الصادق الرزيقي

ياسر وحديث مكذوب..


> شاهدتُ واستمعتُ للتسجيل المرئي لندوة حزب المؤتمر الوطني بمحلية أم بدة، والتي تحدث فيها الأستاذ ياسر يوسف أمين أمانة الإعلام بالحزب وزير الدولة بوزارة الإعلام، ونسب إلى الوزير ياسر أنه وصف مقاطعي الانتخابات بأنهم أراذل القوم، وتلك كذبة بلقاء يتحمل وزر نشرها موقع إلكتروني لحزب بولاية الخرطوم، وما آفة الأخبار إلا رواتها، إذ لم تتوفر بينة على الإطلاق على صحة ذلك الزعم الذي عم القرى والحضر، وامتلأت به حتى الثمالة، مواقع التواصل الاجتماعي في فضاء العلم الافتراضي على شبكة الإنترنت، وتناقلته المجالس..
> وللحقيقة لم نجد في التسجيل المرئي ذلك الحديث الذي نُسب للأخ ياسر الذي نفاه صاحبه نفياً قاطعاً، وبتحليل التسجيل فنياً مخافة أن يكون هناك مونتاج أو أية محاولات لدبلجته من جديد وحذف بعض العبارات ولصق أخرى، اتضح لم يتم على الإطلاق التلاعب في التسجيل وهو كما هو لم يتغيَّر، ولكن قبل ذلك لابد من الإشارة إلى أن الأخ ياسر يوسف عُرف بعفة اللسان والبُعد عن التهاتر والتنابذ والتشاحن والتباغض والشتائم، وقد عرفناه مذ كان طالباً بالمرحلة المتوسطة بمدينة القضارف، لم تتغير طبيعته وحافظ على سمتِه المهذَّب وتأدُّبه المعروف، وهو يرتقي من موقع لآخر حتى وصل إلى ما هو فيه الآن، حيث يقود أخطر أمانة في الحزب الحاكم ويعمل وزيراً للدولة في وزارة طالما تلقت السهام وناوشتها الرماح من كل جانب، ولم يعرف عن ياسر التفوُّه بساقِط القول وفاحِشه.
> ولم يشعر كثيرون بأدنى شك في عدم دقة وصحة النقل المنقول عن الأخ ياسر، بالرغم من أن المخاطبة التي نُسب إليه فيها الحديث، كانت جماهيرية وتعبوية في موسم سياسي تتفلت فيه العبارات وتنزلق التعابير مع شحنة المشاعر الجياشة لمتحدث يتكلم عفو الخاطر، وبدون أن يستمع من يعرف الأخ ياسر للتسجيل، أجمعوا كلهم على أن أخلاق الرجل وأدبه يمنعانه من السقوط عند السفح، ولم يتسرَّب ريب إلى نفوس كل من صحب الرجل ورافقه وزامله وتعرَّف عليه عن قُرب، إن ما نُسب إليه مجرد اختلاق لرواية موضوعة لا تقف على قدمين..
> صحيح إن النشر الصحافي في الصحف اعتمد على ما ورد في الموقع الإلكتروني للحزب الحاكم بولاية الخرطوم، وليس في ذلك معرة للصحيفة من كونها اعتمدت رواية بين تلافيف موقع حزبي ينتمي إليه الوزير ياسر، ولكن المضرة كانت كبيرة عندما اكتشف أن الحديث كان تلفيقاً لم ينطق به صاحبه ومحض خيال..وقد يقول قائل إن تقديرات الصحف عند نشرها مثل هذه الأخبار غير سليمة، وهذا يمكن قبوله، لكنه في ذات الوقت لا يمكن التغافل والعبور والقفز فوق هذه الأخبار إن كانت فيها قدر ولو ضئيل من الحقيقة .. فمصادر المعلومة الصحافية مهما ضعف سندها تجد من يتعامل معها بمهنية من ناحية إبرازها او التقليل من حجمها ومساحة نشرها، والخبر الذي ورد فيه حديث الأخ ياسر يوسف ربما تعاملت معه الصحيفة كخبر مثير وغريب.. دون أن تتثبَّت منه من مصدره الرئيس، وهو الوزير نفسه. ولكن ذلك لا يقدح في صدقية الصحيفة التي أورت الخبر وأبرزته ومهنيتها خاصة أنها صحيفة محترمة.
> وفي الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة التلفيقات والأخبار المختلقة والمنسوبة لشخصيات عامة، وهذه تقتضي التعامل معها بما تستحق من توضيحات وتصويبات فورية، وعلى الصحف أن تُعلي من درجة التزامها بالقواعد المهنية الواجبة في صناعة الأخبار ونشرها، كما أن التوثيق والضبط مهم للغاية في تحري الحقيقة، فلا يحق لحزب مهما كان أن يعهد بمواقعة الإلكترونية وأجهزته الإعلامية إلى غير المختصين من ذوي الدربة والمعرفة. فنشر خبر الوزير ياسر في موقع الحزب الرسمي على شبكة الإنترنت خير دليل على أن المتابعة والمراجعة والتقدير السياسي كان غائباً، ولذلك مرَّ الخبر.