عثمان ميرغني

الحوار.. بمن حضر!!


حزب المؤتمر الوطني ينتظر الانتخابات.. وأحزاب المعارضة “المحاورة” تنتظر المؤتمر الوطني ليخرج من الانتخابات ليبدأ الحوار.. والمعارضة “غير المحاورة” تنتظر (الطامة الكبرى) التي تريحها من المؤتمر الوطني وحكومته.. دون أي شرط أو قيد على نوع ومقدار هذه (الطامة الكبرى).. بينما شعب السودان ينتظر الجميع حكومة ومعارضة أن يدركوا أنه ما عاد في وسعه الانتظار أكثر مما انتظر..
هذه الحالة تسمى علمياً )الدائرة المفرغة) Vicious circle .
لأن الكل في انتظار الكل.. فتصبح البلاد كلها في انتظار المجهول..
للخروج من هذه الحالة.. لا بد من فكرة ذكية.. تنظر في (المعطيات) الموجودة حالياً. وآفاق الخيارات المتاحة لمعالجتها..
أقترح.. أن تكسر الأحزاب (المحاورة وغير المحاورة) هذه بابتدار حوار (بمن حضر) فمثل ما يرفع المؤتمر الوطني شعار: (الحوار بمن حضر) فتبدأ الأحزاب حواراً بمن حضر.. إلى أن يفرغ لها المؤتمرالوطني من انتخاباته الأحادية..
اقترح عقد مؤتمر المائدة المستديرة الذي دعوت له أكثر من مرة من خلال هذا المنبر.. تكوَّن لجنة ثلاثية.. من ثلاثة شخصيات قومية مشهود لها بالحياد الإيجابي.. (مثلاً الدكتور الجزولي دفع الله رئيس الوزراء الأسبق).. هذه اللجنة تتولى الإعداد والإشراف على إدارة مؤتمر المائدة المستديرة (بمن حضر)..
المرحلة الأولى من مؤتمر المائدة المستديرة تدار عبر الأثير الافتراضي بما يسمح لأي سوداني داخل وخارج السودن أن يساهم في وضع الأسس الإطارية التي يقوم عليها المؤتمر.. والأمر في هذا لن يستغرق أكثر من أسبوع لأن وسائط التواصل الإلكترونية فعَّالة وسهلة ومنتشرة بما يجعل من كل السودانيين الحادبين على وطنهم جمعية عمومية تشارك في وضع الأطر التي ينبني عليها مؤتمر المائدة المستديرة..
المرحلة الثانية.. مرحلة التداول المفتوح.. مؤتمر مائدة مستديرة في أي قاعة في الخرطوم.. لكنها مفتوحة على الهواء مباشرة في بث مباشر عبر الفضائيات والانترنت ليراقب كل السودانيين مجرياتها.. على الأقل ليتعرفوا عن قرب على منطق كل الأحزاب والمكونات السياسية.. وهذه لا تحتاج إلى أكثر من ثلاثة أيام بلياليها..
المرحلة الثالثة والأخيرة.. الخلاصات والنتائج.. ويشارك فيها خبراء تكنوقراط وأكاديميون للوصول إلى المفردات التي ينبغي أن يقوم عليها الحل السوداني.
علاوة على سهولة تنفيذ هذه الفكرة لأنها لا تحتوي على أية محطات (انتظار) فإنها متواضعة التكلفة.. يستطيع أي فاعل خير محسن أن يتحملها..
أولويات الوطن والمواطن كثيرة وعاجلة لا تحتمل الانتظار.. لكن الساسة (بالهم طويل) لأنهم ينظرون إلى الأزمة من زاوية حادة مترهلة بشحوم المصالح الحزبية والذاتية وربما الشخصية..
نحن وطن مترف بالثراء.. يقتلنا الظمأ والماء فوق ظهورنا محمول. فلماذا ننتظر..
لماذا لا نحك جلدنا بظفرنا وننطلق نحو آفاق الحل.. وهو حل سهل متوفر بكثرة عند أول محطة إذا تحرك القطار بجدية..
ماذا ننتظر؟؟