جعفر عباس

تكفي ونص وربما بالزيادة


كتبتُ من قبل عن المصرية هيام دربك، التي أنشأت جمعية شعارها «زوجة واحدة لا تكفي»، وقلت إن اسمها مشتق من الربكة والـ«دربكة»، وتعني الاضطراب والخربطة والتخبيص واللخبطة، وحسبت أنها انكتمت في ضوء كل ما يجري في بلادها فإذا بالإعلام الهايف يستنطقها مجددا، فتعود لتقول إن زوجة واحدة لا تكفي، ولم يسألها أحد هل جربت أنت الزواج واكتشفت أن زوجة واحدة لا تكفي؟ يعني هل جربت الزواج بـ«زوجة»؟
وقد يطرب بعض الرجال لأنهم يحسبون أن هيام دربك هذه حلت عقدتهم، وهذه الفئة من الرجال غالبا من النوع الذي يجاري الموضة، ويود لو يغير زوجته بنفس السهولة التي يغير بها هاتفه الجوال.. المهم أنني أخالف هيام الرأي بأن زوجة واحدة لا تكفي، وأعلن بأعلى صوتي أن زوجة واحدة تكفي و«نُص»، ولم أسمع من قبل عالم دين او اجتماع او حتى راغب علامة يقول إن زوجة واحدة لا تكفي، فالأصل هو أن تكون للرجل زوجة واحدة، وهناك ضوابط ومسوغات معروفة يكون فيها تعدد الزوجات مقبولا بل مطلوبا.
أنا شخص رجعي، ولا أقبل أن تقرر امرأة نيابة عني ما إذا كانت زوجة واحدة تكفي أم لا، وهيام دربك هذه رغم أنها متزوجة فإنها متزوجة من «زوج» وليس من «زوجة»، كما أنها لا تعرف زوجتي أو زوجتك، ولو معرفة عابرة لتقرر ما إذا كانت تكفيني أو لا!! كما أنه لم يسبق لي أن شكوت لها زوجتي حتى تستنتج هي أنها لا تكفي، وتطلب مني الزواج بأخرى!!
وهناك رجال قد يكونون ممن يعانون الويل من زوجاتهم، ولكن بدلا من أن يقرروا أن زوجة واحدة لا تكفي، فإنهم قرروا أن زوجة واحدة «زيادة عن اللزوم»!! وتقول هيام تلك إنها أطلقت شعارها العجيب ذاك لأنها تريد محاربة العنوسة، ومن جانبي أعلن أنني لست مسؤولا عن تفشي العنوسة، وبالتالي لست مطالبا بحل مشكلة لم أتسبب فيها!! وبنفس المنطق توقفت عن متابعة ما يسمى الشأن الفلسطيني، فقد ظللت أعتبر القضية الفلسطينية قضيتي الشخصية، ولكن القادة الفلسطينيين اتهموني بالحشرية (حشر أنفي فيما لا يعنيني)، ورغم أنني لفت انتباههم مرارا إلى أنهم يسيرون في مزلقان (زحلقانية)، وأن المزلقان حتما يؤدي إلى القاع، فإنهم تجاهلوا وجهة نظري.. وصرت أعتقد أن بعض من يسمون القيادات الفلسطينية، أكثر إضرارا بها وبالفلسطينيين من شارون الملعون، وهكذا رفعت يدي من تلك القضية نهائيا، حتى لم أعد أقرأ عنها شيئا، وهكذا شفيت من التهاب القولون وارتفاع ضغط الدم.. وانتهى الأمر بأن أهم قضية شغلت الساحة الفلسطينية في ظروف حالكة كانت فيها رام الله تحت رحمة الراجمات الإسرائيلية، أن شابا فلسطينيا وسيما شارك في مسابقة غنائية تلفزيونية، صار أهم من كل «الأبوات» والفتوات الذين يملؤون الساحة نعيقا، إلى درجة أنه تلقى ثلاث مكالمات من الزعيم الراحل ياسر عرفات شخصيا الذي قال له «حتى لو خسرت وعدت إلينا كالجريح فاهتف يا جبل ما يهزك ريح»!! نعم لست مسؤولا عن كل البلاوي التي تشهدها البلاد العربية ولا عن غلاء المهور وتفشي العنوسة، ولا عن داعش والشبيحة.
وإذا كانت هيام دربك تلك ترى أن على زوجها أن يتزوج عليها فهي حرة وهي «أدرى» بنفسها! أما أنا فيطيب لي أن أعلن عبر هذا المنبر لكل الحالمات بالزواج بي بأنني متأسف ومش فاضي، ومقتنع بزوجتي الحالية طالما أنها «صابرة» عليَّ.. وشرف الزواج بأبي الجعافر لا تناله إلا إنسانة بنت ناس صابرة ومثابرة مثل أم الجعافر… ابحثوا عن عريس غيري وأسأل الله أن يلهمكن الصبر الجميل.

jafabbas19@gmail.com