أبشر الماحي الصائم

فيصل الإسلامي.. بعض ذكرى وشجون


[JUSTIFY]
فيصل الإسلامي.. بعض ذكرى وشجون

*لا أعرف من أين أبدأ.. لكن فليكن من هناك..
*لبثت وصديقي التشيكلي عبدالمنعم الزين ما يقارب الثلاثة أشهر نراوح لوضع اللمسات الفنية (لمدينة السمراء) الثقافية بمحلية أم بدة تمهيداً لافتتاحها على يد السيد رئيس الجمهورية، وكان ذلك على أيام الشهيد حسن الجعفري، فكان لنا شرف تسميتها (سمراء)، ثم صناعة بوابتها، وترسيم اللافتات والقطع الفنية على ردهات المدنية.
*ويوم الافتتاح لبسنا أجمل ثيابنا وحضرنا أنبل مشاعرنا على افتراض أننا جزء أصيل من هذه العملية الجمالية المدهشة، ثم يممنا وجوهنا شطر سمراوانا التي ساهمنا في ترسيمها بليل الأسى ومر الذكريات، فوجدنا الأبواب قد ملئت حرساً شديداً وشهباً، اقتربنا من الباب الأول فقال لنا رجل غليظ الكلمات والعضلات.. بالله زحوا لينا من هنا.. فهرولنا باتجاه البوابة الأخرى فقال آخر.. مافي دخول من هنا.. وما تقيفوا لنا كدا!
*طرقنا كل الأبواب ولا مجيب.. أصبحنا غرباء في مدينتنا و(غريبة هي في دنيتا).. لم نستطع التعرف على أحد، قلت لصديقي (من أين أتى هؤلاء؟)، العبارة الخالدة التي تنسب إلى الروائي السوداني الراحل الطيب صالح، فالأشياء في بلاد النيل والشمس والصحراء يصنعها أناس ويفتتحها ويحتفل بها آخرون.. وا أسفي على سمراء التي اختطفها هؤلاء الغرباء..
*والشيء بالشيء يذكر، انتابني ذلك الشعور، أمس الأول في استقبال (عمارة الفيحاء) بالخرطوم غرب، لم تكن الفيحاء لنا كجيل من الإسلاميين مجرد بناية، بل كانت شيئاً يشبه (المسيد) عند القوم، كانت (قبلة فقيرنا) قبل أن تصبح قبة بلا فقير كانت (تكيتنا) اي والله، فكثيراً ما تناولنا فيها بعض وجباتنا، لم نكن نحتاج لأخذ إذن من أحد.. كانت الأبواب والأشياء تعرفنا ونعرفها وتألفنا ونألفها، الفيحاء كانت بلا منازع بمثابة (دار أرقم) الإسلاميين فيها تعلموا كل شيء من (ربطة العنق) إلى (حزم الأفكار)، ولا أستبعد أن يكون أخطر قرار اتخذته الجماعة لقلب الطاولة بمن حولها وفيها، كانت قد تبلورت فكرته في هذا الدهليز الضخم.
بذلت أمس الأول كل بطاقاتي وأنفقت كل تاريخي ووهبت كل أشعاري ومشاعري وتوسلت بكل الأسماء (لصبية الاستقبال)، وذلك دون جدوى، اجتاحتنى عبارة الطيب صالح من جديد (من أين أتى هؤلاء؟!).
*ومن أراد البحر استقل السواقيا، أنا هنا أقصد ابن (نظارة الجعليين)، فكثيرون قد لا يعرفون أن الأسطر الأغلى في مسيرة الوجيه علي عمر إبراهيم، ليس لقب المدير العام، ولا نيله ثقة الأمراء ولا الوزراء، السطر الأغلى في سيرة الرجل أنه من (آل فرح) بيت النظارة فضلاً عن أن السيد علي عمر الذي أقصده اليوم قد زاملته بالأمس في أطروحة التضامن، ولا أعرف له هاتفاً. (لكن كل هذا التاريخ) والأشياء هي مجرد أشعار عند هؤلاء..
*تركت مذكرة ودمعة حرى وبعض أسى وأسئلة وانصرفت.. ما كنت أتصور أنه سيأتي اليوم الذي لم يكن بمقدوري أن أفشل في اجتياز بوابة فيصل الإسلامي..
*مخرج.. قديماً قال أهل البادية.. “الزول بونسو غرضو” وفي المقابل “أنا غرضي إن ما انقضى خلي دار جعل تنهد”، والسلام..

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي