تحقيقات وتقارير

بعد وصفهم نجل الميرغني بـ(الدواعش) مفصولو الاتحادي الأصل يفتحون النار


بعد وصفهم نجل الميرغني بـ(الدواعش)
مفصولو الاتحادي الأصل يفتحون النار
تقرير: عبدالباسط إدريس
يوم أمس كان عصياً على القواعد الاتحادية والقيادات البارزة في الديمقراطي الأصل،وهي تفاجأ بتصريح صادم لنجل زعيم الحزب ورئيس قطاع التنظيم محمد الحسن الميرغني الذي اعتبر في تصريح خص به صحيفة “اليوم التالي” فصل القيادات الاتحادية بأنه “تخلص من دواعش الحزب” ليأتيه الرد سريعاً من أحد أولئك المفصولين وهو يقول ضاحكاً “وأمريكا مامعاهو”، فيما استعصم الكثيرون من المفصولين الذين طالهم ذلك الوصف بالصمت وعدم التصريح، الخطوة التي صفق لها المؤيدون لخط الحزب في التقارب مع الحزب الحاكم اعتبرها آخرون أن بها قدر من الإذلال وعدم مراعاة الاعتبارات التاريخية والتجربة السياسية الطويلة لتلك القيادات داخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وإنها –أي الخطوة- أتت خلافاً للطريقة التي ظل يتعامل بها زعيم الحزب محمد عثمان الميرغني، فهل الاتحادي الديمقراطي الأصل، مقدم على عهد جديد يديره الحسن الميرغني بشروطه التي من أهمها إخراج “كباتن” الحزب الكبار وشيوخه؟، أم أن خطوات الحسن الميرغني ماهي إلا ردة فعل قوية أقدم عليها نجل الزعيم بما يتوافق مع الهجمات الكثيفة التي ظل يتعرض لها طيلة العشرين يوماً الماضية من قبل المفصولين.؟
+++++++++
أخيراً بدأت ملامح السيولة الناجمة عن فوضوية الممارسة السياسية واضطراب القرارات التنظيمية، تأخذ اتجاهاً جديداً عبر عملية انضباط وتدابير تنظيمية ربما كانت الأولى من نوعها في تاريخ الحزب الاتحادي الديمقراطي العريق بعد عقود متطاولة من الزمان إذ شكل عدم انعقاد المؤتمر العام وغياب المؤسسات واستعصام الزعيم التاريخي محمد عثمان الميرغني بالصمت ومركزية القرارات المصيرية للحزب والخلافات العميقة التي تفجرت خلال السنوات الست الماضية جراء التقارب المفاجئ الذي قاده الميرغني مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم والتي ترجمت فيما بعد لشراكة سياسية وتنفيذية فرضت نفسها على واقع اتحادي تستعصم خلفه قيادات تاريخية مؤثرة ظلت تقود حالات الرفض والاحتجاج لذلك التقارب.
غير أن المواجهة خلال الأسابيع القليلة الماضية أخذت منحًى بعيدًا في أعقاب محاولة الانقلاب القيادي وإعلان التمرد على سلطة الزعيم ونجله الحسن الميرغني والتي وقفت خلفها ذات القيادات التاريخية بقيادة كل من الشيخ حسن أبوسبيب والمحامي علي السيد وأستاذ القانون بالجامعات السودانية البروفيسور البخاري الجعلي ورجل الأعمال طه علي البشير وآخرين، بيد أن نجل الميرغني الممسك بمفاصل الحزب الاتحادي بتفويض من والده وبدعم من بعض القيادات النافذة بالحزب وقاعدة الطريقة الختمية التي تشكل الأساس الذي يستند عليه المراغنة، سارع بقطع الطريق أمام مخطط الانقلاب القيادي الذي شرعت فيه مجموعة الشيخ حسن أبوسبيب وهو الذي لم تخفه تلك القيادات وشرعت في أولى خطواته من خلال اجتماع الاسكلا مؤخرًا وعضدته تصريحات منسوبة لحسن أبوسبيب أكد فيها شروعهم في ترتيب انعقاد المؤتمر العام للحزب، حيث أصدر الحسن الميرغني قرارات بفصل تلك القيادات عن الحزب.
===========
“دواعش” خارج الأسوار
نظرية وفعل غير معهود قابل به الحسن الميرغني المواقف الرافضة التي أبدتها تلك القيادات لرفض قرار فصلها والطعن في المشروعية التنظيمية التي يستند عليها نجل الزعيم وحليف الأمس بالنسبة لهم، وعلى طريقة الاستخدام الأمثل التي أعقبت نظرية الضوء الأخضر التي منحها نجل الميرغني لتلك القيادات التي توحدت مواقفها الإعلامية والحزبية الرافضة لتلك القرارات، أوصد الحسن الميرغني أمس الباب أمام تلك المجموعة وقال في أول تعليق صحفي له أمس “لقد تخلصنا من دواعش الحزب” ولعل لفظ “الدواعش” الذي يستخدم هذه الأيام في أوساط السودانيين كناية عن “الغلو والتطرف والأفعال الشاذة” التي يقوم بها المنتسبون للتنظيم الإرهابي “داعش” الذي يتعرض لحرباً يقودها تنظيم دولي واسع بزعامة الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية.

============
الانتخابات “كعب أخيل”
جدلية الإقدام والممانعة والرفض التي شكلت المواقف الاتحادية خلال الأيام الماضية بفعل إقدام قيادة الحزب الاتحادي على خوض الانتخابات في إبريل المقبل، كانت آخر السيناريوهات التي قادت لمفاصلة شعورية بين الحسن الميرغني ومجموعة “الاسكلا” التي تتزعمها قيادات تاريخية وقادت إلى ما وصفت “بمجزرة الحزب” حيث أطاح الحسن الميرغني بضربة “لازب” بسبعة عشر قيادياً تاريخياً من الحزب، وفي أول تعليق صحفي له بعد أن ظل صامتاً طيلة الفترة الماضية دافع الحسن الميرغني عن قرار حزبه بخوض انتخابات إبريل المقبلة على كافة المستويات وقال الحسن في تصريح أمس، إن قرار مشاركة حزبه في الانتخابات نابع من قناعة راسخة بنبذ العنف ورفض حمل السلاح وأن الانحياز إلى الصندوق خيار استراتيجي، مستطرداً بقوله “حتى ولو جاء الصندوق مشكوكاً فيه”، وقال إن ميزة الصندوق أنه يمنح دائماً فرصة لدورة جديدة بينما لا يفعل السلاح ذلك، ونوه الحسن الميرغني إلى أن البديل للانتخابات هو العنف مضيفاً، ننظر حولنا لنرى مآلات العنف ونتعظ منها ونجتهد لتجنيب بلادنا ذات المآل.
وفيما رفض الحسن التعليق على تصريحات المفصولين من الحزب مؤخرًا اكتفى بالقول “لقد تخلصنا من دواعش الحزب” وأشار إلى ضعف حجج الذين يشككون في شرعية قرارات الحزب تحت قيادته، وقال إن المفارقة أن الذين يشككون هم أول الشهود على تكليفي بالمهام التي اضطلع بها والمواقع التنظيمية ذات المشروعية العالية التي استمد منها شرعيتي بدءاً من رئاسة قطاع التنظيم ونائب رئيس لجنة التسيير العليا التي يقودها السيد رئيس الحزب ثم قرار رئاستي للجنة الانتخابات وتفويضي بذلك منذ عام 2010.
=========
الحسن.. تجديدي في وجه العاصفة
لقد شكل غياب المؤسسات وعدم انعقاد مؤتمر عام للحزب أحد أبرز المسالب السياسية التي اتصف بها الاتحادي الديمقراطي وفيما اعتبر العديد من المراقبين أن انعدام روح التجديد القيادي وغياب الرؤى والأفكار لقياداته البارزة واستغراقها في حالة الخصومات وتصفية الحسابات السياسية فيما بينها إلا أن تلك القيادات لم تكف من الجأر بالشكوى والتبرم لسيطرة رئيس الحزب محمد عثمان الميرغني وتحميله المسؤولية الكاملة لما آلت إليه أوضاع الحزب غير أن مصادر مقربة من الحسن الميرغني، فضلت عدم الكشف عن هويتها، قالت لـ(السوداني) إن الحسن الميرغني الموصوم في الأوساط الاتحادية “بالتجديدي” يرى أن القيادات التاريخية التي تم فصلها هي التي أقعدت بالحزب الاتحادي الديمقراطي وفشلت في عقد مؤتمره العام، وتؤكد ذات المصادر، أن الحسن الميرغني يرى أن إبعاد هذه القيادات عن قيادة الحزب هي أولى خطوات الإصلاح الحزبي والتنظيمي ولعل إفادات الحسن الميرغني نفسه للزميلة “اليوم التالي” أمس قد تقترب من قول تلك المصادر إذ قال الحسن “إن قضيتين رئيسيتين تشغلان بال حزبه الآن وهما إعادة بناء الحزب ثم خوض الانتخابات بكل ما يستوجبه من استحقاق يفرض على العملية الانتخابية مصداقيتها ويعطي الثقة في ذات الوقت للمواطن”.
=======
بخاري الجعلي: سنسمو على ما أصابنا من “مراهقي السياسة”

على غير العادة رفض عدد من القيادات التعليق على وصف نجل الميرغني لهم “بالدواعش” واستعصى عليهم تبيان مواقفهم عن ما جاء في إفادات نجل الزعيم عن حتمية مشاركة الحزب الاتحادي الأصل في الانتخابات وعملية بناء الحزب، القيادي البارز واحد من أبرز القيادات التي جرى فصلها د. علي السيد كان على غير عادته رافضاً للتعليق واكتفى بالقول “أنا اليوم ممتنع عن التصريح بشأن ماقاله الحسن الميرغني”. غير أن القيادي الآخر الذي فصل من الحزب وأستاذ القانون بالجامعات السودانية د. بخاري الجعلي حينما طرحت عليه (السوداني) أقوال الطرف الآخر، وما أن سمع عبارة (دواعش) من قبل الحسن الميرغني حتى أطلق ضحكة مجلجلة أضاف لها “وأمريكا مامعاهو؟”، ثم مضى قائلاً في تعليقه لـ(السوداني) احتراماً وتقديراً لمولانا السيد محمد عثمان شيخ الطريقة الختمية ورئيس حزبنا الاتحادي الأصل، لن نرد في هذه المرحلة بالتفصيل وسنسمو على ما أصابنا من “مراهقي السياسة” ومتعثري المصارف والبنوك، من رشاش. ويضيف: لكن صبرنا بالتأكيد لن يطول وكما يعلم الكثيرون أن لدينا من الشجاعة وقوة البيان والمنطق ما نفتح به “صندوق بندوره” لنفصل ما أوجزناه وما لم نقله وهو كثير حتى الآن، إذا لم يكف مراقهو السياسة عن توجيه السباب لنا وعندها ستعلم براقش إلى أي مدى جنت على نفسها وعلى غيرها. وأكد الجعلي في ختام إفادته أنه ظل طيلة يوم أمس يتلقى العديد من الاتصالات الرافضة لوصف الحسن الميرغني وأضاف: “ياخي أنا البروفيسور البخاري الجعلي و(دواعش) هذه كثيرة ياخ”.

السوداني