مكي المغربي

قرارات اقتصادية ثورية …. ..!


مازالت الشكوى في قطاع المغتربين مستمرة حول انتظارهم تخصيص حسابات مصرفية مأمونة الإجراءات بالنسبة لهم، وهذا لا يتم إلا بأن يكون التعاقد المؤسس لفتح الحساب فيه بند واضح أن صاحب الحساب من حقه سحب أي مبلغ نقدًا في أي وقت شاء، وأن هذا الحق محمي من مناشير بنك السودان وقراراته بموجب قرار واضح وقطعي الدلالة من مجلس الوزراء وبنك السودان … (القرار مرفق مع التعاقد) ..!
إذا تم هذا الأمر فإنني واثق أن مدخرات المغتربين يمكن أن تأتي للسودان ولكن بدون صدور هذا القرار فإن المغترب سيسلم أمواله لصاحب مكتب تجارة عملة في بلد اغترابه، الإمارات أو السعودية أو أي بلد، ثم يتم تسليم المبلغ بالجنيه السوداني لوكيله في الخرطوم أو يتم تغذية حسابه بالمبلغ.
أيضاً إذا احتاج تاجر أو مستورد سوداني لعملات صعبة فإنه يسلم المبلغ بالسوداني لشخص بالخرطوم ويجد المقابل – الذي أخذ من المغتربين – موجود ومتوفر في الخارج، وهذا أسهل له لأنه لا يحتاج إلى أخذه معه في حقيبة تؤدي إلى اتهامه بتهريب العملات.
هذا يعني أن العملات الصعبة التي يملكها السودانيون “مبيوعة” قبل أن تدخل السودان، و”مشتراة” خارج السودان..!
عذراً على هذا الشرح الذي لم يعد يحتاجه أهل السوق، وصاروا يحفظون هذه العلاقات والجهات العاملة في هذا النوع من تجارة العملة وصارت علاقاتهم بهم شخصية وغير قابلة للملاحقة القانونية، لأن درجة الثقة بينهم تمنحهم فرصة للتنفيذ بشتى السبل والوسائل غير التقليدية… وهذا يعني أن أسلوب الملاحقة والمطاردة سيفشل.
يبقى السؤال …. لماذا لم يتم تنفيذ القرار؟ لاحظوا هنا أنا أتحدث عن تنفيذ قرار …. وليس اتخاذ قرار … لأن القرار أحياناً يكون موجوداً ولكنه غير منفذ أو منفذ ومعطل في آن واحد تحت مزاعم أن الموضوع ليس جاذباً للمغتربين وأن حاجز الثقة ما زال عائقاً أمام بنك السودان و…
أنا واثق أن هذا القرار سيكون عسير المخاض … لأن الحكومة نفسها مشترٍ للعملات الصعبة وربما من ذات الجهات … فالحكومة تدخل أحياناً في “زنقات” خطيرة وتدخل فيها السوق بحثاً عن العملات الصعبة … وغير الحكومة هنالك الأفراد الحكوميين أو اللوبيات الاقتصادية القوية و…
هذه المنظومة أقرب لقطاع تجار العملة لأنهم يحتاجون لهم وبالتأكيد لا يرغبون في تحطيم إمبراطوريتهم … ولذلك سيكونون مطيعين لها ومتآمرين معها على الدولة من داخل الدولة، وما لم يتم إجبارهم بالقوة لن ينفذوا هذا القرار، ولذلك يستحسن أن تطير عدد من الرؤوس بالتحقيقات ثم يتم تنفيذ القرار بعد العبور على أنقاضهم حتى يتعظ الآخرون.
في تقديري أن هنالك معاملات مالية في الدولة يمكن أن تكون بالدولار والعملات الصعبة ويمكن دفعها من هذه الحسابات مباشرة ولذلك القول بأن المصارف السودانية ستكون معبراً لتجارة العملة غير صحيح ..!
ثانياً عندما تكون الأموال داخل السودان فإنها تكون أقرب للصرف الاجتماعي الداخلي، فالمغترب الذي يخطط لزواج ولده أو لدراسته ولديه مبلغ 30 ألف دولار في حساب في السودان (مثلاً) فإن الصرف سيستهلك هذا المبلغ بالتأكيد … فالموضوع سهل للغاية والطلبات ملحة وطبيعة المغترب أميل للخيارات الأفضل … إذا كانت هنالك جامعة وملحقاتها من سكن وسيارة بكل هذا المبلغ سيدفع دون تردد … وسيردد … “الله كريم على البنيان والحاجات التانية” … مستقبل الأولاد أهم …!
بعضهم يتهم هذا القرار بأنه يقوي سوق العملة داخل السودان … وهذا “كلام فراغ” … أيهما أفضل يا سادتي؟! سوق العملة داخل السودان أم خارجه؟! من فوائد السوق الداخلي أنه يخفف الطلب ويوفر العرض..!
عزيزتي الحكومة … هذا القرار والقرارات المشابهة له أفضل بكثير من الدعم القادم و المتوقع من هنا وهناك ….لأنه يوفر ماعون التخزين …لليوم الأسود ..!
… ننتظر قرارات ثورية تعيد الأمور لنصابها … والله لو تمت حماية كل الأرصدة وليس أرصدة المغتربين بتعاقدات واضحة الشروط يكون أحسن … لأننا شعب تم تعقيد التحويلات عليه ولذلك يستحسن تسهيل الحركة الداخلية حتى تكون المصارف جاذبة … وليس طاردة ..!