الطيب مصطفى

بين مصطفى عثمان وياسر يوسف


أجدني متعاطفاً مع الأستاذ ياسر يوسف فقد أصابه ظلم الحسن والحسين من نيران صديقة دهمته داخل داره، بل من الموقع الإلكتروني لحزبه الحاكم الذي لن يمنعنا شنآننا إياه جراء ما ألمّ بنا وبالوطن من أفعاله.. لن يمنعنا ذلك من أن نعدِل ونبرئ ساحة ياسر الذي ثبت أنه لم يقل تلك العبارة المسيئة التي وصفت القوى السياسية المعارضة بأراذل القوم، لا لسبب غير أنها اختلفت مع المؤتمر الوطني في الرأي.

كان الأستاذ مزمل أبو القاسم الذي أوردت صحيفته (اليوم التالي) تلك العبارة المسيئة التي سارت بها الركبان وضجت بها الأسافير في مانشيت عريض.. كان مزمل أول من تصدى لتبرئة ياسر يوسف بعد أن تحقق من التسجيل بنفسه، ولم يجد ما رُمي به الرجل من بهتان في ذلك التسجيل ثم تأكد لي براءة ياسر من كتابات عدد من رؤساء التحرير وكتاب الرأي الذين تحققوا بأنفسهم أذكر منهم الأخوان الصادق الرزيقي وضياء الدين بلال ومحمد عبد القادر.

دهشت عندما قرأت الخبر لأول مرة ذلك أن أذني وعيني أبتا أن تصدقا أن يصدر ذلك الكلام من ياسر عف اللسان وحلو المعشر حتى مع من يخالفه الرأي، لكن عندما قرأت ما صدر عن د. مصطفى عثمان من كلام في يومين متتاليين أو مناسبتين مختلفتين تساءلت (ماذا دهى هؤلاء القوم)؟! فإذا كان ياسر الشاب معروفاً بلطيف القول مما أدهشنا أن تنسب إليه تلك العبارة الجارحة، فإن دهشتنا أشد لدكتور مصطفى، رجل الدبلوماسية الذي يحسن بخبرته الطويلة انتقاء العبارات قبل أن يلقيها على مسامع الآخرين، فالرجل المبتسم الذي يسعى على الدوام لإجراء المصالحات وتقريب وجهات النظر يأبى إلا أن يحيل تلك (الحمامة) المنسربة في كل جيناته إلى صقر كاسر ذي أنياب ومخالب وأظافر!.

قبل يومين قال د. مصطفى وهو يزايد على صقور المؤتمر الوطني: (الذين يقاطعون الانتخابات لا يستحقون شرف الانتماء للوطن)، ثم بعدها بيوم شنَّ الرجل هجوماً عنيفاً على الصحافيين، وقال متوعداً من ينتقدون موقف المؤتمر الوطني من الانتخابات (اليمد يدو علينا بنكسرا ليهو)!!.

أقول للدكتور مصطفى: ماذا دهاك يا رجل؟!

طيب يا مصطفى.. الحساب ولد فقد قلت ما يلي: (خريطة الطريق التي أقرتها الجمعية العمومية للحوار الوطني هي الأساس لأي لقاءات أو تفاهمات تهدف لإشراك الجميع في الحوار الوطني بشرط أن يكون السودان مقراً له).

أسألك بالله يا مصطفى أن تقرأ خريطة الطريق ثم تجيب عن السؤال: من هو الطرف الذي عوقها ولم يستجب لمطلوباتها؟!، أرجو الرد وتذكر أن الله تعالى يرقب ويحاسب، أما تهديدك بكسر اليد فقد أعجزني الرد عليه ولا أزيد!.

بين الحسن الميرغني والترابي

ما يجمع بين حزبي الميرغني والترابي أنهما لم يعقدا مؤتمراتهما التي تمنحهما الشرعية منذ نصف قرن من الزمان لحزب الأول وأكثر من عقد ونصف للثاني.

الميرغني الصغير بعد أن خلا له الجو بغياب والده الذي ورّثه قيادة حزبه، تماماً كما فعل الجد (السيد علي الميرغني) قديماً حين ورّث ابنه محمد عثمان.. أقول إن الميرغني الصغير وهو (ينظف!) حزبه من القيادات التاريخية التي التحقت بالحزب قبل مولده والتي رفعت صوتها مطالبة بالإصلاح، أراد أن يرسل رسالة بأن الحزب هو حزب طائفة الختمية التي تسمع وتطيع ولا تحتاج إلى أكثر من الإشارة على العكس من أولئك (المثقفاتية قليلي الأدب) الذين يتجرأون على السادة!!!.

للأسف فإن الميرغني الصغير لم يتعلم من أميركا التي درس بها شيئاً من ديمقراطيتها، إنما عاد كما سافر لأول مرة ولم يغادر محطة (عاش أبو هاشم) التي يساق بها الأتباع كما تساق القطعان.

على أن أعجب مما أدلى به الميرغني الصغير الذي يعشق طريقة والده الصامتة أنه وصف في بيان صحفي المفصولين بــ(الدواعش) يا سبحان اللهّ! لست أدري والله ما علاقة علي نايل وطه علي البشير وأبو سبيب وعلي السيد بتنظيم (داعش) الذي نسبهم إليه؟!.

على كل حال فإنني مستبشر بالحراك الذي يجري في أروقة الاتحادي الأصل والذي أرجو أن يصحح الأوضاع بما يحقق مصلحة السودان، أما المؤتمر الشعبي فقد أكدت صحيفة (التيار) ما نشرته (الصيحة) قبل أيام حول مذكرة سلمت لدكتور الترابي تدعو إلى مراجعة كثير من الأوضاع في المؤتمر الشعبي.

يذكر أن مذكرة العشرة التي أدت إلى المفاصلة بين الوطني والشعبي سبقتها كثير من الاجتماعات التي كانت تدعو إلى أعمال الشورى ولو كان الشيخ الترابي ديمقراطياً وقتها لما تفاقمت الأوضاع وبالرغم من أني شاركت في بعض تلك الاجتماعات إلا أني اعترضت على مذكرة العشرة وما تلاها من تحركات تسببت في كثير من الأزمات التي يشهدها السودان اليوم.. المهم ليت الترابي لا يتغافل عن المذكرة، فقد – والله – تلقيت بعض الاتصالات الغاضبة على أسلوب إدارة المؤتمر الشعبي والكيفية التي يتخذ بها القرار.