منوعات

دفاعاً عن “أبَّكَر “في قضية “أراذِل القوم”


أثارت التصريحات المنسوبة لوزير الدولة بوزارة إعلام النظام، ياسر يوسف (أبَّكَر) جدلاً أعتقده واسعاً في الوسائط المختلفة، لما لهذه الشتائم (وليس التصريحات) ،من تعنيف لفظي وإزدراء وتحقير مبالغ في حق معارضيه ومقاطعي إنتخابات النظام.

هذه الشتائم قد درج عليها قادة النظام على شاكلة لحس الكوع وأمسح أكسح قوشو ،والشحادين، وتحت جزمتي و (shoot to kill).. وللأمانة، عندما نقلت قصاصة التصريح المنسوبة إليه من الأخ أسامة توفيق (المتحدث الرسمي باسم حركة الإصلاح الأن) في مجموعة على الواتساب نتشارك فيها نقاشاً يختلف حدته وموضوعاته ومشاركيه، قام الأستاذ ياسر يوسف بالرد على الفور، نافياً قوله كلمة أراذل القوم، وقال أنّه سوف يتصل بصحيفة اليوم التالي لتصحيح الأمر، ولكن عندما أتت قصاصة آخرى مصورة من موقع حزبهم في ولاية الخرطوم، علّقت عليه :” بقى عليك الإتصال بناسك أولاً ،قبل ناس الصحيفة ” ، لان موقع حزبكم لا يمكن أن (يلفح) الخبر ويقوّلك ما لم تقله. وبالرغم من إنه نفى قول هذا الكلام الا أنني مجبر على عدم تصديقه لأسباب مختلفة، منها أن النقل تم بواسطة حزب المتحدث نفسه وأيضاً إعتيادية وديدن تحقير الآخر والإزدراء به وعدم إحترامه من قبل قادة حزب ياسر نفسه. وعموما إذا قالها، أو لم يقلها فهو ليس موضوع مقالتي وردي كما في العنوان أعلاه.

الشئ الذي جعلني أن أكتب هي، طريقة ردود الأفعال لهذه الحادثة لدى البعض، فقد ذهبوا الي طريقة لا تختلف من نفس الطريقة التي رفضوها ، وهي الإزدراء والتحقير بالمتحدث كرد فعل، وليس في شخص المتحدث وتوبيخه له لما فعل ، بل ذهبوا الي أبعد، في أصله وفصله وذلك بربط إسم المتحدث وتعمُّد إلحاق إسم جده (أبَّكَر )، في إيحاء عنصري خبيث، مفاده من أنت يا ياسر يوسف أبَّكَر، لتقل لنا أراذل القوم؟ وهذا ما لا يتستطيعون قوله جهراً !! لان هنالك تنميط متبع منذ فترة درج عليه بعض السودانيين (أو قل الغالبية) يصنفون الآخرين بأسماءهم وأشكالهم وألوانهم ومناطقهم! بأشكال مختلفة، بعضها في شكل نكات المزاح (أبَّكَر ،وأوشيك،وبيتر، ومامد سالح) كلها لها دلالاتها المناطقية المعروفة، وبعضها في الحكاوي (مثل هذا عريبي ساااكت، وماقلتوا نوبة، وأمشي يا حلبي) وآخرى في المعتقدات الأسطورية (مثل هؤلاء ينقلبون بعاعيت، وهؤلاء ينقلبون غرابان، وهكذا).. وفي نهاية الأمر، المسألة مسألة عنصرية ونظرة فوقية بحتة ،تقسِّم المواطنيين السودانيين الي طبقات سادة وتُبَّع، أو أراذل القوم (Superior and inferior)، هذه الأنماط تعكس مدى تفكك وعدم تماسك ، بل وخرابة مجتمعنا و(نافوخ) أمتنا السودانية (إن وجدت).

فالكلمات المزدرئة والحاطّة من مقام مخالفي الرأي والخصوم، والتي ظل يرددها قادة الإنقاذ تعتبر أوضعها مرتبة في التحقير والإذلال بين بني البشر ،صدرت من رأس النظام نفسه، و عندما إحتل جيشه الكرمك،فقد وصف الحركة الشعبية (بالحشرة الشعبية)، في إحتقار عنصري باين وواضح، وقد كررها نائبه السابق الحاج آدم يوسف أكثر من مرة، ولكن بعد كل هذا لم نرى الرد على المتحدثين والتصدي لهم أخذ طابعاً عنصرياً ولا جهوياً ، ولا نريد ذلك ، بالرغم من أننا الموصوفون بالحشرات، فكان الرد في شخص المتحدث نفسه وسلوكه، ولكن السؤال هو: لماذا أقحم أخونا (أبَّكَر) الأن في قضية أراذل القوم وأصبح ضحية لعنصرية مريضة ومضادة؟ هل هذا يعني أننا حين نسمع لكلمات الإنحطاط من زيد، أهون لنا من أن نسمعها من عبيد!!!.

ما أريد أن أقوله هو : إذا ما أردنا أن نبني مجتمعاً سودانياً متماسكاً يحاسب أخطاء الماضي ويؤطر لمستقبل جديد يفخر بسودانيته ووطنه، فإن تحقير الخصوم المتّبع من قبل ياسر يوسف أو من حزب ياسر يوسف مرفوض، وكذلك الرّد بطريقة عنصرية على نهج جاهلية عمر بن كلثوم (ألا لا يجهلن أحدٌ علينا … فنجهل فوق جهل الجّاهلينا) ،أيضاً مرفوضة.

 

 

مبارك أردول: صحيفة التغيير