حوارات ولقاءات

دكتور عبد الله حسن البشير في إفادات : أعتز بشقيقي (عمر) كأخ وشخصية قيادية فذة


نقود مساعي من شأنها أن تقوي العلاقة بين الخرطوم وجوبا

قمنا بتوريد مليون لتر(جازولين) للجنوب بعد صعوبة شديدة

السودان أفضل وسيط لإنهاء حرب الفرقاء الجنوبيين

أسعى لإنشاء مستوصف خاص بجوبا

أعتز بشقيقي (عمر) كأخ وشخصية قيادية فذة

نحترم شرعية الرئيس سلفاكير

حاوره: نادر خلف الله

كنتُ من المحظوظين عندما رأيته يتناول وجبة الإفطار داخل كفتيريا فندق (بانوراما)، فسألتُ نفسي هل الرئيس البشير موجود في جنوب السودان دون علم الجهات الرسمية أم إن هذا مجرد شبه، وبعد لحظات أتت سيدة لتقول مرحباً يا دكتور، فعرفتُ لحظتها أنه الأخ الأصغر للرئيس السوداني اللواء طبيب عبد الله حسن. وأنا جالس بالقرب من طاولته، كنتُ متشككاً في هل سيقبل إجراء مقابلة صحفية دون ترتيب مسبق أم سيرفض، وذهني يغلي بهذه الأسئلة، ذهبتُ إليه معرفاً بنفسي ووسيلتي الإعلامية، فوافق دونما تردد أن نجالسه بهذه الأسئلة.. فإلى ما خرجنا به.

* مرحباً هلا عرفتنا بنفسك؟

– بسم الله والحمد لله.. أنا اللواء طبيب عبد الله حسن أحمد البشير.

*يبدو أنه مازال لديك أصدقاء في جنوب السودان؟

– في الحقيقة أنا صديق لجمهورية جنوب السودان ولكل مسؤوليها، ابتداءً من السيد رئيس الجمهورية الفريق أول سلفاكير ميارديت وانتهاءً بالوزراء والمسؤولين، وهذه علاقة قديمة قبل استقلال جنوب السودان كدولة.

* وما الهدف من زيارتك جوبا؟

– الغرض من الزيارة بحث طرق وكيفية فتح الحدود وتسيير التجارة بين البلدين، وسننطلق عبر مجال صغير هو توريد جازولين من حقل فلوج بكمية قليلة تحسب باللتر وليس الجالون والبرميل، لكنها تعمل من أجل استمرار عمل حقول الإنتاج. وفي الوقت الراهن، كما تعلم، من الصعب توريد الجازولين عبر ميناء ممباسا إلى جوبا ومن ثم إلى شمال أعالي النيل، لذلك كان من الأفضل أن يتم توريدها من الخرطوم، وهذا جزء بسيط من الفكرة التي أتينا من أجلها، بالإضافة إلى ذلك سنعمل على إعادة تشغيل خط سكة الحديد والطرق البرية، مثل بانتيو وملكال وطريق أويل، بجانب النقل الجوي. وهذه المساعي من شأنها أن تقوي العلاقة بين البلدين وجلب السلام.

* عفواً، هل سيتم هذا العمل عبر شركات خاصة أم بواسطة مؤسسات حكومية؟

-قمنا بإنجاز عقد مع شركة دار بتروليوم الموجودة في جوبا لتوريد مليون ونص لتر في الشهر، إلا أن الاتفاق تعثَّر بسبب مشاكل لوجيستية وأمنية، لذلك جئنا من أجل تذليل هذه الصعاب. حتى الآن قمنا بتوريد مليون لتر، بعد صعوبة شديدة، رغم أن حكومة الجنوب قامت بفتح شركات جديدة لتوريد الجازولين، لكننا وقعنا عقداً ونحاول تنفيذه، بحيث يستمر حقل فلوج في عمليات الإنتاج.

* منذ متى بدأتم هذا المشروع؟

– منذ يونيو الماضي ونحن نقوم بجهود لمحاولة فتح الحدود بين دولتي السودان وجنوب السودان، فقد قررتُ بعد تقاعدي من القوات المسلحة بذل ما يلزم من مجهود لفتح الحدود بين البلدين من أجل المصالح المشتركة، فهي الشيء الوحيد الذي سيجعل العلاقة بين البلدين حميمة وودودة وتنهي العداء بين الجارتين. أيضاً المصالح المشتركة تجعل الجميع ينسى العداوات، ونحن نأسف لأنه حتى الآن لم يحل سلام حقيقي في جنوب السودان. في الماضي كنا نتحدث عن (الوحدة مع الحرب أم الانفصال مع السلام)، وبالتأكيد كان الخيار الأفضل هو الانفصال مع السلام. لكن الحرب التي تشهدها الدولتان هي خطأ كبير، ويجب علينا تفادي ذلك، لأن الشعبين ضحيا تضحية كبيرة في سبيل الوصول إلى السلام. لذا بعدما تحقق السلام، وبعد أن صارت جنوب السودان دولة، يجب أن نسعى لتحقيق المصالح المشتركة بين البلدين.

* لكن كيف سيتم تحقيق هذه المصالح في ظل التقلبات السياسية التي تعاني منها الدولتان؟

– عن طريق فتح الحدود الذي لا يجب أن تحمى بالقوة لانها استحالة (الحدود بين البلدين من الصعب أن تحمي حدوداً تقدر بألفي كيلومتر، هذه استحالة حتي ولو بالجيش الأمريكي أو غيره)، لذلك من الأفضل أن نعيش بسلام خاصة أن هنالك مناطق متداخلة بين الدولتين.

* كيف تنظر لفرص الاستثمار السوداني في جنوب السودان؟

– توجد فرص كبيرة إذا ما تحقق السلام، لأن التجارة الحدودية هي الأهم، وطالما هنالك حرب محازية للحدود، فمن الصعب أن تحدث عمليات تداخل، لكن بعد أن يتحقق السلام، ويكتمل فتح الحدود ورسم الخط الصفري (الذي ليس له أي معنى)، يمكن أن تحقق هذه الحدود مصالح البلدين، لكنها لن تمنع وجود سلام في منطقة عازلة، وبالتالي تجارة حرة.

*هل لديك استثمارات في جنوب السودان؟

– لا.. والله، شخصياً ليس لدي استثمارات في جنوب السودان (أنا زول مسكين)، لكن بدأتُ في الاستثمار، وهذا هو أول عمل لي، وسنسعى لأعمال أخرى إن شاء الله.

* هنالك غياب للاستثمار الطبي السوداني في جنوب السودان.. ما هو السبب؟

– سنتفق مع وزير الصحة لنقوم بزيارات إلى الاختصاصيين، بجانب سعينا لإنشاء مستوصف خاص بجوبا، لأننا نعلم وجود مشكلة صحية كبيرة، والتي يمكن أن نساعد فيها، لأن الجنوب جزء منّا ونحن جزء منه.

* كيف تُقيّم الدور الذي يلعبه السودان تجاه حل أزمة جنوب السودان؟

– السودان هو أفضل وسيط لإنهاء هذه الحرب، فقد كنا دولة واحدة، وبالتالي السودان هو الأعرف بوضع جمهورية جنوب السودان، بقبائله وتقاطعاته السياسية والاجتماعية. عشنا فترة طويلة مع جنوب السودان، وسنلعب دور الوسيط المحايد. صحيح أن الأطراف تحاول أن تكسب، لكن في النهاية نؤكد على أن لا وجود لحل آخر غير السلام، ولن يتحقق ذلك إلا عبر الحوار. لم نتدخل في شأن الجنوب لأنهم الأدرى بحل قضيتهم)، إلا أننا كوسطاء محايدين يمكن أن نتوسط في حل هذه القضية، لأننا مؤهلون أكثر من غيرنا لحل أزمة جنوب السودان. * الشارع العام في الدولتين يعرفك كطبيب..

هل دخولك في مجال الاستثمار يعني تركك مهنة الطب؟

– أجاب ضاحكاً.. أنا أعمل في المجالين. عملتُ طبيباً في القوات المسلحة السودانية لخمسة عشر عاماً، حتى تقاعدتُ في عام 2012م، بعدها دخلتُ مجال الاستثمار، لكن العلاقة مع الطب لم تنقطع إطلاقاً ومازال حبل الوصال ممتداً.

*كطبيب هل لديك علاقات مع وزارة الصحة أو أطباء بجنوب السودان؟

– نعم أنا صديق للسيد الوزير الدكتور ريك قاي، كما أن الدكتور الجراح ميان كان أحد تلاميذي، وهو حالياً رئيس قسم الجراحة بجامعة جوبا، إضافة إلى ذلك عملتُ طبيباً بمستشفى جوبا، ومستشفى الصباح، وخلال هذا اليوم لدي لقاء مع وزير الصحة للتفاكر حول عدد من المشروعات الصحية بجنوب السودان.

* كثيرون ينظرون إليك عبر شخص الرئيس البشير، هل هذا لأنك الأخ الأصغر أم لتقارب الشبه في الملامح ونبرة الصوت فقط؟

– ليس في الأمر غرابة أن يكون هنالك شبه بيني وبين الرئيس البشير، لأننا في النهاية إخوة ومن عائلة واحدة، إلا أن البشير هو الأوسم والأكبر والأعقل بيننا، ونحن نعتز به كأخ وشخصية قيادية فذة، استطاع أن يحقق السلام في السودان لأول مرة بمنحه جنوب السودان فرصة لاستفتاء مصيره، وكان قراراً ممتازاً، فقد أصبحت دولة جنوب السودان ذات سيادة وقدرات كبيرة نتمنى لها السلام والاستقرار. * نحن لم نكن جيراناً لأمريكا لكننا جيران لدولة جنوب السودان، هل هذه أول زيارة لجنوب السودان عقب الاستقلال؟

بالطبع لا، فمنذ استقلال جنوب السودان هذه هي الزيارة السابعة لي، لكن في السابق كنتُ آتي إلى جوبا طبيباً في المستشفى العسكري، فقد عملتُ في ياي وموربو وبور وعدد من المناطق في جنوب السودان.

*كيف ترى واقع جنوب السودان، قبل وبعد الاستقلال؟

– هنالك فرق كبير. فالآن جنوب السودان دولة مستقلة وذات سيادة، فالحرب كانت تشل تقديم الخدمات والتنمية، ولولا الحرب الأخيرة التي تشهدها جنوب السودان، لكانت هذه البلاد قد تقدمت لأبعد من ذلك، لأن لديها موارد ضخمة.

*هل تعتقد أن دولة جنوب السودان ستتجاوز المرحلة التي تمر بها؟

– بكل تأكيد، إذ لا يوجد حل آخر غير الخروج من الأزمة، فالحرب لا تقدم شيئاً، وأعتقد أن الطرفين أيقنا بأن الحرب لا تحقق المطالب.

*هنالك تبادل اتهامات بين البلدين بإيواء ودعم متمردي الدولة الأخرى.. إلى أي مدى يمكن تجاوز هذه المرحلة؟

– نعم، هنالك اتهامات متبادلة بين البلدين، فالسودان تقول إن حكومة جنوب السودان تدعم العدل والمساواة، والدولتان تعلمان أن العدل والمساواة قاتلت مع الحكومة ضد المتمردين، وأعتقد أن الرئيس مقتنع تماماً أنه لم يدعم أي طرف، لكن قد توجد بعد الأطراف من الضباط والقيادات تلعب أدوارًا لمصالح أخرى، إلا أن رأي الحكومة والأخ الرئيس هو عدم التدخل في شؤون جنوب السودان. نحن نحترم شرعية الرئيس سلفاكير ميارديت، ومن هذا المنطلق ندعو الطرفين للجلوس وحل مشكلة الحدود.

* جوبا من الذاكرة؟

– هذه المدينة تغيرت بصورة كبيرة. أتذكر في الماضي كنا نذهب إلى الجزيرة والمستشفى العسكري وكل أحياء جوبا، الملكية، أطلع برة وسوق كونجو كونجو الذي كنا نأتيه لشراء المنتجات اليدوية.

* أخيراً؟

– نتمنى لشعب جنوب السودان الازدهار، وأن تتوقف الحرب، وألا ستستمر المشاكل، لذا لابد من تضافر كل الجهود لإنهاء هذه الحرب. وأناشد الإخوة في مختلف الاتجاهات بأن يتوحدوا على كلمة واحدة لتأسيس البلاد بصورة أفضل.

* شكراً؟

– الله يسلمك.

 

 

صحيفة الصيحة