يوسف عبد المنان

غياب مرشحين


يغيب عن الساحة السياسية في الولايات المرشحون لرئاسة الجمهورية باستثناء المرشح “عمر البشير” الذي بدوره اختار مخاطبة رئاسات الولايات فقط.. ولساعات محدودة جداً، ولم يفكر المؤتمر الوطني في تمديد زيارة “البشير” للمحليات وأن يمكث في كل ولاية ثلاثة أو أربعة أيام.. أما المرشحون الآخرون لمنصب الرئيس فأمرهم عجيب وغريب جداً، هؤلاء يكثرون من الإطلالة على أجهزة الإعلام من الخرطوم.. يتحدثون عن الانتخابات من الخرطوم.. صورهم في الخرطوم.. كأن الانتخابات ستجري فقط في الكلاكلة وأم بدة.. والحاج يوسف.. نعم الخرطوم يبلغ عدد سكانها نحو (7) ملايين نسمة وتمثل ثقلاً انتخابياً كبيراً، والنائب البرلماني الذي يمثل سكان بري والكلاكلة والحلفايا.. يختلف عن النائب البرلماني الذي يمثل صقع الجمل و(أضان الحمار) وتنقاسي السوق.. وهيا درديب.. الاختلاف أن النائب البرلماني الخرطومي لا تأتي به عصبية قبيلة ولا محاصصات محلية.. تذهب الدائرة في الانتخابات هذا العام لخشم البيت الفلاني لأنها ذهبت في الانتخابات الماضية لخشم البيت العلاني، وكثيراً من الكفاءات النادرة حرمتها مثل هذه الممارسات من تمثل مناطق هي الأجدر بها من غيرها.
السادة المرشحون لمنصب رئيس الجمهورية لا يعلم الناخب عنهم حتى الآن شيئاً.. وإذا كان المرشح “عمر البشير” مشغولاً بقضايا الحكم والدولة والسلطة والأمن والعمليات والعلاقات الخارجية ويتعذر عليه طواف القرى والفرقان وإقامة الندوات الجماهيرية.. وحث الناس على التصويت لحزبه فإنه بذلك يخلي الساحة لمنافسيه (ليلعبوا) في منطقته ويحرزون الأهداف في شباك المؤتمر الوطني، ولكن مرشحي رئاسة الجمهورية حالهم يغني عن السؤال عنهم.. ينشطون فقط في صفحات (الجرائد).
يتحدثون في الإذاعة لساعات من خلال توقيت (ميت) وحلقات مسجلة ببثها التلفزيون القومي لهؤلاء المرشحين بطريقة (مملة).. وكان الأحرى بهؤلاء المرشحين الانتقال إلى الولايات وإقامة الندوات الجماهيرية في الميادين العامة.. والأسواق وتوزيع الملصقات في كل مكان لإضفاء حيوية على الساحة السياسية التي يسودها في الأقاليم حزب المؤتمر الوطني وحده وبعض المرشحين المستقلين والحزب الاتحادي الديمقراطي، وبعض قادة المؤتمر الوطني في (مأزق حقيقي) وسقوط بعضهم مسألة حتمية لصالح مستقلين أو قيادات من المؤتمر الوطني (غاضبين وزعلانين) أو مغضوباً عليهم!!
في يوم (الأربعاء) الماضي وأنا في مدينة الدلنج التي تمثل العاصمة الثقافية لجنوب كردفان وفي دكان رجل الأعمال الأنصاري (أبو شلوخ) “محمد إبراهيم حماد” جاء رجل يتأبط صوراً وملصقات دعائية لمرشح مستقل وطلب من الأنصاري “محمد إبراهيم حماد” السماح له بوضع ملصقات المرشح في واجهات الدكان.. سمح له الأنصاري الذي يقف بعيداً عن الانتخابات ورغم ذلك يمثل دكانه ملتقى للسياسيين والمرشحين، سألت الرجل الذي يتولى وضع الملصقات عن المرشح الذي يعمل لصالحه وعن برامجه.. ضحك الرجل وقال (يا أخي أنا ما بعرفوا لكن أتقاضى عن وضع الملصقات خمسين جنيهاً.. في اليوم بعد أن يقوم هو بتوفير الصمغ والريشة ومن قبل قمت بوضع ملصقات للزول ده في إشارة للأخ “ساتر” مرشح المؤتمر الوطني للمجلس التشريعي).
الانتخابات رحمة على قطاع عريض من المواطنين لما توفره من فرص عمل.. وقد بلغ إيجار العربة اللاندكروزر (2) ألف جنيه في اليوم الواحد داخل الخرطوم، وأربعة آلاف جنيه خارج الخرطوم، كل ذلك في غياب المرشحين أمثال د.”فاطمة عبد المحمود”.. و”شعيب” و”البارودي” عن الساحة السياسية في الأقاليم!!
فكيف يكون الحال لو دخل حلبة التنافس الانتخابي لاعبون كبار؟ أما اللاعبون الحاليون وبكسلهم عجزهم عن الوصول للولايات فإنهم يهدرون فرصاً على أنفسهم ويحرمون الولايات من حقوقها.