تحقيقات وتقارير

تقارب “المنشية – الرياض” يعيد إحياء الإسلاميين


إذاً؛ لولا القيادي في الحركة الإسلامية، أحمد عبد الرحمن، لما تنامى لعلمنا اللقاء السري الذي جمع عرّاب الإسلاميين، د. حسن عبد الله الترابي، وتلميذه علي عثمان طه، وفي ثناياه انتهى الرجلان من قطع دابر القطيعة المتمدد بينهما طيلة خمس عشرة سنة.

اللقاء ومن فرط سريته، جاء في متن خبر الزميلة “آخر لحظة” أنه تم بعيداً عن أعين قادة المؤتمرين الوطني والشعبي، واكتفت الصحيفة في نقلها لمخرجاته كذلك بأنه تكلل بطي صفحة الخلاف بين طه وشيخه الترابي، هكذا فقط لا غير.

بعد الوثبة

مما جاء في الخبر اتضح أن العرّاب والتلميذ التقيا في أعقاب مبادرة الوثبة الشهيرة التي أطلقها الرئيس البشير بدايات العام 2014م، إذ بادر الترابي بترّحله من حي المنشية نواحي منزل طه الكائن في ضاحية الرياض، وأثناء اللقاء قال مهندسه، الشيخ أحمد عبد الرحمن، عبارة مفتاحية أذاعها من لسان ألا وهي: (الناس كبروا أمامنا مسؤولية تاريخية وعلينا وحدة الصف).

ويبدو من سير اللقاء أن الإسلاميين انتابتهم مخاوف جدية من تنامي القوى المدنية على حساب الإسلام السياسي، حدّ انفلات حزب المؤتمر الشعبي من مدار تحالف قوى الإجماع الوطني.

وغير ما مرة استهجن ممثل الشعبي في التحالف، وأمينه السياسي، كمال عمر عبد السلام، تأييد التحالف لخطوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ضد سلفه المنتخب والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، وهو أمر يرى إخوان السودان إمكانية تكراره حال أتيحت الفرصة للمعارضة ذات الطروحات المدنية أو تلك التي تنطوي برامجها على العلمانية.

عليه فإن اللقاء غالباً ما تمّ في سياق مساعي الإسلاميين للتآزر ضد التحالفات المناوئة لحكمهم، وضد الضغوط الدولية الهادفة لإبعادهم عن كراسي الحكم. وبلا شك فإن تلك غاية تستدعي تأجيل أية خلافات، فالأمر أمر وجود.

مهارة

معلوم عن د. الترابي أنه سياسي يجيد اللعب بالبيضة والحجر، وإن أضفنا لذلك البراغماتية العالية التي يمتاز بها وبمقتضاها قاموا برمي خلافاتهم مع المؤتمر الوطني وراءهم ظهريا؛ يمكن في هذا السياق أن نفهم زيارة الرجل لمنزل طه على أنه استغناء بالمختار لينوب عنه في برلمان الديمقراطية الثالثة، وذلك تحسباً لأية تطورات متوقعة وحتى غير متوقعة، سواء كان ذلك خارج الصف الإسلامي أو بداخله.

بيد أن طه ذاته لا يقل دهاء عن شيخه، وعليه من غير المستبعد أن ينجز من اللقاء مساحة لموطئ قدم في اللعبة السياسية، لا سيما مع ترجيحات تقول إنه سيكون خارج طاقم الدولة والحزب مستقبلاً، بنحو ما ذكر الأستاذ عبد الماجد عبد الحميد في عموده بالزميلة “السوداني” أمس الأول، حيث نقل الكاتب عن مصدر في القصر أن طه لن يكون جزءاً من معادلات الحزب والسلطة في الفترة التي تلي الانتخابات.

سوق سياسي

في الفترة التي تلت آخر تعديل وزاري بموجبه جرى إبعاد كل من علي عثمان طه، ود. نافع علي نافع، ود. عوض الجاز، ود. عبد الحليم المتعافي؛ سرت أحاديث بعضها هامس وبعضها غادر محطة المجالس إلى صدر الصحفات الأُوَل، بأن إبعاد هؤلاء القادة المؤثرين في مسار مفاصلة الإسلاميين الشهيرة في العام 1999م كان مصدر سعادة عند د. الترابي، وممن قالوا بذلك المتعافي نفسه.

بيد أن هذه القراءات لن تجد لها سوقاً، فالترابي قال إنهم لا يريدون حواراً يكون كبش فدائه طه. كما أن لقاء (الترابي – طه) عكس صورة مغايرة بالكلية، وتقول بأن العرّاب وتلميذه بإمكانهما العودة لما وراء العام 1999م، قد يكون ذلك من باب الأشواق، وربما من باب المصالح، وفي الحالتين لا فرق.

التيار