أبشر الماحي الصائم

البيع الحر دا يصر ودا يجر


* من خلال متابعتي لبرنامج زراعي يتتبع إنتاج بعض المزارع بالعاصمة القطرية الدوحة.. أدركت أن الزراعة في هذا القطر العربي الشقيق هي بالكاد (إدارة) داخل وزارة البيئة.. على أن هذه الممارسة الزراعية التي وقفت عليها تسمى (الزراعة الصناعية) لأن كل مقوماتها من التربة إلى الماء إلى البذور هي مصنوعة ومكلفة جداً في بلد يعتمد على استيراد الغذاء بنسبة تراوح الخمسة وتسعون بالمائة

* تألمت جداً والخرطوم التي تجمعها مع الدوحة (قصة ود طويلة) حتى الآن لم تستطع أن تستقطب رجال الدولة والأعمال القطريين ليستزرعوا في بلاد النيل والشمس والزراعة الطبيعية.. وعلاقتنا مع الدوحة لا تحتاج إلى عمليات (استصلاح دبلوماسية)، كما نفعل الآن مع أبوظبي وعواصم عربية أخرى !!

* أسوق هذه المسوغات بين يدي (جولة الاستثمار) الجديدة التي تنعقد فعالياتها هذه الأيام بالعاصمة السعودية الرياض.. وحزنت أكثر ونحن منذ نحو عقدين من عمليات استقطاب الاستثمار والمستثمرين نتحدث في كل جولة عن تشكيل آليات للبحث عن فرص الاستثمار, وهنا لعمري بعض الأزمة، بحيث يفترض أننا نحمل (رؤوسنا على أكفنا) أعني مشروعاتنا على ظهورنا وليس أشواقنا.. وللذين يقرأون بتطرف وأجندة مسبقة.. أنا أعلم أننا نمتلك فضيلة أن نقطع بأن لدينا مليون فدان في امتداد الروصيرص, ومثله بتعلية نهر عطبرة ومروي والشمالية.. لكن كيف ومتى؟

وبالمناسبة قد رجعت إلى الفعاليات الاستثمارية التي عقدت عام 2013 ووجدت أن عقليتنا الاستثمارية لم تبرح مكانها.. ونحن في كل مرة نتحدث عن (الفرص الاستثمارية الهائلة) الموجودة في السودان.. ويتجدد السؤال كيف ومتى؟

* بدلنا طواقم الوزراء أكثر من مرة وكذلك المسميات الاستثمارية لدرجة بلوغنا درجة (الجهاز الأعلى) واستقدمنا له وزيرا بدرجة (خطوطه وحظوظه فاتحة مع القصر الرئاسي) في كل الأوقات.. أعني تحديدا – الدكتور الوزير النشط – مصطفى عثمان إسماعيل.. والحال يراوح مكانه فبكل تداوينا فلم يشف ما بنا على أن قرب الدار خير من البعد.. على أن قرب الدار ليس بنافع إن كان من تهواه ليس بذي عهد !!

* الرأي عندي أن نستدعي من تراثنا وتاريخنا ما يسعفنا.. فقديماً قال أهلنا في الريف السوداني (البيع الحر دا يصر ودا يجر).. وهذا يعني أن في لحظة واحدة أن البائع قد تأكد من ثمن الشراء وهو (يصره في ثوبه)، وفي المقابل إن المشتري ذهب في (جر بهيمته).. وذلك كأن نأتي بأخواننا القطريين مباشرة إلى بحر أبيض ونقول لهم (من جبل أولياء دي وحتى الجبلين دايرين مزرعة قصب سكر هي الأكبر في العالم) وبعدها (شيلو حقكم وخلونا حق أرضنا ومويتنا).. نفعل الشيء ذاته مع الإخوة السعوديين في نهر النيل والأتراك في الجزيرة والظبيانيين في القضارف والمصريين في النيل الأزرق و.. و..

* أما نحن السودانيين فنلبس عمائمنا وقفاطيننا.. وإن شئت نصنع عقالات سودانية.. ونأخذ فقط ثمن الأرض الخصبة والماء العذب التي تؤهلنا لنصبح نحن الملوك والآخرون مجرد شغيلة!! على أن الماء العذب المتقدم الاهتمام عالمياً.. أغلى من النفط المتراجع دولياً.. فقط كيف ندرك قيمة ما نملك وفنون التسويق.. وللحديث بقية..