تحقيقات وتقارير

قادة السياسة .. قادة المنابر ..!!


كحال الإبر الصغيرة مع جبل مغنطيس، ينجذب الأهالي إلى خطابات وخطب عدد من قادة الأحزاب السياسية.. انجذابٌ لا يشترط فيه ممالة الحزب الذي يعتلي المنصة، فحتى معارضوه ينشدون إلى تلك الخطب لدواع عدة، ولاحقاً نعرفكم بها جميعا.

ومع اقتراب أجل التصويت في الانتخابات، وانطلاقة الحملات التعريفية والتعبوية للمرشحين، يعمد كل حزب يخوض غمار المنافسة لتقديم أحصنته الرابحة، فيما يتحصن المعارضون بمواقفهم وألسنة متحديثهم.

قاعدة ذهبية
تعد القاعدة الذهبية لمحادثة الجماهير هي مخاطبتها باللسان الذي تعرفه، وبترجمة مثلى لتلك القاعدة فإن على السياسي مخاطبة فئات المجتمع كافة عبر مواعين سهلة وبسيطة ولا بأس في أن تكون عامية.

يحرص على ذلك عدد من قيادات البلاد السياسية وفي مقدمتهم الرئيس عمر البشير، ورئيس حزب الأمة القومي، الإمام الصادق المهدي، وزعيم حزب المؤتمر الشعبي د. حسن الترابي، ومساعد رئيس الجمهورية السابق نافع علي نافع، والأمين العام للحركة الشعبية ياسر سعيد عرمان.

لغة بسيطة
كل القادة عاليه مع اختلاف مشاربهم، يحوزون جماهيرية كبيرة في المخاطبات الجماهيرية، كل منهم له جمهوره الخاص، وهو ينقسم يتراوح بين المؤيد والمناوئ على حد سواء.

ويركز المذكورين في خطاباتهم على الحديث بلغة عامية بسيطة، تربت على كتوف “الغبش”، وتقصف المعارضين بمدفعية لفظية ثقيلة.

البشير رجل العصا
يحوز الرئيس عمر البشير جماهيرية كبيرة في الأوساط الشعبية. إذ يجيد رئيس حزب المؤتمر الوطني النظرية الهندسية التي تقول إن أقصر نقطة لنقطة هي الخط المستقيم، وبالتالي هو ينفذ إلى قلوب مستمعيه بلغة عامية بسيطة تصل فهوم الجميع.

واستفاد البشير من كونه سليل القوات المسلحة حيث يجيد قادتها مخاطبة الجنود في المواقف كافة، كما أن نزوع البشير إلى الآيات القرآنية، والشعر السوداني، أسباب إضافية لانجذاب الناس نواحي خطبه.

أسباب أخرى تجعل الأنظار مصوبة لخطب البشير، إذ انه كثيراً ما يطلق قرارات ذات صبغة رئاسية من على منصات جماهيرية، ومن ينسى توجيهه الحاسم لوزير النفط السابق عوض الجاز (اقفل البلف يا عوض) في تعبير عن سخطه من طريقة تعاطي جوبا مع الخرطوم في قضية مرور النفط الجنوبي عبر أراضي الشمال.

أمثال شعبية
لرئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي جمهور في كل الفئات المجتمعية، يستبين ذلك في الحشود التي يكتظ بها ميدان الخليفة بالجماهير، في فعاليات الأمة القومي، بل أن بعض هؤلاء (الأنصار) يتوافدون إلى العاصمة من نواحي الولايات لسماع الإمام، دون أن يتم حشدها كما جرت العادة عند آخرين.

ويتميز الصادق المهدي بخطاباته المسبوكة التي يكثر فيها من توصيف الحالة السياسية بالرجوع إلى الموروث الشعبي، من شاكلة “أكلو توركم وأدو زولكم” وهو مثل قاله في سياق دعوة إمام الأنصار لمسانديه بعدم التحرج من أخذ عطايا الحزب الحاكم، شريطة أن لا يؤثر ذلك على وضع أصواتهم في صناديق مرشحي الأمة في العام 2010م. وللمهدي تصريح مشهور استدعى فيه “نعامة المك”.

وفي السياق الشعبي ذاته، وإبان استعار أوار المنافسة بين حزب المؤتمر الوطني وحزب المؤتمر الشعبي في انتخابات 2010 وكناية عن معرفة الحزبين ببعضهما وقدرتهما على تبادل الإيذاء قال: “أبو القدح بيعرف يعض رقبة أخوهو”.

كذلك يركز المهدي في خطاباته على الفلكلور الدارفوري، وعليه كثيراً ما ترد “البصيرة أم حمد” و”أبو العفين”.

إيحاءات
يحظى الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي بلونية متفردة من الخطابات، فإلى جانب إجادته عدة لغات، فإن الترابي أفضل من يستخدم لغة الجسد، حيث يستطيع أن يوصل عديد الفهوم بإيماءة، أو ضحكة.

ومع الصعوبات الكبيرة التي يجدها الصحافيون في ترجمة خطابات الترابي، فإن جمهوره يستمتع بطريقته الدرامية وقدراته الاقناعية حد توصيفه بـ “الساحر”.

وضوح
شعبية كبيرة حصدها القيادي بالمؤتمر الوطني د. نافع علي نافع في أوساط المعارضين، يقابلها سخط موازي في الصف المعارض، من جراء قاموسه الهجومي القوي ضد القوى المعارضة والتي تقسم الناس لطود مادح وآخر قادح. الصحفيون المستفيد الأكبر من خطب نافع التي تتحول إلى اعمال صحفية واسعة الانتشار.

مخاطبة الغبش
يتميز الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان بخطابات بسيطة ومفهومة، ولذا كان كلما ذهب إلى ولاية من ولايات البلاد يعمد لمخاطبة البسطاء، ويلهب حماسهم بكلمات تلهب العواطف وتجعل الجمهور يهتف من ورائه (غبش ويي).

ومن ضمن عوامل كثيرة فإن ميزات عرمان الخطابية خولت له الحلول في المرتبة الثانية بعد الرئيس البشير في انتخابات 2010م وذلك بالرغم من انسحابه من ماراثون الانتخابات.

إبراهيم عبد الغفار
صحيفة الصيحة