صلاح حبيب

أم الدنيا جئناكِ بعد غياب!!


غبت عن “القاهرة” ما يقارب العشرين عاماً أو أكثر رغم أن تلك الفترة زرت فيها العديد من الدول العربية والأوروبية، ومنها ما بقيت بين أهلها وسكانها ما يقارب الأربعة أو الخمس سنوات، مثل المملكة العربية السعودية وكذلك دولة قطر الشقيقة، ولكن أم الدنيا التي تفتحت أعيننا بها ونحن في ريعان الصبا والشباب إبان الدراسة الجامعية، لم يكن في الخاطر أن يمتد الغياب طوال هذه الفترة. وحينما تبدأ أيها القارئ الكريم قراءة هذه السطور اليوم أكون قد وصلت أم الدنيا قبل ساعات، ضمن وفد من الإعلاميين والصحفيين السودانيين بتنسيق بين الأستاذ “جمال عنقرة” مدير وكالة عنقرة للخدمات الإعلامية وسودانير وسفارتي الخرطوم والقاهرة، وجهات أخرى نظمت هذه الرحلة لدورة تدريبية إعلامية لمدة أسبوع، يطوف الإعلاميون فيها عدة أماكن إعلامية وصحفية ووزارات ودور صحفية.. وهي فرصة لإعادة الشوق للمحروسة وأيام الصبا.
بالتأكيد أن جمهورية مصر العربية وما جرى من تغيير لنظامها ولكنها تظل أم الدنيا التي تحتضن شعوب الأمة العربية والإسلامية، لقد طفت العديد من البلدان ولكن لم أجد أرخص دولة عربية منها من حيث الأكل والشرب، لا أدري هل تغير الحال بتغيير الظروف والمناخ أم مازالت الأم محافظة على كل شيء من حيث السكن والأكل وحتى الغاز الذي أصبح من السلع التي تشكل هاجساً لنا.. كان الغاز يمر عبر أنابيب إلى داخل الشقق وليس أسطوانات تحمل بالعجلات لإعادة تعبئتها وإعادتها من جديد للشقة.. لقد عاشت مصر حالة من الرخاء والرفاهية رغم معاناة شعبها، فإن أردت أن تلبس فتجد أرخص الملابس بالموسكي والعتبة وشارع (26) يوليو، وإن أردت الجيد تجده في زلط وشارع عدلي ومصر الجديدة، وإن أردت السكن الفاره تجده في المهندسين وروكس ومصر الجديدة. وإن أردت أن تعيش في الحواري والمناطق الشعبية فتجد الأزهر والفورية والمنيل وغيرها من المناطق التي يحدث فيها التلاحم والترابط بين السكان بخلاف المناطق الأرستقراطية التي يعيش فيها كل إنسان على حاله فالجار لا يعرف جاره.
إن مصر ونحن نطل عليها بعد فترة غياب اليوم بالتأكيد هناك كباري معلقة جديدة وهناك مدن جديدة أنشئت، وهناك أحداث بعد ثورة يناير أحدثت نوعاً من التغيير في كل شيء، ولكن أم الدنيا هي نفسها بجمالها وألقها وجوها الرائع وطعامها الحلو المذاق من الفول والفلافل إلى البسبوسة بالقشطة والديك الرومي، وخان الخليلي والحسين وكل معالمها العربية والإسلامية فنشكر الأخ “عنقرة” الذي أتاح لنا هذه الفرصة لتجديد الشوق.