سياسية

اشتباكات بين الحكومة والمعارضة في ولايتي جونقلي وأعالي النيل


احتدمت الخلافات بين القيادات العسكرية اليوغندية مع قوات الجيش الشعبي، الأمر الذي أدى لنقلهم من مدينة بور الى العاصمة جوبا للاجتماع مع رئاسة هئية الأركان. وبحسب مصدر أمني مطلع، أفاد بأن الخلافات بسبب إصرار الجيش الشعبي بأن تكون القوة اليوغندية بمواجهة الجبهة عند الهجوم على مناطق النوير باعتبارهم يتلقون أموالاً بالدولار، بينما لا يتلقى جنود الجيش العاديين أموالاً كما يتم وضعهم في الجبهة. وفي سياق منفصل تجددت الاشتباكات حول نهر السوباط في شمال ولاية جونقلي بدولة جنوب السودان بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة، في وقت لا يزال الحصار المفروض على مدينة (الناصر) من قبل المعارضة على المدينة لليوم الثالث على التوالي، بينما فرَّ حوالي (400) عسكري حكومي من المدينة المحاصرة بعد فشل الحكومة في جوبا بإرسال تعزيزات عسكرية لفك الحصار. فيما يلي تفاصيل الأحداث الداخلية والدولية المرتبطة بأزمة دولة جنوب السودان أمس.

ضرب الجيش الأبيض
استطاعت قوات المعارضة المسلحة بدولة جنوب السودان بواسطة قوات القائد الجنرال جوزيف جاي جاتلواك الهجوم على منطقة كولان التابعة لمليشيات الجيش الأبيض التابعة لقبيلة الدينكا في شمال ولاية أعالي النيل التي تقع جنوب شرق منطقة (جودة) على الحدود مع السودان. وأفادت مصادر بأن قوات المعارضة قتلت عدداً من قيادات الدينكا بالمنطقة بينما هرب قائد مليشيا الجيش الأبيض الدينكاوية (محمد أكوي) من المنطقة. في جوبا عرضت القوات الحكومية عدداً من أسرى قوات المعارضة على التلفزيون القومي.
الدولار يواصل الارتفاع
قفز سعر الدولار مقابل الجنيه الجنوب سوداني في جوبا في السوق السوداء الى أعلى مستوياته منذ انفصال جنوب السودان، ليصل سعر الدولار الواحد 7.2 جنيه جنوب سوداني في السوق الأسود، بينما لا يزال السعر الرسمي للدولار وفقاً للبنك المركزي بجنوب السودان 3.16، حيث شكا عدد من التجار وأصحاب الشركات الذين تحدثوا شكوا من ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي وانعدامه، مضيفين أنه في حال استمرار هذا الارتفاع، فإن الشركات ستتوقف عن استيراد العديد من السلع خاصة الكمالية، بينما سترتفع أسعار السلع الضرورية مثل المواد الغذائية الى أعلى مستوياتها، كما شكا المستثمرون الأجانب من الشركات المحلية التي تحصل على الاعتمادات بسعر البنك وتبيعها بضعف السعر، بينما عزا الدكتور لوكا بيونق الخبير والمحاضر في جامعة جوبا في حوار، عزا سبب ارتفاع سعر الدولار الى عدة أسباب أهمها فشل محادثات السلام بأديس أبابا، بالإضافة الى استئناف الحرب في مناطق أعالي النيل، مبيناً أن ارتفاع سعر الدولار سيكون تأثيره مباشراً على حياة المواطنين. ونبَّه لوكا الى أن دخول الحكومة في عمليات قروض واستخدامها في مشاريع غير إنتاجية مع تراكم أرباح هذه القروض سيكون عبئاً على الدولة في المستقبل. وفي سياق منفصل، وصل نائب رئيس دولة الجنوب جيمس واني إيقا الى اليابان للمشاركة في أعمال مؤتمر مرتبط بالأمم المتحدة.
ارتفاع أسعار العملات الأجنبية:
زعم وزير الإعلام والمتحدث باسم حكومة جوبا مايكل مكوي بأن ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه الجنوب سوداني سببها جشع بعص رجال الأعمال، نافياً وجود علاقة بين الصراع الدائر بجنوب السودان وارتفاع أسعار العملات الأجنبية بأسواق بلاده. وتأتي هذة التصريحات لوزير الإعلام بعد شكاوى وسط التجار ومخاوف من تأزم الأوضاع الاقتصادية بجنوب السودان. وقال مكوي أن ارتفاع أسعار الدولار بجنوب السودان لا ينفصل عن الضغوطات الاقتصادية في العالم أجمع، إلي جانب ذلك حمَّل التجار ورجال الأعمال مسؤولية ارتفاع الدولار، ونفى عدم صرف حكومته مبالغ لشراء الأسلحة في إشارة للاتهام القائل بأن جوبا تتجة لتصعيد حربها مع متمردي جنوب السودان، وطالب مكوي بعدم تحمُّل الحكومة مسؤولية ارتفاع أسعار العملات بالأسواق.
هروب زعيم قبلي
استطاع رئيس قبيلة النوير في جوبا جاتلواك بوس الهروب من جوبا الى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والالتقاء بزعيم المعارضة المسلحة الدكتور رياك مشار، حيث أطلع الزعيم القبلي الهارب رياك مشار على أوضاع اللاجئين النازحين في معسكرات الأمم المتحدة.
اعتقال مواطن
اعتقلت السلطات الأمنية في قوقريال الغربية بولاية واراب بدولة جنوب السودان مواطن، على خلفية إطلاق نار على منزل المحافظ لكنه رفض الإدلاء لنيابة المقاطعة، مما دعا السلطات لترحيله إلى نيابة كواجوك بولاية وارب. وقال محافظ قوقريال ماكوج أرو لواك إنه تلقى تهديداً من المتهم في وقت سابق، مبيناً أن المتهم كان يعمل لصالح شركة فيفاسل للاتصالات وبعد توقيفه عن العمل أدعى أن المحافظ هو من قام بفصله من عمله، مشيراً إلى أن المتهم يطالب شركة الاتصالات باستحقاق ما بعد الخدمة ما جعله يطلق النار على مقر الشركة في أكتوبر الماضي الأمر الذي أدى لإغلاقها.
هجوم مسلحين
تعرَّض سائق بمنظمة كورديد ومعه أحد الموظفين على مقربة من المجمع السكني للمنظمة لهجوم من قبل مسلحين اثنين مما أدى إلى إصابتهما قبل أن يتم اختطاف العربة بواسطة المسلحين، وأكدت المنظمة في بيان صحافي أن الحادث كان على مقربة من باب المجمع السكني للمنظمة وحوالي الساعة السادسة مساءً عند عودتهما من يوم عمل تم تهديدهما من قبل المسلحين وعند نزولهما من العربة أطلقا عليهما النار مما تسبب في إصابتهما الاثنين تم نقلهما للمستشفى لتلقي العلاج، وأوضح البيان بأن المسلحان قاما باقتياد العربة الرباعية الدفع. ويذكر أن جوبا تنامت فيها حالات السطو الليلي والاختطاف والسرقات مع انتشار مريع للأسلحة.
أوضاع الجنوب بتقرير
صدر مؤخراً عن الأمانة العامة للأمم المتحدة بمقرها بنيويورك تقريراً عن أحدث التطورات السياسية والأمنية والانسانية في دولة جنوب السودان. التقرير شمل فقط الفترة من 18 نوفمبر 2014 وحتى فبراير 2015م، أي غطى فترة تمتد لحوالي أربعة أشهر فقط، ولكن مع كل ذلك فقد اشتمل التقرير على الكثير مما يمكن أن يثير التساؤلات عن مآلات الأمور في هذه الدولة الحديثة، الميلاد والتي لم يمضِ على خروجها الى الحياة أربعة أعوام قضت غالبها فى اقتتال أهلي داخلي مرير، استعصى تماماً على الحل حتى الآن. يقول الأمين العام للامم المتحدة في تقريره بشأن التطورات السياسية وعملية السلام التي تتبنى معالجتها دول وحكومات هيئة التنمية الحكومية (الإيقاد) إن كل المشاورات الهادفة لإقرار عملية سلمية تقوم على تقسيم السلطة بين الفرقاء الجنوبيين وتشمل المسائل الجوهرية المتعلقة بالفترة الانتقالية وتقاسم السلطة واستحداث منصب رئيس وزراء وتوقيت دمج القوات لم يحرز تقدماً وذلك جراء تراجع كل طرف عن كل ما يتم التوصل إليه.ويشير التقرير لإستضافة وزير الخارجية الصيني لدى زيارته الى الخرطوم في 12 يناير 2015م لممثلين من الجانبين المتقاتلين والاتفاق على 5 نقاط تشمل وقف العدائيات وإقامة سلطة انتقالية وضمان سلامة المنشآت الدولية في جنوب السودان، ولكن لم يجد الاتفاق الاحترام المطلوب.ويشير التقرير الى جولة أورشا في تنزانيا بين الطرفين أيضاً والتى لم تفضِ هي الاخرى الى حل ثم جرت لقاءات أخرى في العاصمة الاثيوبية أديس فى 28 الى 31 يناير 2015م، وبحثت قضية تقاسم السلطة بحضور الرئيس كير وزعيم المعارضة الدكتور مشار وأفضت الى توقيع وثيقة بعنوان مجالات الاتفاق بشأن إنشاء حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية فى جنوب السودان تضمنت تحديد إلتزام الطرفين بالاتفاقات السابقة فى موعد لا يتجاوز الخامس من مارس.ويضيف التقرير ان مجلس السلم الافريقي وفى وقت متزامن مع هذا اللقاء، أي في الاول من فبراير 2015م عقد اجتماعاً على مستوى الرؤساء بشأن الحالة في جنوب السودان وقرر فرض جزاءات على جميع الأطراف التي تسعى لتقويض هذه الاتفاقات.ثم عرض التقرير لقضية الانتخابات العامة المقرر قيامها فى يونيو 2015 والتى رفضت قيامها حوالي 15 قوة سياسية جنوبية جراء الحالة الامنية في الوقت الذي قرر فيه مجلس الوزراء الجنوبي اعتماد موازنة عامة للعملية الانتخابية حوالي «517» مليون دولار!ويمضي التقرير ليعرض للحالة الأمنية ويشير الى مضي الطرفين فى مواصلة انتهاك وقف العدائيات فى جونقلي والوحدة وأعالي النيل ووقعت حوالي 26 عملية انتهاك لوقف العدائيات رصدتها الإيقاد. ولاية الوحدة هي الأخرى تعيش توتراً شديداً شمال وجنوب مدينة بانتيو حاضرة الولاية وشكلت تهديداً لحقول النفط حيث استطاعت القوات الحكومية استعادة سيطرتها على حقول النفط على بعد 27 كلم شمال بانتيو في مقاطعة ربكونا. وقد تسببت الاشتباكات في نزوح آلاف المدنيين في ولاية جونقلي ويسيطر كل طرف على أجزاء من مقاطعة (بيجي). الأمر نفسه في مدينة راجا ببحر الغزال حيث سقط حوالي 11 شخصاً وأصيب محافظ المقاطة بجراح.ويضيف التقرير نزاعات محلية ذات طابع قبلي بعد بداية موسم الجفاف، خاصة في البحيرات والاستوائية ما بين الدينكا والأقار وسقط ما يجاوز الـ28 شخصاً في ولاية شرق الاستوائية جراء هذه الاشتباكات القبلية فى نزاع بين الباريه والمنداري. ويتناول التقرير وجود أبعاد اقليمية للنزاع الجنوبي الجنوبي متمثلاً في وجود عدد من المليشيات من خارج الدولة لا سيما فى المناطق الحدودية (ولايات بحر الغزال والوحدة وأعالي النيل) مثل قطاع الشمال وحركة العدل والمساواة الدارفورية وتصريحات مدير الأمن السوداني عن إمكانية تعقب هذه المجموعات المسلحة داخل أراضي دولة الجنوب.وفيما يخص الحالة الانسانية يقول الأمين العام إنه وحتى 4 فبراير 2015م فإن عدد النازحين وصل الى حوالي 1.5 إضافة الى حوالي 500 ألف لاجئ جنوبي فروا الى البلدان المجاروة. ومع تمكن وكالات المعونة من الوصول الى 4.9 مليون شخص إلا أنه لم تتم تلبية الاحتياجات الكاملة لهم.
أما فيما يخص حماية المدنيين فقد سجلت بعثة الامم المتحدة 364 حادثة تراوحت ما بين السرقة والعراك والعنف الجنسي. التقرير يتضمن أيضاً حالات انتهاك حقوق الانسان والهجمات الواقعة على المدنيين ووصلت هذه الانتهاكات حتى لداخل المساجد في مدينة بانتيو والاعمال العدائية التي تقع غالباً بسبب الاصل الإثني والجنسية والهوية القبلية.ويخلص التقرير الى نقطة مركزية مهمة، يؤكد عليها الامين العام للامم المتحدة بقوله إن المسئولية الرئيسية عن إيجاد تسوية للنزاع في جنوب السودان تقع على القائدين كير ومشار. ويطالب الامين العام بإصرار بضرورة اخضاع الانتهاكات والتجاوزات الى المساءلة، مكرراً المنشادة لطرفيّ الصراع الى عدم اضاعة الفرص المواتية للسلام فى ظل عد إمكانية إبقاء البلد بكاملها -على حد تعبير الامين العام- رهينة لطموحاتهما الشخصية!

الانتباهة