عبد الباقي الظافر

دولة الفاتح عزالدين..!!


أمس الأول دشن الدكتور الفاتح عزالدين المنصور، رئيس البرلمان، حملته الانتخابية بميدان الفاتحين بأمبدة.. ارتدى المنصور علم السودان وخاطب أنصاره أنهم في المؤتمر الوطني ورثة الأنبياء.. ومضى المنصور في حماس مؤكدا أنهم حين يلجون السياسة فإنهم يتطهرون مثل تطهرهم للصلاة.. حسب الله صالح تحدث نيابة عن إخوة المنصور في البرلمان مقللا من حملة ارحل، وقال إنهم في المؤتمر الوطني سيرحلون من مشروع لمشروع جديد.
تلك واجهة الأحداث التي يحتفي بها الإعلام وتنقلها الفضائيات.. في الصفوف الخلفية استغل تلاميذ الخلاوى المقاعد الخاوية ومضوا في نوم عميق بعد أن أضناهم سهر الليالي.. كاميرا مصور “التيار” ضبطت عربة حكومية تتبع لمحلية آمبدة تحمل الرقم ١٩٤٨.. العربة (التانكر) كانت تحمل السقية لأنصار الفاتح المنصور، في حين أن برميل المياه يباع في ضاحية الأزهري بخمسة وأربعين جنيها.. ذلك الحي الذي خلد اسم زعيم الأمة لا يبعد عن القصر الجمهوري سوى عشرة أميال.. في ذات المناسبة كان كامل مصطفى نائب رئيس المؤتمر الوطني يذكر الناخبين أن مرشحهم بنى في آمبدة خمسة عشر مركزا صحيا وعددا من النيابات وأقسام الشرطة.. بالطبع هذه إنجازات يجب أن يتذكرها الناخبون في هذا الوقت.
في ناحية أخرى كان رئيس البرلمان يمارس دور التنفيذي الأول.. حيث وجه الفاتح المنصور أصحاب المخابز بضرورة الاعتماد على القمح السوداني حتى تقلل الحكومة من استيراد القمح.. صورة من توجيه الفاتح إلى شعبنا الصابر الذي عليه الاعتماد على استهلاك الخبز المخلوط حسب التوجيه السامي.. وأكد رئيس البرلمان أن كل القمح المنتج محليا سيمضي إلى المطاحن.. مضى الفاتح المنصور في توجيهاته الرئاسية طالبا من البنك المركزي ووزارة المالية فتح الباب لصادرات الذرة والسمسم.. كما طالب رئيس البرلمان البنك الزراعي بتمليك كل مواطن خمسة جولات ذرة يتم تقسيط ثمنها على مدار العام.
الآن أيقنت لماذا أطلق رئيس البرلمان تصريحه الشهير أن الزكاة لن تجد من يحتاجها في غضون خمس سنوات.. الدكتور رئيس البرلمان لا يعلم أن إنتاج البلاد من القمح لم يتجاوز أبدا خُمس ما نحتاجه.. وحتى أسهل عملية الحساب للرئيس المنصور، بلادنا لا تنتج سوى رغيفتين من كل عشر موجودة في مائدة سيادته.. هل يعلم رئيس البرلمان مدى الانخفاض في أسعار الذرة والسمسم في السوق العالمي.. وهل يدرك المنصور أن تأخر الحكومة في شراء الإنتاج الوفير من المزارعين أسهم في حالة ركود في البيع مما يهدد بإرسال المزارعين إلى سجن الهدى ليبقون إلى حين السداد أو الممات.
منذ وقت طويل لاحظت أن رئيس البرلمان لا يعرف حدود دوره كمشرع مهمته اقتراح وأجازة التشريعات.. هل تذكرون عندما استدعى المنصور والي الخرطوم طالبا تقريرا عن موقف السيول والانتخابات.. أما الطهارة السياسية فاتركها لتقدير المواطن الكريم.