تحقيقات وتقارير

ماذا تريد مصر من مشاركة البشير في مؤتمرها الاقتصادي؟


يشارك عمر حسن البشير، رئيس الجمهورية، في المؤتمر الاقتصادي المصري، الذي ينعقد في شرم الشيخ في الفترة بين 13 و 15 من شهر مارس الحالي. وتجيء مشاركة البشير استجابة لدعوة من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي.
لكن زيارة البشير تأتي في ظروف ضاغطة تمر بها دولتا وادي النيل. فحتى التاريخ لا تزال مصر تعيش حالة تدهور عام خاصة في الناحية الأمنية، فضلا عن التدهور الاقتصادي. بينما في جنوب الوادي يخوض الرئيس البشير، الانتخابات الرئاسية التي تمر حالياً في مرحلة الحملات الانتخابية، كما أن الحوار الوطني يتعثر ويكاد لم يحقق أي تقدم يذكر منذ إعلانه في يناير 2014.
كما أن العلاقات الثنائية نفسها تعج بعدة ملفات خلافية يتم تحريكها عند كل أزمة وتوتر بين الخرطوم والقاهرة. هناك ملف حلايب والحريات الأربع المطبق من اتجاه واحد، وفوق كل هذا موقف السودان الداعم لقيام سد النهضة الإثيوبي.

ماذا تريد القاهرة من البشير؟
سؤال لا يمكن تجاوزه، ومعلوم بالضرورة أن السودان ليس دولة مانحة مقترضة ولا يملك فائض العُملات الحُرة ليستثمرها في مصر، إذن لماذا قدمت القاهرة الدعوة للرئيس البشير لحضور مؤتمر اقتصادي يخص مصر حصرياً؟ خاصة أن المؤتمر يحضره من رؤساء الدول فقط أمير دولة الكويت والرئيس البشير.
طرحت هذا السؤال على الخبير الاقتصادي، دكتور حسين قوني، الذي اعتبر أن المؤتمر اخذ صفة (الاقتصادي)، لكن الجانب السياسي فيه أكبر من الاقتصادي، وربما قصد به ايضا توفير دعم معنوي للشعب المصري. كما أن المؤتمر يتيح فرصة لاجتماعات على الهامش بين الرؤساء يمكن أن تساعد في تجسير الهوة في كثير من الملفات السخنة والمختلف عليها. ويضيف دكتور حسين قوني في حديثه “للتيار” أن السودان لن يثير القضايا الخلافية مثل مثلث حلايب، تطبيق الحريات الأربع.

ملف الأمن الغذائي العربي
طرحت نفس السؤال على الباحث الاقتصادي، دكتور هيثم محمد فتحي، الذي اختلفت رؤيته قليلاً، فأكد أن السودان مهم للاقتصاد المصري لأنه يمكن أن يوفر الأمن الغذائي. وأشار إلى المبادرة التي طرحها الرئيس البشير، في مؤتمر القمة العربي السابق بالرياض بالسعودية، التي أكد فيها قدرة السودان على توفير الغذاء لكل الدول العربية، مما جعل العاهل السعودي الراحل، الملك عبد الله يوجه بالاستثمار في الزراعة في السودان.
ولم يستبعد دكتور هيثم قيام الشركات متعددة الجنسيات العابرة للقارات بالاستثمار في الزراعة في السودان لصالح مصر. فيما اسماه تكامل أمامي أو تكامل خلفي بين مصر والسودان.

كل شئ له ثمن
سألت دكتور حسين قوني عن إمكانية قيام مصر بجذب رأسمال خليجي لاستصلاح أراضي سودانية لصالح مصر، فأجاب بأنّ مصر تعتمد في غذائها على الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 100% وتبحث حالياً لإيجاد منفذ للانعتاق من السيطرة الأمريكية، لذلك اعتبر أن هذا السيناريو هو الأقرب. وربما تحاول مصر لعب دور الواجهة التي تستقطب الاستثمارات الخارجية لتستغلها في الزراعة في السودان. وقطع دكتور حسين بأنّ السياسات الإستراتيجية أصبحت تبنى على خلق المصالح بين الشعوب وليس الحكومات، لأنّ مصالح الحكومات عُرضة للتبدل وغير ثابتة، بينما علاقة المصالح بين الشعوب تبقى وتقاوم التوترات العابرة بين الحكام. لذلك الأرجح أن تحاول مصر تحقيق مصالح من خلال مشاركة البشير في هذا المؤتمر.

مخاوف من ضغوط مصرية
على جانب آخر ابدى البعض تخوفه من أن تحاول القاهرة تحقيق مصالح ذاتية، بغض النظر عن تأثيرها سلبا أو إيجابا على السودان. خاصة في ظل بداية العملية الانتخابية، وتوقف الحوار الوطني، والتشظي الكبير في الجبهة الداخلية والتحالفات الجديدة التي عقدتها المعارضة السودانية.
إلا أن الباحث في الاقتصاد، دكتور هيثم، يرى غير ذلك وأن سحابة الصيف التي عكرت سماء العلاقات بين الخرطوم والقاهرة قد زالت بعد الاختراق الذي احدثه الرئيس البشير في العلاقات مع مصر والخليج العربي. واعتبر أن الوقت مناسب جداً لخلق تكامل مصري سوداني على عدة أصعدة مثل حماية أمن البحر الأحمر، يدعم ذلك توفر الإرادة السياسية في الخرطوم والقاهرة.

المؤتمر في الإعلام المصري
المتابع لتناول الإعلام المصري لهذا المؤتمر يجد أن لم يتطرق على الإطلاق لدور مرتقب ليلعبه السودان، بل حتى على قطاع الزراعة نجد أن التركيز كان على استصلاح الأراضي في مصر، ولم يتحدث عن مشاريع متعددة الجنسيات على الأراضي السودانية. فيما شمل التركيز على مشروع توسعة قناة السويس، والقطاع العقاري. وهذا ربما يعيد السؤال الأول، ماذا تريد مصر من دعوة البشير لحضور المؤتمر الاقتصادي؟.

يوم الأحد القادم سيشارك الرئيس البشير في مؤتمر الاقتصاد المصري. ورغم تصنيف المؤتمر بأنه اقتصادي لكن هناك أكثر من ملف سياسي ربما على الرئيسين بحثها، ويتوقع أن يكون المشهد الليبي أهمها فيما يظل سد النهضة ومحاربة الإرهاب أيضاً في الانتظار.

التيار