيق على أن تعمل الدولة في الوقت ذاته على تحديد أسعاره.. مؤكدا أن الدولة فشلت في أن تقوم بعمل التجار في ما يخص السلعة، مبينا أن أزمات الغاز تكررت خلال الأعوام السابقة إلا أنها لم تكن بحدة الأزمة الحالية.

اليوم التالي