رأي ومقالات

د. ناهد قرناص: ارسل تحياتي الى كل اخوان البنات …مقنعي الكاشفات ..وعشا البايتات


قيل ان الحجاج بن يوسف الثقفي (والعهدة على الراوي) كان قد حكم بالاعدام على ثلاثة من الرجال ..في يوم التنفيذ ..احضر الرجال الثلاثة ..ومن بعيد ظهر شبح امراة تبكي بحرارة ..جعلت الحجاج يسال عن امرها ..فقالت له بان هؤلاء الرجال هم (زوجها وابنها واخوها) ..فقال لها اختاري احدهم لنعفو عنه ..ويتم اعدام الاثنين الاخرين …فاختارت اخاها دون تردد ..تعجب الحجاج فقد توقع ان تختار ابنها فقالت له ( الزوج موجود..والابن مولود..اما الاخ ..مفقود) وتعني انها يمكن ان تتزوج ثانية وتنجب طفلا اخر ولكن لا يمكن ان تجد اخا بديلا …فكان ان عفا الحجاج عنهم جميعا. عظم مكانة الاخ عند اخته شئ لا يختلف عليه اثنان ..فكل اخت ترى اخاها شخص لا يتكرر ..ولا اعتقد ان هناك اكثر من السودانيات تغنين لاخوتهن في كل منعطفات الحياة ..وعبارة (انا اختك يا فلان) كثيرا ما تتكرر في حديث الفتيات ..واخر العبارات التهديدية التي يقولها الازواج ساعة الغضب (خلاص نشوف رأي اخوك في القصة دي ) ..تجدها تراجعت .. تقديرا وتعظيما لذلك الاخ .. ….عندما انشدت الشاعرة الباراوية ام كلثوم محمد عبدالرازق قصيدتها الشهيرة في مدح (نقد الله ود عمر الركابي) ..نادته باعز الناس لديه وهي ابنة اخته فاطمة ..فكانت الاغنية التراثية الجميلة (يسلم لي خال فاطنة..ليهم بلالي ..البدرج العاطلة )..تقديرا لصبره على نقل النساء حتى بلغن مأمنهن اثناء حروب المهدية …ومنذ عهد ام كلثوم الباراوية وقبلها وحتى عهدنا هذا تغنت السودانيات لاخوتهن ولم يغادرن من متردم في مجال الفخر بالاخ.. ( شيال الهموم دخرينا ..دا الفارس اخوك يا الزينة) ……. اما في مجال الرثاء فلا أعتقد ان هناك من يتفوق على السودانيات في البكاء على الاخوان ..هل تمعنتم في قصيدة بنونة بت المك وهي ترثي اخاها الذي مات على فراشه وقد كانت تتمنى ان يموت شهيدا تحت صليل السيوف ؟؟ ماذا أبقت لبقية الشعراء عندما قالت ( ما دايرالك الميتة ام رمادا شح ..دايراك يوم لقا بي دميك تتوشح …الميت مسولب والعجاج يكتح ..احي على سيفه البسوي التح)…فتذكرت حسرة خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو على فراش الموت يقول عن نفسه (ما بجسدي موضع الا به ضربة سيف او طعنة رمح ..وها انا اموت على فراشي كما تموت العير ..فلا نامت اعين الجبناء)…اما رقية بت محمد امام ..اخت بطل المهدية عبدالقادر ود حبوبة ..فقد بكت اخاها وابكتنا معها في مرثيتها التي سجلت فيها لحظات اعدام اخيها …رغما عن ذلك الايقاع الراقص لاغنية (بتريد اللطام..اسد الكداد الزام ) ..وتلك الحماسة التي تشع من بين الكلمات ..ولكن لا يمكنك الا استشعار الالم والحسرة وهي تقول ( الاعلان صدر واتلمت المخلوق ..بعيني بشوف اب رسوة طامح فوق ..لو جات بالمراد واليمين مطلوق ..ما كان بتشنق ود اب كريق في السوق )…ولكن العزاء في انه مات شهيدا وكسب خير الدنيا والاخرة . اليوم ارسل تحياتي الى كل اخوان البنات …مقنعي الكاشفات ..وعشا البايتات ..واقول ان الذي دعاني لكتابة هذه الأسطر انه قد اتتني طرفة عبر الواتساب تقول (اذا تقدم لك عريس ..قولي لأخته الله يديك زيو ..لو قالت امين ..اتوكلي اتزوجيهو ..لكن لو عملت رايحة …طوالي قولي عايزة أقرا) ..فقلت في نفسي لا أعتقد ان هناك فتاة سودانية (حتعمل رايحة ) من اخوها ….وصباحكم خير

د. ناهد قرناص


تعليق واحد

  1. مقال رائع .. و أجمل ما فيه أنك ذكرات الاسماء وبيوت الشعر بصورة صحيحة 100% يعجز عنها أحيانا من يدعون التخصص في الأدب الشعبي (ما شاء الله)، رغم انك ما متخصصة، ومن غير الناطقين بها (كمان !!),… لو سألتي اي بنت عن أخوها ح تقول ليك آمين، لأنها ما بتكون عارفة عيوب أخوها .. وبالطريقة دي ح تتمقلبن (تتكوكن) الاتنين !

  2. سلام عليكم
    إفتقدنا مسجل آدم سيد الدكان ، سافر البلد ولا شنو……………..