منصور الصويم

8 مارس والمرأة السودانية


احتفل العالم أمس الأحد 8 مارس بيوم المرأة أو اليوم العالمي للمرأة، ويمكننا أن نجد تعريفات مختصرة له في موسوعة ويكيبيديا، نقتطف منها هنا: “اليوم الثامن من شهر مارس / آذار من كل عام، وفيه يحتفل عالميًا بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء. وفي بعض الدول كفلسطين والصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم”. ومن صفحة الأمم المتحدة على الانترنت نقرأ: “اليوم الدولي للمرأة هو يوم للتأمل في التقدم المحرز، ويوم للدعوة إلى التغيير والاحتفال بشجاعة عوام النساء اللاوتي اضطلعن بدور استثنائي في تاريخ بلدانهن ومجتمعاتهن وما يبدينه من تصميم”. فهو باختصار يوم أقره (المجتمع الدولي) للاحتفاء بالمرأة والاعتراف بحقوقها وبتاريخها النضالي الطويل في سبيل أن تمتلك ذاتها وأن تحيا بحرية وكرامة وسط مجتمعات وسلطات ذكورية متسلطة تختزلها غالبا إلى مجرد أداة تناسلية ووسيلة إنتاج مستعبدة.

أكاد أجزم أن المرأة في السودان؛ الغالبية العظمى من النساء السودانيات، مرّ عليهن يوم أمس بدون أن ينتبهن إلى أنه اليوم المخصص لهن وللتذكير بأوضاعهن والتضحيات التي يقدمهن والنضال الذي يبذلن كل يوم في مواجهة متغيرات الحياة الحادة، اقتصاديا ومعيشيا ومجتمعيا. فلا وقت أو مساحات فارغة الآن أمام المرأة السودانية لتحتفل أو تتذكر أو تطالب، فقد تمكنت منها (الأشياء) وعزلتها تماما وسجنتها في دائرة اللهث اليومي حتى تحافظ على وجودها الذي لا يعني في النهاية سوى التماسك الأسري (بيتها) في ظل الانهيار الذي يضرب من حولها.

منذ بدايات التكون الأولى للدولة السودانية خرجت المرأة السودانية لتشارك الرجل في العمل وتسهم في بناء الوطن، ومعروف أنها قبل ذلك بزمن بعيد ظلت تعمل في الحقول والمزارع بذات الفعالية والقدرة الإنتاجية لصنوها الرجل، ومن المعروف أيضا أنها طول العقود الماضية لم تحقق تلك الدرجة من (الحقوقية) المرجوة، فما زالت ترسف في قيود الاستغلال وتعاني من ظلم (المجتمع) وتواجه ظلم السلطة الأبوية وعنتها؛ بل إن المكاسب القليلة التي حققتها في بدايات القرن الماضي (التعليم، العمل، الأمومة، الصحة.. إلخ) أخذت في التراجع والتفكك خلال البدايات الأولى للقرن الواحد والعشرين، وهي حالة – للأسف – تتجاوز وضعيتها السودانية (الطبيعية) وترحلها إلى واقع آخر مقهور ومستلب.

المرأة السودانية تواجه الآن أقسى اختبارات الحياة بين أن توجد كـ (إنسان) أو تتشيأ وتمحي إلى الأبد.

مضى 8 مارس، وسيأتي آخر، وليس للمرأة السودانية إلا نساء السودان ورجاله، فانتبهوا!