عبد الجليل سليمان

جهل مركب أم تلك الرائحة؟


[JUSTIFY]
جهل مركب أم تلك الرائحة؟

ومما التبس على وزير الصحة الولائي مأمون حميدة، حين وصف ذات مرّة تناول الصحافة لقضايا الصحة بـ(الجهل المركب)، التبس مرة أخرى على مجدي محمد علي حين أعاد ذات العبارة المشروخة، في مقاله أمس بالزميلة التغيير، فبدا لي وهو يتوسل لإثبات صحة العبارة ببعض الأقلام الصحفية كالمستجير بعمرو عند كربة أصابت قلمه فأقعدته عن بذل الحقيقة في سياقها الموضوعي، فحين هاجم من أسماهم بالصحفيين الانطباعيين والانفعاليين، الذين يعتمدون في كتاباتهم عن(الصحة) على معلومات مغلوطة أو مفبركة، كان هو يفعل ذات الشيء، فانظروا – أعزكم الله – إلى ما كتبه وتأملوا، قال: “الحقيقة ليس كل صحفي من يستل قلمه ليرتقي مراقي الشهرة بتقصده وزيراً أو زعيماً ينال منه بالحق والباطل، ويكتسب شهرة من شهرة الرجل”.
في الواقع، لا أريد العودة إلى عبارة (الوزير حميدة)، فالرجل أطلقها، ومن يهمهم أمرها أوسعوها نقاشاً وقتلوها حواراً، فما الذي (طق في رأس) مجدي حتى يأتي متأخراً كل هذا الوقت لينبش قبرها ثم ينثر رفاتها ويعكف على تشريحها بكل هذا الدأب؟
دعونا ندلف مباشرة إلى (جهلنا المركب) الذي عضده (مجدي) أمس، فإذا افترضنا جدلاً أن بعض الصحفيين يجهلون ما يدور في وزارة الصحة، ونتيجة ذلك يأتون بمعلومات خاطئة أو (مفبركة)، فإن هذا لعمري يقدح في ذمة الوزارة أكثر مما يقدح في ذمة الصحافة، لأنه يعني ببساطة، إنها أي الوزارة، تخفي المعلومات الحقيقة عن الصحفي، وإن (المحققين) الصحفيين يعانون كثيراً بسبب منعهم من الحصول على معلومات تفصيلية ودقيقة، ولأن عمل الصحفي يقتضي البحث عن الحقيقة، فإنه سيظل يسعى خلفها فأنى وجدها حصل عليها، واحتفى بها.
لذلك وبدلاً أن يعض مجدي بنواجذه على عبارة الوزير، كان عليه أن يحثه على بذل المعلومات الحقيقة للصحفيين ثم يأتي ليصفهم بالجهل المركب، إذا ما اخفقوا في تصحفيها تحقيقاً.
بالطبع، وحتى نكون منصفين، ليست وزارة حميدة هي الوحيدة التي تخفي المعلومات عن الصحافة والمواطن، فكل الوزارت دونما استثناء – تفعل ذلك، لكن وزير الصحة الولائي يبدو على عكس بقية الوزراء الذين تتعرض وزاراتهم للنقد، ضيق الصدر به سريع ردود الأفعال إزاء النقد، ما يجعله في مرمى نيران الصحف.
على كلٍّ، لماذا لا يُسهم (حميدة) في محو أميتنا (المعلوماتية) حول الصحة فيبذل لنا المعلومات كافة، ويمنحنا المستندات اللازمة والضرورية لإجراء تحقيقات استقصائية دقيقة حول المستشفيات العامة والخاصة بما فيها (كسبه منها)، وإلاّ سنظل نعتقد أن ثمة أمور لها رائحة، يُراد إخفاؤها عن الصحافة بالوسائل كافة، بما فيها العبارات المفخخة من شاكلة (الجهل المركب).

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي